الانتماء وحقوق المواطنة

> لا شك في أن الانتماء إلى كيان، أي كان اسمه وموقعه، يعني فرض واجبات على كل من ينتمي إلى هذا الكيان، وله حقوق يدافع عنها، ويصونها أولئك الذين يشكلون قاعدة هذا الكيان.
هذا ينطبق على كل مؤسسة أو كيان اجتماعي أو سياسي ينطبق هذا على كيان الأسرة والعائلة، وينطبق على فرق كرة القدم وغيرها.

والانتماء للوطن هي صورة مكبرة لتلك الوحدات الصغيرة.
إن على المواطن واجبات مهمة، لعل أهمها الدفاع عن الوطن، وسلامة أراضيه، والإخلاص والتفاني من أجل رفعة شأن هذا الوطن، وهي واجبات يؤديها ويحترمها كل الأفراد مهما كان شأنهم وموقعهم، فالطالب عليه أن يجتهد في تعلم ما يجعله فردًا نافعًا لمجتمعه ووطنه، والجندي والوزير والقائد والتاجر كل عليه واجبات تجاه وطنه كل في مجاله .

ومن حق كل فرد في المجتمع أن يحصل على حقوقه التي تكفلها الدساتير، والقوانين السماوية والوضعية المنظمة للحياة في البلاد، والدولة بوصفها المعبر عن رعاية مصالح الشعب معنية بصيانة حقوق المواطنة. وتطبيقها، والمهمة الرئيسة للدولة، هي تمكين المواطن من أن يتمتع بحياة كريمة بوصفه إنسان جعله الله خليفة في هذه الأرض، يبنيها ويعمرها ويصنع حياته الآمنة والمزدهرة.

والحياة الكريمة تعني أن الناس متساوون في الحقوق والواجبات، فليس هناك حق لأفراد أو جماعات يعيشون في إطار الوطن الواحد دون غيرهم، وهو مبدأ دستوري، غير أن المشكلة أن ما نص عليه الدستور والقوانين النافذة لا يجري الالتزام بها وتطبيقها؛ لأن من يملكون سلطة القرار هم فوق الشعب، لم يكن الشعب وراء اختيارهم؛ بل جاءوا على خلفيات عنف ومراكز قوى ظلت تمسك بأمور البلاد والعباد.

وأن بلوغ مرحلة المواطنة المتساوية، حيث يصبح الناس سواسية أمام القانون وفي الحقوق والواجبات، دونها عقبات كبرى، لعل أهمها أن من يملكون القرار لا يحترمون الواجبات المناطة بهم، ولا يحترمون الدستور والقانون؛ بل هم يتسابقون للحفاظ على مصالحهم والدفاع عن وجودهم، ولو كان ثمن ذلك مزيدًا من العنف والقهر الاجتماعي لعموم الشعب.

أن حق المواطن في التعبير عن رأيه في كل القضايا إن كان بصورة فردية أو في صورة جماعية من خلال الهيئات ومنظمات المجتمع المدني، هو السور الذي سيحمي الشعب من انتقاص حقوقه من قبل من احتكر السلطة والقرار،

والاعتراف بحق ومشروعية الاختلاف والتنوع، ولن يتحقق ذلك إلا حين تتأسس قوى ضغط شعبي، من خلال مؤسسات المجتمع المدني ورص صفوفها، وتجاوز ما يعرقل نشاطها في الدفاع عن حق هذا الشعب في الحياة الكريمة يفترض أن تشارك فيها كل المكونات السياسية ومنظمات المجتمع المدنيّ، والمجتمع المحلي والسلطة المحلية للتعبير عن الإرادة الشعبية الرافضة كل أساليب الذل والمهانة التي تفرضها حكومة الفنادق وتشكيل قوة ضاغطة تفرض على حكومة الشراكة ضرورة القيام بواجبها في تلبية احتياجات المواطنين، وتوفير خدمات الكهرباء والماء وثبات الأسعار وزيادة المرتبات التي تعتبر ضرورة ملحة في ظل حجم المعاناة التي يتجرعها المواطن، ومعالجة الاختلالات في السياسة المالية، ومنع طبع العملة الوطنية في ظل ما تشهده من تدهور، وتدني قيمتها النقدية مقابل العملات الأجنبية، واتخاذ الإجراءات القانونية لإعادة الاعتبار للعملة الوطنية

فمن حق المواطن أن يصعد الاحتجاجات، طالما أنه لم تباشر الحكومة بأي إجراءات تساهم في تجاوز الأزمات التي يعيشها المواطن، من افتقاد المواطن لكل الاحتياجات الضرورية من غذاء وكهرباء ومياه في ظل فساد استشرى في كل مفاصل الدولة، وساهم على وجود تفاوت طبقي كبير بين العامة، والمسؤولين في ظل غياب المحاسبة والمساءلة والنزاهة والشفافية وانعدام العمل المؤسسي، وضعف حكومة الشرعية في القيام بواجباتها، حتى في حدها الأدنى، وانتشار ظاهرة العنف وغياب الأمن والأمان وعدم قدرة الدولة على إحداث تحول مؤسسي في المؤسسات التي توفر الأمن والأمان للمواطن في ظل هذه الأوضاع الهشة التي يمر بها الوطن، وانعدام الثقة بين الشرعية والمجلس الانتقالي مما أعاق أحداث أي تحول مؤسسي والذي، يفترض أن تكون الأولوية في المؤسسات التي توفر للمواطن الأمن والعدالة وهذا يعزز قدرة دولة الشراكة في تحقيق نتائج إيجابية في العمل المشترك

ويجب أن تتضافر جهود الجميع لإخراج الوطن من النفق المظلم بجملة من الاستحقاقات التي تعزز العمل المشترك.
إن المشكلة الأساسية التي تعد سببًا رئيسًا وخطيرًا هي تفاقم معاناة الناس في شتى مجالات حياتهم في ظل الصراع القائم بين الشرعية والانتقالي مما ساهم إلى حد كبير في زيادة الأوضاع المعيشية للمواطنين ترديًا.

ولكي نخرج من هذا التردي فلا بد من وضع آلية شرعية وعادلة لتداول السلطة، وتحديد سلطة الحاكم، ووضع ضوابط وأحكام ملزمة للجميع في حالة الإساءة في استخدام سلطته على نحو يهدد فيه مستوى معيشة الناس وآلية ملزمة تقيد سلطة الدولة، والسلطات المحلية، وتجعلهم يخضعون لسلطة القانون.
فتسيس القضايا يبدأ من عدم الاعتراف بحقوق الناس كحق المواطنة، وحق المساواة، وحق العمل والشراكة في الثروة والسلطة والحريات العامة وحق إدارة الشأن العام

ففي ظل الأوضاع الاستثنائية التي نعيشها اليوم يصبح من البديهي أن يكون للمواطن مصدر رزق يؤمن له حياة كريمة لأن أول ما يخيف الإنسان في هذا الوطن أمنه الاقتصادي الذي بات مهددًا لأن الدولة أصبحت مهددة بالانهيار الاقتصادي وكل الدلائل تشير الى ذلك فتعرض الأمن الاقتصادي للخطر سرعان ما ينعكس على الأمن الغذائي للمواطن وخاصة الطبقات الفقيرة.

كما أن انعدام الأمن السياسي هو الأخر يجعل الإنسان عرضة للقتل والاعتقال والعنف الجسدي والنفسي.
فتأمين الأمن الإنساني للمواطنين مرهون بتطبيق سياسات اقتصادية واجتماعية صحيحة وناجحة تحقق النمو؛ لأن تحقيق الأمن الإنساني يعني العيش، الكريم والتحرر من الخوف واحترام حقوق الإنسان والمجتمع ويجب أن تتحول الدولة إلى شريك مع المجتمع المدني حتى تصبح مسؤولة أمامه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى