الحطاب اليمني الصغير.. الفأس لتقطيع الأخشاب.. والأحلام !

> صنعاء «الأيام» إشراق الحطاب:

> يتصبب الأطفال عرقًا في مختلف أماكن العالم بعد أن قضوا ساعات من اللعب طوال النهار، لكن خالد الطفل اليمني ذو 11 عامًا لا يلعب ولا يلهو، بل يحمل همًّا أكبر منه وبيده فأس وجهد أكبر من عمره ليقطع به الأخشاب ويجمع الحطب لعمه الذي يعمل معه فهو لم يختَر هذا العمل ولا يريده، ولكنه وُجِد على الحياة مجبرًا على تلبية ما يريده أهله أن يعمله. حاله كحال العديد من الأطفال اليمنيين، وخصوصًا في القرى والأرياف والذين يكبرون على الكد والكدح دون أن يتعلموا حرفًا واحدًا أو يمارسون حقهم في اللعب والاستمتاع كالأطفال في مثل عمرهم.

الطفل خالد الذي قابلته "خيوط" في إحدى القرى المجاورة لمدينة حراز، بدا من بعيد وكأنَّ حلمًا صغيرًا راود مخيلته في أن يصبح متعلمًا ذا مهنة مرموقة، دون جهد كبير كالذي يبذله.

يعمل خالد بقطع الأخشاب وتحويلها إلى قطع صغيرة "حطب" من الصباح الباكر وحتى وقت متأخر من الليل ليتم جمعها من قبل عمه وأخذها إلى صنعاء لبيعها، نظرًا لحاجة الكثير من المطاعم والبيوت لها، بعد أن استمر غياب المشتقات النفطية ومن ضمنها غاز الطهو، ليتواجد ويغيب في الأسواق المحلية كضيف خفيف يأبى المكوث طويلًا.

مهنة شاقة
أعوام متتالية يزداد فيها الوضع صعوبة ومأساوية، حد قول بائع الحطب مجاهد العزي (45 سنة)، الذي يعمل في جمع وتقطيع الخشب لأكثر من 6 أعوام وبيعها في صنعاء، حيث أصبح تأمين قنينة غاز الطهو أمرًا ليس بالسهل بعد أن وصل سعرها في السوق السوداء إلى 9700 ريال يمني ما جعل الكثير من الأسر اليمنية تبحث عن بدائل أخرى متاحة، مثل الحطب الذي يعد ذا سعر زهيد جدًّا، مقارنة بأسعار الغاز، لتستمر معاناة اليمنيين من أبسط مقومات الحياة عامًا تلو الآخر.

وعلى الرغم من أن هذا هو عمل مجهد ويكسب رزقه منه، لكنه لا يتمنى الاستمرار فيه؛ لأن قطع الأخشاب له أثره السلبي أيضًا على البيئة وعلى الماشية.
ويتم إجبار الأطفال في القرى على مثل هذه الأعمال الشاقة والمتعبة لجسد الطفل الذي لم يكتمل نموه بعد ليحمل على عاتقه أعمالًا شاقة في مقابل مردود بسيط، وأحيانًا بلا مردود، لكن خالد يتحمل هو وأقرانه الصغار هكذا أعمال؛ لمساعدة ذويهم في الحصول على لقمة العيش.

وعن أحلام خالد، يتمنى لو يستطيع هذا الطفل الصغير الالتحاق بصفوف الدراسة حتى يحقق حلمه في أن يصبح طبيبًا، يداوي آلام الناس، لكن عينيه المليئتين بالأمل والألم معًا تخبرنا أنه يتوق إلى أن يحمي نفسه وأقرانه من هذه الأعمال الشاقة عليهم، والاستمتاع بالتعلم والانضمام إلى صفوف الدراسة، ويتمنى جميعهم أن تحظى أسرهم بحياة كريمة.

وينتشر هذا النوع من عمل الأطفال في الغالب في المناطق الريفية، حيث الأطفال عرضة للاستغلال، ويتم التعامل معهم كقوة عاملة رخيصة للزراعة ذات الحيازات الصغيرة، والتي تقوم معظمها على أساليب إنتاج غير آلية تتطلب عمالة مكثفة وتتضمن مخاطر عالية، إضافة إلى مثل هذه الأعمال المتعلقة بتقطيع الخشب والتحطيب المنتشرة في اليمن بسبب الأزمات الاقتصادية التي فجرتها الحرب الدائرة في البلاد منذ ست سنوات.

النزوح والنزاعات
ويكشف تقرير حديث لمنظمة العمل الدولية أن النزاع والأزمات سبب ارتفاع نسبة عمل الأطفال في جميع أنحاء المنطقة، وذلك يشمل تورط الأطفال في النزاعات المسلحة وغيرها من الأنشطة غير المشروعة.
التقرير الذي اشتركت في إعداده منظمات متعددة أشار إلى أن النزاعات والحروب على مدار العقد الماضي تزامنت مع زيادة عمل الأطفال بين الأطفال اللاجئين والمهجرين داخليًّا وغيرهم من السكان في جميع أنحاء المنطقة.

ويعد تقرير "عمل الأطفال في المنطقة العربية: تحليل كمي ونوعي" الذي تم إعداده بتكليف من جامعة الدول العربية والمجلس العربي للطفولة والتنمية، الأول الذي يقدم لمحة عامة عن خصائص واتجاهات عمل الأطفال في 22 دولة عضوة في الجامعة. ويقول التقرير إن "الوضع ازداد سوءًا على مدى السنوات العشر الماضية التي شهدت خلالها المنطقة مستويات عالية من النزاع المسلح؛ مما أدى إلى نزوح جماعي للسكان داخل البلدان وبينها.

بحسب السيد عبدالسلام ولد أحمد، المدير العام المساعد للفاو والممثل الإقليمي للمنظمة في الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، أن أسوأ أشكال عمل الأطفال أنشطة العمل الخطيرة في قطاع الزراعة، حيث يعمل معظم الأطفال في المنطقة العربية، سواءً بأجر أم من غير أجر.
ويؤثر النزاع والنزوح الجماعي بشكل كبير على الزراعة والأمن الغذائي. ويعد بناء قدرة سبل العيش الريفية على الصمود أمرًا أساسيًّا للحد من عمل الأطفال في هذا القطاع الذي يتضمن بالعموم مستوى عالٍ من الوفيات المرتبطة بالعمل والحوادث غير المميتة والأمراض المهنية.

وأضاف السيد ولد أحمد: "في بلدان مثل اليمن والسودان ومصر، يضم قطاع الزراعة أكثر من نصف الأطفال العاملين. ويتطلب هذا القطاع عناية خاصة؛ لأن الانخراط في العمل فيه يبدأ مبكرًا مقارنة بالقطاعات الأخرى".
ويضم قطاع الخدمات والصناعة أيضًا أسوأ أشكال عمل الأطفال، ويشمل ذلك المخاطر المختلفة المرتبطة بالعمل في الشوارع. كما يشمل المشاركة المباشرة وغير المباشرة في النزاعات المسلحة وفي الأوضاع المرتبطة بها.

ويوصي التقرير، بحماية الأطفال من الضعف الاقتصادي والاجتماعي من خلال تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للأسر حتى لا تلجأ إلى عمل الأطفال لتوفير دخل للأسر التي يعاني فيها البالغون من الفقر والبطالة. ويتطلب تحقيق ذلك تحسين سياسات سوق العمل، وتوفير الحماية الاجتماعية، وتسهيل الوصول إلى الخدمات الأساسية بما في ذلك برامج التعليم والتوعية.

"خيوط"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى