من المسؤول عن التدهور؟

> تدهورت الأوضاع الاقتصادية والخدمية في عدن خاصة والجنوب بشكل عام، ووصلت حد الانهيار بسبب الاحتلال اليمني وتراكمات سياساته خلال 27 عاما مضت، ثم بسبب الحرب التي شنها الغزاة اليمنيين الجدد في عام 2015 م على الجنوب، وضربات التحالف وسياساته خلال 6 السنوات الماضية، وهي عمر الحرب، وسياسات وفساد حكومة هادي والسياسات الخاطئة للمجتمع الدولي، وعدم قيامة بمسؤوليات تجاه مثل هذه الأزمات، ولا ننسى سلبية المجتمع وقواه ونخبه السياسية والمجتمعية، فالكل ساهم في هذا التدهور، البعض بشكل متعمد والبعض الآخر نتيجة السياسات الخاطئة التي انتهجها.

والسؤال المهم ما مسؤولية المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تم تأسيسه في منتصف العام 2017م، أي بعد مضي عامين كاملين على الحرب، والذي مر على تأسيسه ثلاث سنوات فقط؟ لهذا فإن علينا أن نعود إلى إعلان عدن التاريخي الذي تم من خلاله تفويض عيدروس قاسم الزبيدي بالتالي:

1- تشكيل قيادة سياسية برئاسته.

2- تتولى هذه القيادة السياسية حمل القضية الجنوبية.

3- إدارة الجنوب.

وقد جاء هذا التفويض بعد التدهور الاقتصادي والخدماتي وإقالة عدد من القيادات الجنوبية، التي كان لها دور مشرف في المقاومة الجنوبية ضد غزاة الجنوب الجدد، وفي ظل أن الجنوب تحت إدارة حكومة هادي ودول التحالف والمجتمع الدولي، وفي ظل محاولات شرسة لتقويض النصر الجنوبي واختطافه من حكومة هادي، التي يتحكم فيها حزب الإخوان المسلمين فرع اليمن (حزب الإصلاح) وقد تحقق البند الأول من التفويض، الخاص بتشكيل قيادة سياسية، واستطاع المجلس الانتقالي (القيادة السياسية التي نص عليها التفويض) من اكتساب شرعية داخلية من خلال هذا التفويض والمليونيات اللاحقة المؤيدة له، كما تمكن من انتزاع شرعية محلية وإقليمية ودولية، من خلال التوقيع على اتفاق الرياض مع الحكومة اليمنية المعترف فيها دوليا بحضور إقليمي مميز وتأييد من المجتمع الدولي، والعمل يجري علي تحقيق البندين الآخرين،

فعلى صعيد حمل القضية الجنوبية، تمكن المجلس الانتقالي من أن يكون حاملا للقضية الجنوبية وامتلاك رؤية سياسية لها ولحلها، كما نقلها خطوات متقدمة من الإطار المحلي إلى مواقع الدوائر والقرار السياسي المحلي والإقليمي والدولي، وتمكن من انتزاع مقعد على طاولة المفاوضات السياسية للحل النهائي لمشاكل المنطقة، ومن ضمنها القضية الجنوبية وبرؤية خيار الدولتين.

أما على صعيد البند الثالث والخاص بإدارة الجنوب فإن هذا الأمر أكثر تعقيدا، بسبب تداخل عدة أطراف، لها وجود في الجنوب، وأهمها حكومة هادي المعترف بها دوليا، ودول التحالف المخولة من مجلس الأمن والمجتمع الدولي في إطار مكافحة الإرهاب، فارض الجنوب حينها لم تكن بيد الانتقالي أو تحت سيطرته، ولا يمتلك قوات تمكنه من السيطرة عليها حتى يتمكن من ممارسة سلطات انتقالية، فحاول المجلس أن يستكمل بناء هيئاته وبناء قوات مسلحة وأمن جنوبية، تأتمر بأمره، وتمارس سلطات انتقالية، وقد حقق نجاحا في ذلك، ومكنته هذه القوات من السيطرة العسكرية والأمنية والسياسية على الأرض، حيث خاض معارك شرسة لتحقيق ذلك، وقدم المزيد من التضحيات.

ولا زالت حتى اليوم المناطق الشرقية، ومكيراس من محافظة أبين ومحافظة شبوة ووادي حضرموت تحت سيطرة الإخوان المسلمين وقوى الإرهاب المتدثرة بغطاء الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وهذه المناطق هي مناطق الثروات النفطية والغازية، وهي أهم موارد الجنوب حاليا.

ونتيجة لأن الإدارة والخدمات والاقتصاد بيد الحكومة اليمنية، التي يدعمها التحالف العربي، ويتدخل في اليمن تحت مظلتها، فقد ظلت إدارة الجنوب بيدها إلى أن جاء اتفاق الرياض، وشكلت حكومة المناصفة، وشاركها في هذه الحكومة المجلس الانتقالي، لعل بنود اتفاق الرياض ستساعد على تحرير بقية الأراضي وتمكنه مبادراتها وفق اتفاق الرياض، وعند تلك الحكومة اليمنية، من تنفيذ اتفاق الرياض.

أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي الإدارة الذاتية وصولا إلى إدارة الجنوب إلا أن مفاوضات الرياض 2 قد كلفت الانتقالي التخلي عن الإدارة الذاتية مقابل السير في تنفيذ اتفاق الرياض، الذي توقف بمجرد تشكيل حكومة المناصفة، وتعيين محافظ عدن، ولهذا نرى الانتقالي اليوم يلوم بخيارات عدة أمامه، يمكنه استخدامها في حال ظلت الحكومة تماطل في تنفيذ اتفاق الرياض، وعدم معالجة الأوضاع المتدهورة.

وبعد كل هذا، عزيزي القارئ، اعتقد أنك قد أدركت من المسؤول عن تدهور الأوضاع ووصولها حد الانهيار، والانتقال لا يمكنه أن يصمت عما يدور، حتى نجد انفسنا نوصل شعبنا إلى يوم الخلاص، وهم جثث هامدة أو شعب مريض ممزق تفتك به الأمراض وسوء التغذية، مشتت التفكير، منهار القوى، متخلف وجاهل، لا يستطع أن يدافع عن استقلاله، ولا يستطع أن ينهض ببناء الدولة الجديدة.

لهذا، إن استمرار توفر شروط العيش الكريم هي مهمة أساسية، من مهام المجلس الانتقالي الجنوبي، مع الحفاظ على اللحمة الجنوبية، وتجاوز كل الأمراض السياسية السابقة، التي فتكت به ليصل إلى يوم الخلاص، وهو شعب قوي ومتعاف وصحيح وموحد وخال من كل الأمراض.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى