التحصين بحضرموت.. كميات لقاح محدودة ومراكز لا يقصدها المستهدفون

> تقرير/خالد بلحاج:

> في طوابير طويلة، يقف المسافرون أمام مراكز التحصين في وادي حضرموت للحصول على جرعة من لقاح أسترازينيكا، المخصص حسب خطة وزارة الصحة للعاملين في المجال الصحي، وكبار السن، والمصابين بالأمراض المزمنة كمرحة أولى.
مدير عام مكتب الصحة العامة والسكان بوادي حضرموت، د.هاني العمودي، أكد أن الحملة تستهدف 21 ألف شخص في مديريات الوادي ممن شملتهم الخطة، إضافة إلى الكوادر الصحية.

لم يكن في الحسبان أن تشهد المراكز المخصصة للتحصين زحامًا شديدًا، خاصة وأن لدى العامة اعتقاد بأن للقاح أعراض جانبية خطرة، قد تؤدي للوفاة، ولم تعمل فرق التوعية على التأكيد على مأمونية اللقاح، حتى بعد توافره وانطلاق الحملة.
اشتراط المملكة العربية السعودية حصول المسافرين إليها على جرعة من اللقاح، كان هو الأخر بمثابة صفعة تلقتها مكاتب الصحة التي تعي تمامًا محدودية الكمية، أخرجتها عن مسار تنفيذ خطتها التي لم تشمل المسافرين على الإطلاق.

ودعا مدير قسم التحصين في الوادي والصحراء جعفر بن عبيد اللاه، المواطنين الذين تتجاوز أعمارهم 60 عامًا، ومن يعانون من أمراض مزمنة، دعاهم إلى المسارعة لأخذ اللقاح، مشددًا على أن الكميات محدودة، وذلك إثر تزايد إقبال المسافرين على مراكز التحصين.
وأفاد بأن أكثر من 12 ألف شخص أخذوا الجرعة منذ انطلاق حملة التطعيم ضد كوفيد ـ19 في وادي حضرموت، موضحًا أن منهم 378 عاملًا صحيًا، و 771 مستهدفًا ممن هم فوق الـ60 عامًا، و11,593 مستفيدًا من 18 إلى 60 عامًا، معظمهم من المغتربين من أبناء المحافظة الشمالية.

وقال بأن: "الحملة شهدت ازدحامًا كبيرًا من قبل أبناء المحافظات الشمالية، التي لا يوجد فيها لقاح كوفيد 19، وهو ما أثر سلبًا على سير عمليه التطعيم في مراكز التطعيم بعواصم المديريات، لعدم القدرة على تنظيم المسافرين، كما أدى ذلك إلى نفاد معظم جرعات التطعيم في عدد من المراكز، وألقى على عاتق الفرق الصحية مسؤولية كبيرة، بسبب المتاعب التي يواجهونها، وازدحام المراكز".

وقدم بن عبيد اللاه، مناشدة إلى وزارة الصحة، ومنظمتي الصحة العالمية، واليونيسف، دعاهم خلالها للنزول الميداني، والاطلاع على الصعوبات التي تواجه العاملين الصحيين إزاء نفاد مجمل الكميات الخاصة بالتطعيم والبطائق.

الحملة التي نجحت بنسبة 60 % بحسب بن عبيد اللاه، أثير حولها لغط كبير نقل خبر امتناعه عن إعطاء اللقاح للمسافرين والمغتربين من المحافظات الشمالية، والسبب يعود لنداء أطلقه هو، ما استدعى توضيحًا منه قال فيه :"منذ أول حملة تطعيم تم تنفيذها في اليمن في فبراير عام 1990م، وأنا ضمن المخططين والمنفذين لهذه الحملات، حيث تم تنفيذ ما يقارب 50 حملة، بين تطعيم شامل، أو ضد شلل الأطفال، أو الحصبة، أو الكزاز .. في البدء كان هناك وقت للتخطيط والتجربة قد يصل إلى أربعة أشهر كاملة، بين وضع الخطة وتنفيذها، ثم بدأت تتقلص هذه المدة إلى شهرين منذ عام 1996م إلى 2005م، ثم تقلصت إلى أسابيع، وأخيرًا إلى أيام منذ عام 2011م".

وتابع: "لم تدفعني لكتابة نداء الاستغاثة عدم الرغبة في تطعيم المسافرين الوافدين من المحافظات الشمالية، فأنا على قناعة أنهم يستحقون الحصول على اللقاح، ولكن ليس بهذه الطريقة المهينة لهم، والمتعبة لفرق التطعيم، هم اضطرتهم ظروف المعيشة، والإجراءات غير المدروسة، حيث فوجئوا بمنع دخول المنفذ السعودي إلا بأخذ اللقاح بصورة مفاجئة، وحياتهم وحياة أسرهم مرهونة بتجاوز هذا المنفذ، ومن أجل ذلك وصلوا بأعداد، حتى هم لم يتوقعوها، كما أخبرهم السماسرة أن المسألة نصف ساعة ويكونوا عائدين على نفس الباص، إن ما دفعني لكتابة النداء هو سوء التخطيط المركزي، وفي ندائي طالبت بنزول من خططوا للحملة، لمشاهدة الوضع وإيجاد الحلول".

وأضاف بأنه "في الاجتماع الذي عقد في 30 مارس 2021م نبهت شخصيًا إلى نقطتين: الأولى أنه إذا لم يسبق الحملة توعية مدروسة لتفنيد الشائعات المهولة ضد اللقاح، التي تلقاها المجتمع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فإن الإقبال على أخذ اللقاح سيكون ضعيفًا جدًا، وأن مكبر الصوت، والملصقات، واللافتات وسائل تثقيف لم تعد مؤثرة، مثلما كانت في عام 1996م، وهذا ما حصل، إلى حد الآن ليس هناك إقبال من قبل الكوادر الصحية، ولا كبار السن؛ لأنهم لم يقتنعوا بأهمية ومأمونية اللقاح. والثانية نبهنا إلى أنه سيأتي يوم وتشترط فيه الدول عدم دخول المسافرين إليها إلا للمحصنين، فكان الجواب أن "ما عليكم من هذا.. أنتم فقط عليكم الكادر الصحي وكبار السن ".

وأوضح خلال حديثه لـ "الأيام" أن " المشكلة تكمن في أن من يتولون أمر التخطيط للأنشطة، وإن كانوا على مستوى عالٍ من التأهيل العلمي، ليست لديهم أي تجربة ميدانية، ولا حتى لديهم المعرفة بالطبيعة الجغرافية، ولا التعامل مع المجتمع. فقط لديهم المعرفة العلمية، والنسخ واللصق من الخطط السابقة، والترجمة الحرفية حتى في السجلات و الأدلة، كما أنه لا يوجد أي تنسيق بين الوزارات المختلفة، والجهات الخارجية، وأكبر دليل على ذلك التصريح الذي صدر من وزارة الأوقاف، والذي يدعو الراغبين في أداء الحج بأن عليهم أخذ جرعتين من اللقاح، ليسمح لهم بالدخول، ومن المؤكد أنهم لا يعلمون أنه يجب أن تكون هناك فترة لا تقل عن 8 أسابيع، بين الجرعة الأولى والثانية، وأنه لن يسمح بالدخول إلا بعد 14 يومًا من أخذ الجرعة الثانية، وذلك يعني أنه في حال أخذ الراغب للحج الجرعة الأولى اليوم سيتمكن من السفر بتاريخ 28 ذي الحجة، أي بعد أن تنتهي مناسك الحج وهذا من الأسباب التي دفعت العديد للسفر من محافظاتهم من أجل أخذ اللقاح".

وتظل مشكلة محدودية الكميات المتوافرة لدى وزارة الصحة من لقاح أسترازينيكا، هي الأم لكل ما لحق من مشاكل وما سيلحق، حيث أنه من الواضح أن الجهات المشرفة، والمنظمة لعملية توزيع اللقاح، وعملية التحصين لم تدرس خطتها بشكل جيد، ولم تربطها بما يدور في العالم من حولنا، فالكثير من المناطق لا يتوافر فيها اللقاح بشكل كافٍ، ولا حتى في المناطق القريبة منها، فضلًا عن المناطق التي لا يوجد بها مراكز تحصين أصلًا، وهو السبب في الازدحام في مراكز التحصين، وما سينتج عنه من مخاطر على المستفيدين أنفسهم والعاملين الصحيين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى