العيد في لحج .. والمهمة الشاقة للبحث عن المتنفسات والحدائق

> تقرير/هشام عطيري:

>
  • مشاريع سياحية مهملة منذ 1994م
مع كل مناسبة عيدية يتجدد حديث المواطنين في محافظة لحج، ومطالباتهم للسلطة المحلية بإنشاء المتنفسات وحدائق الألعاب للأطفال ولعائلاتهم، ليتسنى لهم قضاء أوقات ممتعة، أسوة بالمواطنين في محافظات أخرى اهتمت قياداتها بإنشاء متنزهات وحدائق وأماكن ترفيهية، سواء أكانت عبر حث السلطات المحلية للمستثمرين على إنشاء مثل هذه المشاريع، أم تتبني السلطات نفسها إقامة المتنزهات.

السلطات المتعاقبة في محافظة لحج منذ العام 1994م حتى اليوم لم تضع خططًا وبرامجًا فعلية لإنشاء مشاريع ترفيهية لأبناء لحج، التي تشهد تقلص رقعتها الزراعية، وانتهاء العديد من البساتين المشهورة، أهمها بستان الحسيني، الذي كان يتغنَّى به الشعراء، وفي مقدمتهم الأمير أحمد فضل القمندان، كما كان يعد مزارًا يوميًا لمئات الأسر من المحافظات المجاورة، في تلك الفترة الزمنية الخالدة، إلا أنه من يزر بستان الحسيني اليوم يتحسر على ما جرى لهذا المعلم الزراعي، فقد ماتت أشجاره المتنوعة التي جلبها القمندان من الهند، و كانت تزين هذا البستان.

وعلى الرغم من أن بستان الحسيني يعد أهم متنفس طبيعي لأهالي المحافظة، ومزارًا للمواطنين من خارجها وكذا السواح، إلا أن ما أصابه من خراب لم يكن وليد اللحظة، إنما هو تراكم لأعوام من الإهمال، أفضى إلى اندثار موقع أقل ما يقال عنه أن بستان ومنطقة جذب؛ بل هو حضارة وتاريخ عظيم شاهد على الزمن الجميل.
الشاعر حسين أبو بكر المحضار رحمة الله عليه زار بستان الحسيني في العام 1974م، وعند زيارته وجد هذا البستان المرسوم في ذهنه بواسطة كلمات القمندان مغاير لما هو على الواقع لينظم هذه القصيدة بعنوان "في الحسيني ولغصان دنَّنْ طاب الزمن" التي قال فيها:

بعد غيبة تشاهدك عيني

قل لها بالخبر يالحسيني

هل ترى أنت عن أمس أحسن

كنت أحبك من أول سنيني

أجيك في أوقات وفيها تجيني

وأذكرك في دجَى الليل لا جن

كنت مديون وأوفيت دَينْيِ

كانت أسرار بينك وبيني

وأتعبونا اليوم أهل الكود وأبين

قمري البان يسمع أنيني

والقمندان وينك وويني

يمكن أنه مع انتي آنَ

يا حبيبي وفي الحب ديِني

هات يمينك وخذ ذا يميني

عهد لحباب من ينقضه من

عدنان سعيد مواطن لحجي يشير إلى أن المحافظة تمتاز برقعة زراعية ومناظر خلابة امتزج اسمها ببستان الحسيني، إلا أنها تخلو من أي متنفسات سياحية وحدائق ألعاب أو مشاريع استثمارية في هذا الجانب، لافتًا إلى أن الأهالي في الأعياد والمناسبات يفضلون الذهاب لمدينه عدن لقضاء وقتًا ممتعًا مع أسرهم، بحثًا عن مساحات لعب وحدائق سياحية.

وكشف عدنان عن محاولة بعض المستثمرين البدء بتنفيذ مشاريع سياحية في بعض مناطق تبن، وخاصة في رأس الوادي الأعظم، وكذلك بناء حدائق ألعاب في مواقع مختلفة من المحافظة، إلا أنهم واجهوا مشاكل جمَّة من قبل السلطة، حيث تتدخل عدة جهات تدعي ملكية الأراضي التي ستقام فيها تلك المشاريع، دون أن تحل الجهات المختصة الإشكاليات المعيقة لإتمام المشاريع، والفصل في ملكية الأراضي.

خلو المحافظة برمتها من أي مساحة ترفيهية، أو مدينة ألعاب، دفع ببعض المواطنين في مدينه الحوطة وضواحيها إلى صنع ألعاب محلية من الحديد، ووضعها في بعض المساحات غير المناسبة، لتكون موقعًا يتجمع في الأطفال للترفيه واللعب، مقابل مبالغ مالية زهيدة، إذ يحرص الأهالي على منح أطفالهم ساعات من المرح واللعب خلال فترة العيد، وإن كانت تلك الألعاب المحلية تشكل خطورة على سلامة الأطفال، وتستدعي مراقبة الأهالي لأبنائهم أثناء اللعب، خوفًا من حدوث مكروه.

ويقول ياسر المقبلي أن لحج تتميز بوجود العديد من المواقع التي تمتلك مقومات سياحية، مثل دار العرائس الذي يُعد من المواقع السياحية التي تحتاج لإقامة مشاريع ترفيهية للأطفال والعائلات، وإنشاء الحمامات العامة في هذا الموقع، الذي تحيط به المزارع الخضراء من كل الاتجاهات، ويطل على الوادي، وهو ما يستدعي الاهتمام به خاصة وباقي المواقع الأخرى بصورة عامة.

وأوضح المقبلي أن دار العرائس يأتي إليه يوميًا الكثير من الزوَّار من كافة مناطق لحج في العطل الرسمية والمناسبات، حتى في هذه الأيام، أي إجازة العيد، ويشهد الموقع إقبالًا جيدًا من قبل المواطنين اللذين يستمتعون بمشاهدة المناظر الطبيعية الخضراء، وتدفق السيول في الوادي.
وطالب المقبلي بلسان حال أهالي المحافظة بتفعيل العمل السياحي بلحج، كونه مصدرًا ممتازًا لدر الأموال، في حال تم استغلالها بشكل جيد، ومن خلال إنشاء المشاريع السياحية من قبل المستثمرين والترويج لها، وتذليل العراقيل أمام تنفيذها من قبل السلطات الحكومية.

وكدليل على الإهمال المتعمَّد الذي يعاني منه القطاع السياحي في لحج، فإن مشروع حديقة لحج بمنطقة جلاجل لا زال متعثرًا منذ 27 عامًا، وتحديدًا منذ العام 1994م، حيث كان مخططًا أن يتم إنشاء حديقة ألعاب ترفيهية، إضافة إلى حديقة عامة، لكن السلطة المحلية حينها في الفترة الماضية لم تبادر لحل الإشكالية بين المستثمرين والمدعين لملكية الأرض حتى الآن.

وفيما يتبنَّى صندوق النظافة وتحسين المدينة في عدد من المحافظات، مسؤولية إنشاء المواقع الترفيهية والحدائق العامة والمتنزهات، لا يزال صندوق نظافة وتحسين لحج بعيدًا كل البُعد عن الخوض في مثل هكذا مشاريع، على الرغم مما يتحصل عليه من إيرادات نقدية، تقدر بمئات الملايين، فقيادة السلطة نفسها لم تضع من ضمن برامجها مشاريع ترفيهية سياحية في المحافظة، ولم تفتح أبوابها للمستثمرين الجادين، لتظل الأسر هناك تبحث عن متنفسات تقضي فيها وأطفالها إجازات الأعياد والمناسبات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى