العطاس.. من وحي الذاكرة السياسية

> >على مدى عقود خلت ظل السيد حيدر أبوبكر العطاس رئيس وزراء الجنوب لسنوات مضت، واحداً من أبرز رموزنا السياسية التي نتعاطى معها بكل احترام وتقدير، أو هي شخصيتنا المجتمعية في التعاطي مع رموزنا السياسية السابقة.
قبل أن يكون الرجل رئيساً للوزراء تقلد مناصب عدة، ما يجعله جزءاً من تاريخ الجنوب السياسي بمعنى لم يكن بعيداً عن صنع القرارات، الأمر الذي لا يمكنه أن يكون شاهداً على الماضي من منظور أن لا يد له فيه، وإلا لما ظل يتبوأ مناصب عدة في دولة الجنوب، وعضواً في المكتب السياسي للحزب.

ما نعرفه عن الرجل حصافته وحنكته وحسن تقديره للأمور، كيف لا وهو السياسي المخضرم والعقل النير وفق سيرته الحياتية.
واللافت أن يفاجئنا بغير ما عرفناه، ويتحدث كشاهد على حقبة زمنية كان أحد فرسانها.

مثل غيري استمعت إلى الحلقة الأولى للسيد حيدر العطاس رئيس الوزراء الأسبق الذي بدا كعادته متماسكاً وحصيفاً، ولم أجد في طي حديثه ما يسيء لأي طرف. هو تحدث عن فصول مأساوية وحقائق لا يمكن إنكارها عن طبيعة الصراع على السلطة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والأسباب التي أدت إلى ذلك، مشيراً في حديثه إلى حالة الاختراق الدولي والإقليمي للجمهورية آنذاك، الحال الذي فاقم الصراعات الداخلية وأدى إلى ظهور أطراف متباينة بوضوح، إلا أنها كما قال لا تريد مناقشة الخط السياسي باعتباره أمراً معروفاً ولا يحتاج لذلك.

عموماً أدت الأمور إلى ما آل إليه الوضع من تصفيات جسدية طالت وزير الخارجية محمد صالح مطيع بقرار من المكتب السياسي وهو خطأ فادح وفق السيد حيدر العطاس، لأنه لم يقم على محاكمة، ثم ذهبت الأمور صوب أشد التعقيدات حين أراد الرئيس المغفور له سالم ربيع علي وضع ثقله مع الصين الشعبية التي بدأت ببعض المشاريع الممولة، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الجناح الآخر المتعاطي مع موسكو وكانت النتيجة تصفية الرئيس سالمين. كل ما ذكر هي فعلاً حقائق، إلا أن ما يريب هو توقيت فتح تلك الملفات إلى هذه الأثناء.

الرجل ذكر في حديثه نقطة لافتة عن طبيعة (الكانتون) التي كانت تعطى لمنتسبي القوات المسلحة لكل محافظة، وكانت حضرموت حسب قوله هي المرجحة، إلا أن أبناء بعض المحافظات لم يكونوا يفضلون العمل في القوات المسلحة، ويفضلون الغربة كما هو حال أبناء حضرموت، الأمر الذي جعل الكفة مرجحة تلقائياً لأبناء المناطق التي يفضل أبناؤها الانتساب للقوات المسلحة، وهي ردفان، يافع، الضالع.

الحقيقة أن هناك أعدداً كبيرة من أبناء محافظة أبين كانوا ممن يفضلون العمل بالقوات المسلحة ولم يمنعوا من الحصول على حصة محافظتهم وفق معطيات وشواهد عدة، وربما تلك النقطة التي طرحها السيد حيدر هي التي أثارت حفيظة البعض.
وحقائق الصراع الجنوبي لا شك في أن ملفاتها معقدة وهي تاريخ ينبغي ألا يتم استحضاره، لكن للسياسة في معظم الأحيان أجندتها، ويفترض أن لا تواجه تلك الحقائق بردود أفعال غاضبة أو منفلتة، وخصوصاً في وسائل التواصل الاجتماعي، وما الأخطاء والآلام التي مر بها الجنوب لا تصلح لحاضره بقدر ما هي أنكار لمآسي كل أطراف السلطة حينها ضالعة فيها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى