ماذا يعني قرار إدارة بايدن سحب "الباتريوت" من دول خليجية؟

> من جديد يعود الحديث عن قرارات من الولايات المتحدة الأمريكية، لتقليص وجودها العسكري في منطقة الخليج، ضمن عمليات مستمرة بدأت منذ وصول جو بايدن للبيت الأبيض، خصوصاً من المملكة العربية السعودية، التي تخوض حرباً مع مليشيا الحوثي في اليمن التي تمولها إيران.
ويرى العديد من السياسيين، أن ما تقوم به الإدارة الأمريكية، يأتي في اتجاه إعادة تنظيم الوجود العسكري الأمريكي حول العالم، وعلى غرار مساعي تقليص أو إنهاء هذا الوجود في العراق وأفغانستان.

وتثير الخطوة الأمريكية الجديدة بسحب أنظمة الدفاع الجوي "بطاريات باتريوت" تساؤلات كثيرة بشأن استمرار مثل هذه الخطوات، وكيف ستتعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع الاعتداءات المستمرة التي تتعرض لها السعودية من قبل الحوثيين في اليمن، وما إذا كانت رسالة سياسية أمريكية لإيران بأن الدبلوماسية هي الحل الوحيد لحل الخلافات في المنطقة.

سحب 8 بطاريات
في 19 يونيو 2021، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين أن إدارة بايدن، باتت تخفض بشكل حاد من أعداد الأنظمة الأمريكية المضادة للصواريخ في الشرق الأوسط، معظمها في السعودية، ضمن عملية إعادة تنظيم تتزامن مع تركيز الجيش على التحديات التي تشكلها الصين وروسيا.
ولفت المسؤولون، حسبما نقلت الصحيفة، إلى أن البنتاغون يعمل على سحب نحو 8 بطاريات مضادة للصواريخ من مجموعة دول، بما يشمل العراق والكويت والأردن والسعودية.

وأشارت المصادر إلى البدء بسحب نظام "ثاد" المضاد للصواريخ من السعودية، إلى جانب تقليص أساطيل المقاتلات النفاثة المخصصة للمنطقة.
وبحسب "وول ستريت جورنال"، فإن إعادة الانتشار تطال المئات من الجنود العاملين في الوحدات المُشغلة أو الداعمة لتلك الأنظمة.

ليست الأولى
في أبريل الماضي، نقلت الصحيفة ذاتها عن مصادر، أن بايدن أعطى توجيهات ببدء سحب بعض القوات والقدرات العسكرية الأمريكية، من منطقة الخليج.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي قوله إن "هذه أسواء المراحل منذ ما قبل بدء الصراع في اليمن"، في إشارة إلى تزايد هجمات الحوثيين على المنشآت السعودية.

وأوضح التقرير، أن الولايات المتحدة سحبت ثلاث بطاريات "باتريوت" على الأقل، من منطقة الخليج، بما في ذلك واحدة من قاعدة الأمير سلطان الجوية في السعودية، والتي وضعت قبل عدة سنوات لحماية القوات الأمريكية.
وأضافت الصحيفة أنه تم تحويل حاملات طائرات وأنظمة مراقبة، من الشرق الأوسط لتلبية الاحتياجات العسكرية في مناطق أخرى حول العالم، وفقاً لمسؤولين أمريكيين أشاروا أيضاً إلى وجود تقليصات أخرى قيد الدراسة.

ولفت تقرير الصحيفة الأمريكية إلى أن إزالة بطاريات "باتريوت" وإنهاء الوجود الدائم لحاملات الطائرات والقدرات العسكرية الأخرى، يعني أن عدة آلاف من القوات قد تغادر المنطقة بمرور الوقت.
وكان هناك حوالي 50 ألف جندي في منطقة الخليج مع نهاية العام الماضي، وذلك بعد تقليص العدد من 90 ألفاً، كانوا حاضرين في ذروة الخلاف بين إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وإيران.

التقليل من الصراعات
يرى المحلل السياسي محمود علوش، أن هذه الخطوة الأمريكية، تأتي في سياق توجه أمريكي "لتقليل الانخراط في صراعات الشرق الأوسط والتركيز على مواجهة التحديات التي تشكلها الصين وروسيا على المصالح الأمريكية والغربية في العالم".
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يؤكد علوش أن إدارة بايدن "كانت واضحة في هذا السياق وهي تكمل ما بدأته إدارة أوباما".

وأضاف: "الولايات المتحدة تريد من حلفائها في المنطقة أن يصبحوا أكثر اعتماداً على أنفسهم في مواجهة التحديات العسكرية، يمكن ملاحظة ذلك بعد قرار واشنطن وقف دعمها لعمليات التحالف بقيادة السعودية في اليمن".
وأضاف: "يسعى الأمريكيون لتخفيف التزاماتهم العسكرية تجاه حلفائهم للتركيز على جبهات أخرى مع روسيا والصين".

ويشير إلى جولة بايدن الأوروبية، حيث قال إن التركيز الأمريكي "كان على روسيا والصين"، مضيفاً: "لم نسمع من بايدن إشارة إلى مواصة الالتزام الأمريكي بحماية مصالح الحلفاء في المنطقة".
ويلفت إلى أن الانخراط الأمريكي في قضايا المنطقة في الفترة المقبلة، سينخفض بشكل كبير وهذا يشكل فرصة للقوى الإقليمية الكبرى لزيادة دورها".

وتابع: "هذه الخطوات الأمريكية تنطوي على مخاطر. روسيا والصين ستسعيان لملأ أي تراجع في الالتزامات الأمريكية تجاه الحلفاء لا سيما في الخليج".
وخلص إلى أن هذا كله "قد يدفع إدارة بايدن للتفكير في جدوى تقليل الانخراط في الشرق الأوسط".

القوات الأمريكية والخليج
تمثل القوات الأمريكية في منطقة الخليج صمام أمان في مواجهة الخطر الذي تمثله إيران والجماعات المسلحة الموالية لها في عدد من البلدان، والتي تستهدف دولاً خليجية في مقدمتها السعودية.
ومنذ تنصيبه رئيساً، في يناير الماضي، أكد الرئيس الأمريكي وأعضاء بارزون في إدارته أن واشنطن ستعيد تقييم العلاقة مع السعودية، وستعمل على إنهاء الحرب الدائرة في اليمن منذ 2015، لكنهم جميعاً تعهدوا بمساعدة الرياض في حفظ أمنها وتعزيز دفاعاتها.

ومن المحتمل أن يعزز سحب جزء من القوات الأمريكية الموجودة في المنطقة التهور الإيراني، وقد يدفع جماعات مسلحة مثل الحوثيين لتكثيف هجماتهم "التي تكثفت بشكل لافت على أهداف اقتصادية واستراتيجية في السعودية، في الأشهر القليلة الماضية.
لكن الولايات المتحدة لا تزال تؤكد التزامها بالتعاون مع السعودية التي تصفها بالشريك الاستراتيجي، فضلاً عن أن المصالح السياسية والاقتصادية الكبيرة بين البلدين، وبين الولايات المتحدة ودول الخليج عموماً، تقلل من احتمالية سحب أقوى قوة في العالم يدها من المنطقة المشتعلة.
وتبدو رغبة بايدن في مواجهة الصين وروسيا هي الدافع الرئيس لتخفيف الحضور العسكري الأمريكي جزئياً في منطقة الخليج، التي ما تزال تحظى بحضور أمريكي عسكري لا يستهان به.​

عن/ الخليج أونلاين

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى