استقبلني السيد/جيل لورتون، عمدة مدينة سان مالو الفرنسية SAINT-MALO بالترحيب الكبير كما هي عادة أهل المدن الساحلية، وذلك خلال زيارتي للمدينة يوم الخميس 29/07/2021م.
وتعتبر هذه الحملة هي الأولى من نوعها في بداية العلاقات بين فرنسا ومدينة عـــدن، حيث استُقبِلَت السفينتـــان LE CURIEUX (المكتشف) و LE DILIGEANT (المجتهــــد) وقد كانتا مجهزتين بخمسين مدفع، ولحساب شركة تجارية في سان مالو تهدف لإقامة علاقات تجارية، ولاستيراد البُن الذي كان آنذاك سلعة نادرة يصعب الحصول عليها.
رست السفينتان الفرنسيتان في خليج عدن في 18 ديسمبر عام 1708م، وعند وصولها عدن أطلقت كل سفينة سبع قذائف مدفعية للتحية، وردت مدافع القلعة بطلقات ترحيبية مماثلة، ونزلوا ضيوفًا مكرمين على حاكم عدن، كما عالج طبيب السفينة ابن أحد أعيان عدن وحاكم عدن. ووصف القبطان الفرنسي "دولا ميرفاي" مدينة عدن بأنها مدينة حصينة قابعة تحت ظل جبال عالية تحيط بها من جميع الجهات تقريبًا، وهي محمية بخمس أو ست قلاع مبنية على قمم هذه الجبال، مع وجود حواجز وموانع متعددة من عند مداخل الجبال، وتوجد ساقية جميلة تعمل على توصيل المياه العذبة من الجبال إلى خزان ضخم بني على بُعد ما يقارب الكيلومتر، يتزود منه أهالي المدينة بمياه الشرب العذبة، وبها حمامات "تركية" مرصوفة بالرخام أو بالأحجار الملساء، وتعلوها قباب ذات دعامات جميلة مزخرفة، تتوزع في داخلها غرف تطل جميعها على الصالة الرئيسة التي تعلوها "القبة".
وبعد إقامتهم في عدن كضيوف مكرمين، وقد ترك في النفوس انطباعًا جيدًا لدى البحارة الفرنسيين، بعدها قرروا التوجه إلى المخا، حيث يوجد أفضل أنواع البُن، وفي يوم 26 ديسمبر 1708م غادروها إلى المخا، ومعهم رسالة توصية من حاكم عدن إلى أخيه حاكم المخا لاستقبالهم وتسهيل مهمتهم، والتوقيع فيما بعد على اتفاقية تجارية بينهما.
تتشابه مدينتا سان مالو وعدن بتاريخهما وبالعديد من الصفات الأخرى، منها أنها أول مدينة دافعت عن فرنسا ضد الهجوم من قبل بريطانيا، حيث بالقرب من شواطئها تقع جزيرتان بريطانيتان جيرسي وجورنسيني Jersey وGuernesey اللتان تبعدان عن مدينة سان مالو بـ 16 كلم فقط، بينما تبعدان عن بريطانيا بـ 160 كلم. ولذلك يعتز أهل سان مالو بهذا الحدث، وأعطيت لهم ميزة رفع علم المدينة وشعارها باستمرار.