​التغيير هدف الشعب

>
تمضي بنا السنون، وننتقل من مرحلة عمرية إلى أخرى بشكل انسيابي دون شعور بتغيير جسماني قوي، سوى الضعف الفيزيائي المتنامي في أجسادنا. على الصعيد الذهني تتجلى إشارات تجارب العمر، في تجنبنا بحكم التجارب السابقة لكثير من الزلات التي كنا نمارسها في سنوات الأوج الزهرية سنوات الشباب. ربما أن تلك الخبرة هي المكسب الأكبر من التقادم العمري، وهذا المكسب كما نرى في الحياة من حولنا ليس متاحاً للجميع، فالكثير منا لا يتعظ ولا يتعلم مما سبق. لعلي أورد مثالاً يراه ويدركه الجميع أن نظرة سريعة للطبقة السياسية في بلادنا تحديداً، سواء في الحكم أو المعارضة كفيلة بجعلنا أن نتأكد من كثيرين لا يتعلمون من سنوات العمر. لن نغفل عن أن التطور الإنساني العلمي والتقني والمعلوماتي، وانعكاساته على تفكير البشر قد زاد من الهوة بين الأجيال وهذا أمر ندركه جميعاً. لذلك فمن الطبيعي أن تتغير الرؤى لدى الأجيال، وتتغير معها النظرة المستقبلية للحياة وما يحدث فيها من الأمور على كل المستويات. لا أظنني أجافي الحقيقة بأن مجتمعنا لا يزال يعاني من العقليات المترهلة بحكم السن التي لعبت أدواراً تتأرجح من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وفي كل المراحل التي عشناها خلال أكثر من نصف قرن من السنين. إنه لأمر مضحك لحد ما، ونحن نرى تلك القيادات الهرمة تتقافز هنا وهناك، وهي دونما خجل تحاول أن ترسم لجيل الربع الأول من القرن الواحد والعشرين مسارات حياتهم ومعها مسارات تطور المجتمع بشكل عام.

نقول لمن ذكرناهم: إن التاريخ الذي هم مأسورون لحباله، لا يمكن أن يسمح لهم أن يلعبوا أدواراً إضافية في صنع مستقبل الناس  بحكم قوانين التطور والتاريخ التي بمجملها تصب في نهر التجديد والتغيير المتصل والمتواصل الذي تسير فيه الحياة.
أنا من الناس الذين يؤمنون لدرجة اليقين بأن واحدة من أهم مشاكلنا في هذه البلاد هي أننا نخاف ونتهيب من التغيير في كل شيء. أنا أؤمن بأن لا حلول لمشاكلنا وأزماتنا سوى بتغيير العقول المستنفذة بالعقول الشابة المتنورة بنور العلم المتجدد ومعطيات الحياة المتغيرة دوماً، وأضيف أنني مع تغيير مستمر للقيادات، وأولها تلك التي سقطت في مستنقع الفساد حتى وإن كانت صغيرة السن. أنا مع تمكين الشباب في كل المستويات الرسمية وغير الرسمية، لكننا نعني بالشباب أولئك الذين ثبتت مصداقية حبهم لوطنهم ولشعبهم، أولئك الذين لا يتهيبون حتى من بذل أرواحهم من أجل هذا الوطن، والذين لن يبخلوا عليه ببذل جهدهم عرقاً ودماً وسهراً في خدمة شعبهم وناسهم، والذين يؤمنون بحق وطنهم وشعبهم أن يجد المكانة التي يستحقها بين الأمم، بعد أن أوصلونا الأوباش من الداخل والخارج إلى درجة أن نخجل من ذكر اسم وطننا وشعبنا.

نتطلع بأمل إلى أن التغييرات التي قام بها محافظ عدن في مؤسسة الكهرباء ستليها خطوات أخرى في أكثر من مؤسسة وهيئة ومصلحة ومكاتب وزارية. وأن يكون الشباب الأنقياء هم الأساس في عمليات التغيير مع تفعيل حقيقي لمبدأ الثواب والعقاب، ونهمس في آذان الرؤوس المهترئة والصدأة الفاسدة. ناموا بهدوء طالما مبدأ الحساب والعقاب لم يجد له مكاناً في حياتنا. ناموا فنوم أمثالكم غنيمة، وستنتصر حتماً قوانين الحياة التي لا تقبل أمثالكم من الجثث.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى