> «الأيام» "خيوط":
يعمل جيش من العمال في نظافة المستشفيات التي تنتشر في مختلف المناطق والمدن اليمنية، وسط بيئة موبوءة صحيًّا، نتيجة الزيادة الكبيرة لأعداد المصابين بفيروس كورونا، حيث تتفاقم الإصابات بصورة مهولة، وسط غياب الإحصائيات الرسمية الدقيقة، وتخلي السلطات الصحية في كافة مناطق البلاد عن الدور المنوط بها، من فرض وتنفيذ حزمة إجراءات احترازية وقائية للحد من انتشار الفيروس، والمساعدة في تقليل نسبة خطر الإصابات.
وتكاد تنعدم عن غالبية عمال النظافة كثير من وسائل إجراءات السلامة الوقائية من خطر الإصابة بفيروس كورونا في معظم المستشفيات، التي صارت مؤخرًا بؤرة لانتشار الفيروس، خلال موجته الثانية الفاقدة لكافة الإجراءات الاحترازية الضرورية والمهمة، وتحديدًا في أوساط المواطنين.
ويقول نجيب لـ"خيوط"، إنه يحرص جاهدًا على عدم ملامسة نفايات مرضى الجهاز التنفسي بصورة رئيسة، محاولًا الابتعاد عن العمل بذاك القسم، ليعمل في نظافة بعض الأقسام الأخرى داخل المستشفى.

ويوضح نجيب أن ما يحصلون عليه من راتب لا يكفي لتوفير مستلزمات الحماية من نفايات المرضى، في ظل عدم اهتمام كثير من المرافق الصحية بصحة عامل النظافة ومعيشته.
الطبيب طه الخالدي، البالغ من العمر (41 سنة)، يبدي انزعاجه من إيلاء إدارة غالبية المستشفيات مهمة النظافة لشركات نظافة خاصة.
الجيش المنسي توعويًّا
تتباين المهام التي يقوم بها عمال النظافة في المستشفيات، لكنهم جميعًا يعملون في بيئة خطرة صحيًّا على حياتهم وحياة أُسرهم، نظرًا لعدم خلو نفايات المستشفيات من مخاطر الإصابة بالأوبئة والأمراض المُعدية، نتيجة مخالطة العمال للمرضى ونفاياتهم.
وتغفل كثير من إدارات المشافي الاهتمام بدور عمال النظافة، والأثر الخطير المُحدق بحياتهم، كما في وضعنا الصحي الراهن. إضافةً إلى ذلك يفتقد عمال نظافة المستشفيات من الجنسين، إلى التدريب اللازم في التعامل مع نفايات المرضى والمصابين، في كيفية الرفع والإزالة والتنظيف، وتعقيم مكان المريض، وعدم توعيتهم بمخاطر ملامسة نفايات المرضى، وكيفية تجنب خطرها.

ولا تحظى هذه الفئة العاملة باهتمام وسائل الإعلام والناشطين في منصات التواصل الاجتماعي، من جانب التركيز على دورهم الأساسي في نظافة المستشفيات والثناء عليهم، أو توعيتهم بما هو مناسب لأخذ احتياطاتهم اللازمة؛ كون مقرات أعمالهم في المستشفيات أكثر خطرًا. وغالبًا ما يعمل في تلك المهنة أشخاص تكون مستوياتهم التعليمية متدنية، والبعض لم يخُض أي طريقٍ للتعليم، ذكورًا وإناثًا.
ويعمل هذا الجيش من عمال النظافة بصمت ودون ضجيج، يواجهون مخاطر الإصابة بفيروس كورونا القاتل، حيث لا يحظون بأي اهتمام إعلامي وتوعوي. كما أنهم لا يحصلون على مرتبات مجزية نظير الأعمال التي يقومون بها، والمخاطر الصحية التي يتعرضون لها من بيئة عملهم.
مخاوف تعرضهم للإصابة
مع تزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا، تبقى حالة الصمت في الإعلان عن خطورة الوضع الصحي من قبل السلطات المعنية، هي السائدة، إذ تستقبل المستشفيات في صنعاء، وفق مصادر طبية، عشرات الحالات التي يشتبه إصابتها بفيروس كورونا.
ويثير هذا الوضع قلق عمال نظافة المستشفيات، الذين يفتقد أغلبهم لوسائل الإجراءات الاحترازية اللازمة، ليقوا أنفسهم من خطر الإصابة بالفيروس.
سمير العزب البالغ من العمر (34 سنة)، عامل نظافة بأحد المستشفيات الخاصة في العاصمة صنعاء، يقول: "نخاف من الإصابة بفيروس كورونا، لكن ما بيدنا شيء لنفعله"، مؤكدًا أن الشركات الوسيطة الخاصة بتوفير عمال النظافة من الجنسين للمستشفيات، تقوم بالاستقطاع من رواتبهم الضئيلة، حيث لا تقوم بأي مسؤوليات تجاه عمال النظافة، الذين يتعرضون للظلم والإهمال، والمخاطر التي تهدد حياتهم.
وعلى الرغم من جهودهم التي يبذلونها، ونظرًا لخطورة أعمالهم التي تجعلهم أكثر الأشخاص عُرضة للإصابة بفيروس كورونا، إلا أن الرواتب التي يتقاضونها نظير الأعمال التي يقومون بها، ليست مجزية، ولا تكفي لتغطية مصروفاتهم الشهرية.
ويجهل كثير من القائمين على إدارة تلك المستشفيات، الدور الكبير والمهم لعمال النظافة في المستشفيات، وتبقى جهودهم مجرد خدمة إنسانية أشبه بالمجانية، نتيجة عدم التقدير لأتعابهم ومعاملتهم بنظرة دونية.