التاءات الثلاثة وأولويتها

> بعد تدمير كل شيء جميل بمنهجية خبيثة وعلى مراحل لم يتمكن المجتمع أو نخبة المعلومة ومثقفوه من الانتباه لذلك الخطر، فوصل الحال بنا من فساد شامل إلى هذا المستوى من تدني الإحساس بالمسؤولية أو الاستشعار بها حتى من باب رفع العتب مثلاً.
لقد تم تنويم المجتمع وكذلك النخب، ولا تزال هناك محاولات لاستمرار ذلك التنويم.

الحياة بلا هدف سامي أو قضية وطنية هي الموت بعينه.
في نهاية الخمسينات من القرن المنصرم ظهرت إلى الحياة صحيفة "الأيام" بواسطة المفكر والسياسي الأستاذ محمد علي باشراحيل رحمه الله وطيب ثرى تربته، وكانت مهمتها تتلخص في

التاءات الثلاثة (تنوير، تثوير، تعمير).
وما زالت الصحيفة حتى اليوم تناضل بذات الطريق الذي سنه لها العميد رحمة الله عليه، واليوم بعد كل ما حدث فإن بارقة أمل وثمة واقع جنوبي يرتسم ويخطو خطواته الأولى على طريق بناء واستعادة الدولة الجنوبية من جديد بثوب فيدرالي ديمقراطي جديد.

ذلك هو المجلس الانتقالي الجنوبي وهو الكيان الواسع (ليس حزباً)، الذي يسعى إلى جمع أهل الجنوب على طريق وهدف أسمى، وهو استعادة السيادة الجنوبية الحرة على أرض الجنوب وقرار الجنوب.
وبما أننا قد بدأنا خطوة رحلة الألف ميل ومشينا خطوات بثبات، فما أحوجنا إلى تلك التاءات الثلاثة الآن وليس غداً وهي: التنوير، ونقصد به تنوير العقول وتحديث الأفكار وإعادة الاهتمام بالعلم والثقافة والفكر الإنساني الشامل، وليس الانغلاق في دائرة المذهب أو الدين أو القومية، فالفكر والعلم والثقافة عماد تطور الإنسان وبه يرتقي.

التثوير، ونقصد به بعد التنوير تنشيط الهمم والاستعداد للعمل والتضحية وبذل كل الوقت والمال لتحقيق الهدف الأسمى، وهو استعادة السيادة والحرية للجنوب.

والتعمير هو ختام العمل، وذلك بتعمير وبناء الإنسان بمفهومه الراقي والمنضبط، فالإنسان هو العملية الصعبة، وبناء الأوطان لن يتم إلا من خلال بناء الإنسان، وعلينا أن نعيد تلك اللوحة الجميلة للإنسان الراقي والمعبر عن الجنوب كما كان الأوائل، وبذلك سيأتي الإعمار وتحديث البنية وعودة الوطن الآمن والمزدهر، ولكن ذلك مرتبط بإعمار الإنسان أولاً بعد تنويره ثم تثويره ومن ثم خاتمة الأمور، وإعادة بنائه ليكون لائقاً ومستحقاً لهذا الوطن العظيم الذي لن نجد بديلاً عنه مهما اجتهدنا، ولن يطيب لنا العيش في وطن غيره.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى