أربعة من الصحافيين الستة المفرج عنهم يحكون تعرضهم للتعذيب في سجون الحوثي

> «الأيام» "بي بي سي عربي":

>
  • ​يواجهون مصيرا مجهولا ويفكرون باللجوء السياسي..
يخرج هشام كل صباح قاصداً إحدى المستشفيات القريبة من بيته بالعاصمة المصرية القاهرة، طلباً للعلاج من آلام في الرقبة.
وكان هشام طرموم وخمسة من زملائه الصحفيين، قد فرّوا من مدينة مأرب اليمنية بعد أن قضوا خمس سنوات ونصف في سجون الحوثيين.

وألقت القوات الحوثية القبض على الصحافيين الستة من بين عشرة صحافيين في صيف 2015، ثم حوكموا بتهمة "التخابر مع العدو" و"نشر أخبار مغرضة" تزامناً مع بدء عملية "عاصفة الحزم" العسكرية التي تقودها السعودية على اليمن.
والتقت بي بي سي نيوز عربي في القاهرة أربعة من الصحافيين الستة، وهم هشام اليوسفي وهيثم الشهاب وهشام طرموم وعصام بلغيث.

وتحدث الصحافيون عن ملابسات القبض عليهم وواقع الصحافة اليوم في اليمن ومصير زملائهم الأربعة الآخرين الذين ما زالوا في السجن والمحكوم عليهم بالإعدام رمياً بالرصاص.
ويقول هيثم الشهاب: "كنا نغطي الأوضاع في اليمن بعد أن غادر معظم الصحافيين خوفاً من بطش الحوثيين الذين استولوا على العاصمة في سبتمبر 2014، لكن في السادس والعشرين من مارس 2015، بدأت مطاردات الإعلاميين والصحافيين من قِبل الحوثيين مع بدء قوات التحالف الذي تقوده السعودية في قصف العاصمة".

ويضيف الشهاب أن بسبب انقطاع خدمة الإنترنت والكهرباء جرّاء القصف، لجأ هو وزملاؤه التسعة إلى أحد فنادق العاصمة صنعاء للعمل حتى ألقي القبض عليهم.
ويرى الشهاب أن القبض عليهم جاء رغبة من الحوثيين في "التعتيم على ما يجري في العاصمة بعد السيطرة عليها".

وأحيل الصحافيون العشرة للمحاكمة، وواجهوا اتهامات تشمل "نشر أخبار مغرضة تكدر السِلم والصفو العام والعمل لصالح العدو"، وفقاً لما جاء في لائحة الاتهامات التي أنكروها جميعاً.
وبينما تم الإفراج عن الصحافيين الستة في أكتوبر لا يزال زملاؤهم الأربعة الآخرون المحكوم عليهم بالإعدام، وهم: عبد الخالق عمران وأكرم الوليدي وحارث حميد وتوفيق المنصوري يواجهون مصيراً مجهولاً.

داخل السجن
ونوّه عصام بلغيث بأنه يتلقى الدعم النفسي والرعاية الطبية في القاهرة.
وأشار بلغيث إلى أنه ورفاقه خلال فترة سجنهم تنقلوا بين ستة سجون كان أسوأها، على حد قولهم، سجن الأمن السياسي، أو ما يعرف الآن بجهاز الأمن والمخابرات.

ويقول بلغيث "لاقينا سوء المعاملة في تلك السجون جميعها، وتعرضنا للتعذيب والحرمان من الطعام والإيهام بالتصفية الجسدية".
ولم تتمكن بي بي سي من التأكد من صدق تلك الادعاءات.

ويضيف بلغيث "كان الهدف من القبض علينا ومحاكمتنا إرسال رسالة تهديد لقمع الصحافيين ومنعهم من تأدية واجبهم. سمعنا أنه كانت هناك لائحة مطلوبين أمنياً لدى الحوثيين تضم نحو مئة صحافي، فرّ معظمهم إلى خارج البلاد".
وكانت لجنة حماية الصحفيين قد أعربت عن قلقها في مارس 2015، بشأن سلامة الصحافيين اليمنيين وسط تصاعد العنف في البلاد، وذكرت اللجنة حينها أن "قوات تابعة للحوثيين داهمت نوافذ إعلامية واحتجزت صحافيين وحجبت مواقع إخبارية".

ويحكي بلغيث "أضربنا عن الطعام لمدة 43 يوماً احتجاجاً على احتجازنا وكنا على مشارف الموت، لكن ذلك لم يثنهم عن الاستمرار في حبسنا، بل نقلونا إلى زنازين انفرادية عقاباً لنا على الإضراب عن الطعام"، لكن وكيل وزارة الإعلام التابعة للحوثيين، نصر الدين عامر، ينفي في مقابلة هاتفية مع بي بي سي ادعاءات تعرّض الصحافيين العشرة للتعذيب، متهماً إياهم "بنشر أخبار زائفة وتأييد العمل المسلح ضد القوات الحكومية في صنعاء".
وأضاف نصر الدين "نحن لا نقبل أي حالات تعذيب داخل السجون لأي كان، ونقوم دائماً بالتفتيش للاطمئنان على ذلك. لا يوجد حالات تعذيب لأن ذلك محرم شرعاً".

"أخطر من الخونة والمرتزقة"
من جانبه، يشير اليوسفي إلى جو التحريض الذي كان سائداً في تلك الفترة، والذي أدى إلى سجنهم، قائلاً "في خطابه الشهير الذي ألقاه في سبتمبر 2015، قال عبد الملك الحوثي، زعيم جماعة أنصار الله، إن من فئة الإعلاميين من هم أكثر خطراً على هذا البلد من الخونة والمرتزقة الأمنيين المقاتلين".
ويضيف زميله بلغيث: "كنا دائماً نتلقى التهديدات داخل السجن، كان الحوثيون يقولون لنا إننا سنلقي مصير عبد الله قابل والعيزري".

وكانت منظمة "مراسلون بلا حدود" قد حمّلت جماعة الحوثي المسؤولية عن مقتل الصحافيَين عبد الله قابل مراسل قناة شباب اليمن وقناة بلقيس، ويوسف العيزري مراسل قناة سهيل، بعد أن احتجزتهما في مخزن للسلاح الذي تعرّض بدوره للقصف من قبل قوات التحالف العربي في منطقة ذمار جنوب البلاد في عام 2015.

صفقة الخروج
بالرغم من تبرئتهم من قِبل المحكمة الجزائية التابعة لجماعة أنصار الله في صنعاء في أبريل 2020، لم يخرج الصحافيون الستة إلا في أكتوبر من العام ذاته ضمن صفقة بين حكومة عبد ربه منصور هادي والحوثيين، تحت رعاية اللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة، شملت تبادل ما يزيد على ألف سجين وأسير بين الجانبين.
ويقول الصحافيون الأربعة إنهم نُقلوا جواً إلى مطار سيئون في حضرموت ضمن الصفقة.
كما يؤكدون أنهم اضطروا إلى التوقيع على أوراق رسمية بعدم ممارسة العمل الصحافي مرة أخرى للإفراج عنهم.

مناشدات للإفراج عن زملائهم
وناشد الصحافيون المفرج عنهم الأمم المتحدة بالتدخل من أجل الإفراج عن زملائهم الأربعة.
وفي رسالة وجهها الصحافيون إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش ومبعوثه الخاص إلى اليمن مارتن جريفيثس، قالوا "نكتب إليكم هذه الرسالة ونحن نتردد كل يوم على المستشفيات والعيادات الطبية في مصر للعلاج مما لحق بنا في فترة الاختطاف، بالوقت الذي يواصل الحوثيون فيه اختطاف ومحاكمة أربعة من زملائنا الصحافيين".

وأشار الصحافيون إلى أن الحالة الصحية لزملائهم متدهورة بسبب ما أسموه "التعذيب الذي ما زالوا يتعرضون له في ظل إهمال متعمّد للرعاية الصحية من قبل الحوثيين".
من جانبه، حذّر هشام طرموم من أن حارث حميد على وشك أن يفقد بصره في محبسه بعد أن مُنعت عنه نظارته الطبية، وفقاً لما ذكره.

ويؤكد الصحافيون الأربعة أن مصيرهم أصبح مجهولاً، حيث إنهم لا يستطيعون العودة إلى بلادهم الأم "خوفاً من القتل" على يد جماعة الحوثي، ولا يحبذون في الوقت ذاته الاستقرار في مصر، حيث لا وظائف ولا رواتب، ويعتبون على الحكومة اليمنية تقصيرها في حقهم وحق ذويهم الذين خلفوهم وراءهم في اليمن.
وفي ظل تلك الظروف الصعبة، يدرس الصحافيون فكرة اللجوء السياسي إلى إحدى الدول الأوروبية بعد أن تقطعت بهم السبل في القاهرة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى