جسر قميشة في خنفر بين رعاية بريطانيا وتدمير حكومات الوحدة

> تقرير/ عبدالله الظبي:

>
  • ​تخاذل حكومي ينذر بكارثة إنسانية وخسائر فادحة للمزارعين
إهمال وتخلف عن أداء المهام، أدى إلى حرمان أكثر من 9 آلاف فدان من الأراضي الزراعية في منطقة دلتا أبين من مياه السيول، فالضرر التي تعرض له جسر قميشة في منطقة باتيس بمديرية خنفر يستدعي تدخلًا عاجلًا لإصلاحه، وتدارك الأضرار الكارثية التي قد تنجم في حال هطول الأمطار بغزارة، كما حدث أثناء المنخفضات الجوية الماضية .

السلطات المحلية تجاهلت مطالبات أهالي المنطقة والمزارعين بإصلاح الجسر، ووزارة الزراعة والري هي الأخرى اختارت التجاهل لتلك المطالب، التي يمكن مع تنفيذها إنقاذ مئات الأرواح ورؤوس الأموال للمزارعين البسطاء.
ويعد جسر قميشة ثالث أهم الجسور بعد سدي عرشان وباتيس، حيث تم إنشاؤه في أربعينات القرن الماضي من قبل الحكومة البريطانية، والتي دفعت آنذاك مبلغ 60 مليون جنية إسترليني لإنشاء شبكة الري في المنطقة، وهو أضخم مبلغ تدفعه الحكومة البريطانية خارج حدودها، أي في المحميات، حسب مسؤول في مكتب وزارة الزراعة في المحافظة.

وظل الجسر محفوفًا بالرعاية والاهتمام خلال فترة الاحتلال وما بعد الاستقلال، حتى عشية الوحدة، ليبدأ حينها العد التنازلي للاهتمام بمنظومة الري كبقية الجوانب الأخرى، حيث تعرض الجسر إلى التدمير بشكل كامل، جراء السيول التي شهدتها المنطقة في العام الماضي، ما أدى إلى تخريب الكثير من تلك الأراضي الزراعية بالمنطقة.

وتسبب تراجع الجهات المعنية في السلطات المحلية بالمحافظة، أي وزارة الزراعة، عن بناء وتأهيل جسر قميشة إلى حرمان أكثر من  9آلاف فدان من الأراضي الزراعية بمنطقة دلتا أبين من مياه السيول.
كما أدى تأخر الجهات المختصة عن تأهيل وبناء جسري قميشة وعرشان، اللذين تعرضا للانهيار جراء ارتفاع منسوب مياه السيول في العام الماضي، إلى تخريب الأراضي في المنطقة، فترة الموسم الزراعي السابق، إذ مرت أكثر من 8 أشهر وجسر قميشة خارج الجاهزية، مهددًا بحرمان الأراضي الزراعية من مياه السيول، في حين المزارعين في منطقة باتيس يطالبون بسرعة العمل لإصلاح الجسر، حتى يتمكنوا من ري أراضيهم الزراعية الخصبة.

مدير الإرشاد الحقلي بمحافظة أبين م. فرج الشراء، تحدث لـ"الأيام" عما تعرض له الجسر من أضرار جراء تدفق السيول قائلا: "يعد جسر ساكن قميشة، الجسر الثالث من حيث الترتيب والأهمية لمنظومة جسور حوض دلتا أبين، ففي الناحية الشرقية ساقية ميكلان، ومن الناحية الغربية ساقية عرشان، ويقع هذا الجسر في منظومة الجسور الوسطى، والتي تستلم المياه من سد باتيس، الجسر رقم واحد، أي في قلب حوض الدلتا، وخط امتداد الساقية هو باتيس الحصن جعار المخزن.

وأفاد الشراء أنه خلال الأحداث التي شهدت المحافظة، تم  تدمير قطاع الزراعة على وجه الخصوص، وهو العمود الفقري الذي نهضت به أبين والجنوب عمومًا، " تم تدمير الأسطول الخاص بإدارة الري من سيارات، وشيولات، وتراكتورات، ومعدات صيانة، وتقاسمها بين أمراء الحرب والفيد في الأعوام 1994 ،2011، 2015، كما تم تحويل كوادر الري وعماله إلى المعاش التقاعدي لأحد الأجلين، وعدم استبدالهم بعمال أو كوادر أخرى، حيث كان يعمل بإدارة الري أكثر من 500 عامل وعاملة، لم يبقَ منهم على أرض الواقع سوى عمال بعدد أصابع اليدين، مع إهمال تام لمنظومة الري وأعمال الصيانة والترميم، إلا من أعمال بسيطة تتمثل في جرف الرواسب من السواقي الرئيسة، مما أدى إلى تهالك المنظومة وتعرضها للإعطاب، نتيجة ضغط السيول عليها".
وأشار الشراء إلى أنه جرى رفع تقارير للمطالبة بإصلاح منظومة الري، ودعوة القنوات الفضائية لتسليط الضوء على هذه المشكلة التي يمكن أن تتسب بكارثة بالنسبة لسكان المنطقة وأصحاب المزارع، مؤكدًا أنه لم تكن هناك أي استجابة.
 وقال : "في الثلاثة الأعوام الماضية تعرض هذا الجسر لتصدعات وتشققات؛ بل حتى انهدم الجزء الخلفي منه، وتم حينها عمل بعض الترقيعات للجسر، عن طريق جمعية دلتا أبين، التي شكلها المزارعون، لكن الترقيعات لم تكن تتوافق والمتطلبات الهندسية لبنائه وعودته إلى ما كان عليه عند الإنشاء، لتتضاعف هذه المرة المشكلة، حيث دمر الجسر في الموسم السابق نهائيًا، وتوقفت عملية إمداد خط الري باتيس الحصن الرميلة والمخزن، ونادينا حينها للإسراع ببناء الجسر فمرت الأيام والشهور بالمتابعات الروتينية، وها هي السيول تمر في بقية السواقي وتتوقف في هذه الساقية، فإن مرت المياه في الساقية دمرت بالجرف أكثر من 20 ألف فدان، وإن توقفت المياه فيها حرمت أكثر من خمسة وثلاثين ألف، والخياران أحلاهما مر" ..

وتابع : "لا نزال نناشد لسرعة إنشاء الجسر وفقًا لتصاميمه الهندسية عند الإنشاء؛ لأن أي اجتهادات عشوائية أو غير مدروسة لن تؤدي إلا لمضاعفة المشكلة، مع ملاحظة أن الجسر كان على انحدار أكثر من 3 متر من مصب الماء، وعليه فإنه يجب الإسراع لصيانة منظومة الجسور والسدود وبسرعة، وعلى وجه التحديد سد باتيس، وسد الهيجة، وجسر بارمادة في اللكيدة، وجسر كبث، وجسر شاقة باعمر، وبقية الجسور، والاهتمام بالري، وتعيين عمال ري جدد، وتوفير الحد الأدنى من البنية التحتية".

وقال أحد المزارعين ويدعى عبدالله محسن السنيدي: "نحن المزارعون في المنطقة، للأسف الشديد، تضررت الكثير من المزارع، خاصة جراء انهيار الجسر، الذي يعد من أفضل الجسور في المنطقة، فنحن نستفيد من الجسر في الري، لكن اليوم أصبحت تلك الأراضي معرضة للانهيار والتخريب، بسبب عدم إصلاح الجسر، وإعادة تأهيله من جديد، حتى يكون صالح لمرور مياه السيول عبره إلى الأراضي ".

وأكد:" منذ انهيار الجسر لم تقم الجهات المعنية بأي تحقيق حول سبب انهيار الجسر، الانهيار مر عليه أكثر من ثمانية أشهر، ونحن لم نشاهد الجهات الحكومية قامت بإعادة الإصلاح، لذا فإننا عبر صحفية "الأيام" نناشد رئيس مجلس الوزراء في حكومة المناصفة، ووزير الزراعة والري، والسلطات المحلية، بإعادة النظر في وضع الجسر، حتى نستفيد منه في ري الأراضي الزراعية، التي حرمت من مياه السيول لهذا الموسم".

من جانبه قال عبدالله راجح، أحد سكان حي قميشة :"بالنسبة لنا نحن سكان الحي الأكثر تضررًا جراء انهيار الجسر، والذي سوف يؤدي إلى تعرض الكثير من المنازل إلى الانهيار الكلي، كون الجسر قريب منا، هذا إذا لم يتم إصلاح الجسر بأسرع وقت ممكن، فسوف تكون هناك كارثة إنسانية كبيرة، سوف يروح إذا سمح الله ضحايا من السيول التي اليوم قد وصلت إلى سد باتيس، نحن اليوم في خطر كبير، لذلك نطالب الجهات المعنية بسرعة إعادة تأهيل الجسر، حتى لا تكون هناك كارثة لا يمكن تداركها حينها".

وأضاف أنه "في الموسم الماضي عندما جاءت سيول الأمطار، والتي استمرت حوالي أسبوع في التدفق، تضررت الكثير من المنازل، وإلى اليوم لم تقم الجهات المعنية في مكتب الزراعة والري والسلطات المحلية بتعويض الأهالي، الذين تضرروا، ما اضطر الكثير منهم إلى إعادة تأهيل منازلهم بحسب الإمكانيات المتاحة لهم، مع الأخذ بعين الاعتبار أن معظم سكان تلك المنطقة يعملون في الأراضي الزراعية بمنطقة باتيس، وليسوا من أصحاب الدخل الشهري".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى