اكتئاب ثقافي

> أتساءل هل ممكن أن نوصف الملل أو ما هو أكثر منه بعدم وجود رغبة وشوق للقراءة والكتابة، بل أحياناً تعجز عن الرد على رسائل "واتساب" أو التعليق عليها، وهي لأصدقاء عزيزين ومقامهم في القلب والوعي والوجدان.
هل ممكنٌ أن نطلق على حالتنا هذه -التي لا أعاني منها لوحدي- مصطلح الاكتئاب النفسي، وهي عدم الرغبة في التعليق أو الكتابة حول ما يدور حتى مع أعز الأصدقاء. تكتفي بإلقاء نظرة على الرسائل دون الرد. هل ممكنٌ أن نطلق عليها مصطلح الاكتئاب الثقافي؟

لقد ناقشت الموضوع مع مثقفين من الجنسين واسعي الاطلاع، ومثقفين من الطراز الرفيع، فاستحسنوا المصطلح، بل أكدوا حدوث مثل هذه الحالة لهم عدة مرات.

إن وصولنا لحالة الاكتئاب الثقافي لم تأتِ مصادفة أو جزافاً، بل هي من وجهة نظري الشخصية ناتجة عن الانسداد المتعمد للحياة السياسية والاقتصادية والركود في التنمية بل انعدامها، وكذلك الفساد السياسي والحزبي وفساد النخب المجتمعية والحزبية، وتدمير وإفقار الطبقة الوسطى لمجتمعنا، ومعلوم اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً أن إفقار الطبقة الوسطى، وهي رابطة الهرم المجتمعي، ينتج عنها هذا الفساد الشنيع والتدهور المريع في صنوف الخدمات، لأن ثلة قليلة في أعلى الهرم قد استولت على كل شيء، وأحرمت الطبقة الوسطى وقاعدة المجتمع من كل شيء، إلا بما تجود به هي للحصول على مكاسب سياسية لا تمت بصلة لخدمة ورقي المجتمع.

فعلاً هناك من يعيش معي حالة الاكتئاب الثقافي لهذه الأسباب التي سدت في وجوهنا سبل الحياة الكريمة، وحرمتنا رواتبنا ونغصت علينا استقرارنا النفسي من خلال تردي خدمة الكهرباء ونقص المياه في مدينة أشبه ما تكون بالفرن الذي لا ينطفئ أبداً، رغم سحرها وجمالها وجمال شواطئها.
نعم، وصلنا لحالة الاكتئاب الثقافي رغماً عنا، وتجمد الفكر وجفت منابع الشعر رغم حبنا له، فهو أفضل من يصف ويحلل الأمور بكلمات قليلة تحفظ عند الناس بكل سهولة إلى ما شاء الله.

إنني أعتذر لكل أحبائي في وسائل التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، "واتس أب" على عدم التفاعل كثيراً، فالموضوع خارج الإرادة بسبب وصولي لحالة الاكتئاب الثقافي، وأجهد نفسي للإيفاء بمقالاتي الأسبوعية لصحيفة الشعب والناس أجمعين "الأيام" الغراء.

بودي أن أكتب الشعر في كل موقف وأعلق وأرد على كل رسالة من الأصدقاء، لكن فليعذرني الجميع، لأننا نعيش في عدن حرب شعواء وقذرة تتحملها جهات يعرفها القاصي والداني، وهي المقصرة وهي المتعمدة في التنكيد والتنغيص على حياتنا، حتى أن رمضان مر كله والكهرباء لا تأتينا سوى ست ساعات من 24 ساعة، والعيد مر بدون راتب وغالبية الناس لم يستطيعوا أن يكسوا أطفالهم، ولذلك فالدموع هي التي حضرت على وجوه الأطفال، والهم والغم سكن قلوب الآباء والأمهات وهم يرون دموع أطفالهم تسح على الخدود.

قاتل الله من حرم الناس فرحة العيد، وجنبكم الله الكآبة الثقافية والنفسية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى