مراحل تطور ونشأة القضية الجنوبية

> أي قضية محورية لا بد من نشأة لها تتطور فيها من مرحلة لأخرى، وكما يتبين من خلال هذه النشأة والتطور اللذين رافقاها -أي القضية الجنوبية- والتي مرت خلالها بعدة صعوبات وعثرات، لكنها استطاعت الانطلاق، بل تمكنت من أن تتقدم بخطوات نحو تحقيق وجودها. وما دام لها ذلك، فقد مرت تلك القضية بأبعاد مختلفة منها مثلاً (البعد التاريخي)، وكذلك (البعد الموضوعي).

ولنكن منصفين في هذه القراءة والنظر لأبعاد القضية الجنوبية من النشأة الأولى لها (البعد التاريخي)، والتعمق في مراحل التطور بعدن ومناطق الجنوب عندما كان الاستعمار البريطاني يتحكم في هذه الرقعة من العالم كنقطة إستراتيجية جعلت منه ممراً مائياً يطل على البحر العربي وخليج عمان والبحر الأحمر عبر باب المندب.

ولقد اتخذت التطورات الواقعة في هذا المجال تلك الأبعاد التي تشكلت، (فالبعد التاريخي) ارتقى بمفهومه على أساس زمني من خلال مراقبة المراحل الزمنية التي تبني خلالها آليات هذه القضية من النشأة، أما (البعد الموضوعي) فتميز من خلال موضوعات هذه الآليات والتصنيف على أساس الأهداف الأساسية (ٍسياسياً واجتماعياً واقتصادياً)، وهي في مجملها رغبات متحكم بها.

وقد خلق (البعد الموضوعي) جيلاً أول كمرحلة أولى عنيت بتلك الأهداف المشار إليها أعلاه، وهو ما أعقبه الجيل الثاني منها والجيل الثالث، والذي أحدث فرقاً من نوع آخر خاصة فيما يتعلق بالبيئة والتنمية البشرية والاقتصادية، ومن بين كل هذه (الأجيال الثلاثة) وجد تداخل في تطورها التاريخي، إلاّ أنه يمكننا ملاحظة تطورها من خلال خمس أطوار، ومع ذلك ليس بالضرورة أن تكون تلك الأهداف وهي حقوق في الأصل قد مرت بمثل هذه المراحل بالمفهوم المنهجي، لكن يمكن لنا ذكر تلك المراحل على النحو التالي:

أولاً - مرحلة التعريف بالحق، وفيها تتم بلورة مفهوم الحق وانتقائه وتحديده كمبدأ عام، وغالباً ما تتم هذه المرحلة من خلال كتابات فقهاء القانون والمفكرين، وكذا التطورات الاجتماعية.
ثانياً - مرحلة الإعلان، وفيها يتم إقرار هذا الحق كمبدأ عام معترف به من قبل المجتمع الدولي، وغالباً ما يأخذ هذا الإعلان شكل إعلان عام، أو معاهدة تتسم بالعمومية وعدم الإلزام بشكل كامل.

ثالثاً - مرحلة النفاذ، وفيها يتم تحديد عموميات هذه الحقوق وتطويرها في شكل اتفاقيات دولية أو إقليمية متخصصة.
رابعاً - مرحلة تشكيل آليات التنفيذ، وفي هذه المرحلة يتم في أغلب الأحوال تشكيل لجان لمتابعة تنفيذ أحكام هذه الاتفاقية أو تعيين مقررها، أو تكوين لجنة تحقيق أو تفصيل، وتقوم هذه الآليات بإصدار التقارير إلا أن غالباً ما تتسم بعدم التوجيه بنقد مباشر للحكومات المخالفة.

خامساً - مرحلة الحماية الجنائية، وفيها يتم وضع الانتهاكات التي ترد على الحق في إطار فرض تجريمي وفرض عقوبات رادعة لمرتكبيه من خلال (اتفاقية دولية) أو إقليمية.

وعليه، فقد نشأت القضية الجنوبية وتطورت وشهدت تلك المراحل بأجيالها الثلاثة، وبالرغم من الأهداف المرسومة التي لم تكن خافية على المجتمع في الداخل ومعلنة لدى الخارج، في ظل سكون وصمت متعمد من (أطراف النزاع شمالاً) نحو القضية الجنوبية من قوى متنفذة شمالاً وبحضور قوة الإخوان الإرهابية والقبيلة، وعلى الرغم من المحاولات لتمييع القضية واستنساخ صور لها بأشكال متعددة، إلا أنها ظلت محافظة على خط سيرها بثبات، لأنها ببساطة لم تنحرف في بوصلتها عن تحقيق الأهداف، والمسار الذي نشأت وتطورت من خلاله كل هذه السنوات.

لذلك، فإن التعاطي مع تلك الحقوق وعدم تجزئتها أمر طبيعي وبديهي، ويُستلزم معه، بدرجة رئيسية، تغيير على الأرض بما يحفظ ويحمي الممتلكات العامة والخاصة دون انتقاص في الحقوق أو انتهاكها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى