​السلطة القضائية.. الأبعاد المسكوت عنها في مشكلة رواتب الموظفين الجدد

> يأخذ نضال الموظفين المدنيين والعسكر من أجل الرواتب في المناطق المحررة أحيانًا طابعًا مأساويا، فهناك من ينتحر، وآخر يتحمل بصمت وصعوبة الجوع والأمراض الجسدية والنفسية، وهناك من يحاول دون جدوى رفع دعوى قضائية، وشخص ما بعد أن وصل إلى اليأس يستخدم القبضة والعصي.
الحرب الأخيرة زادت أوضاع الناس في الجنوب تعاسة ومآسي، ونشرت البطالة والرشوة، وقلبت حياة الكثيرين رأساً على عقب، فهذه الحرب سببت ضرراً كبيراً بأوضاع الأسر، لأن في طياتها تدور حرب أخرى أشد فتكاً من الرصاص والدبابات وتتمثل في قطع وعرقلة صرف الرواتب، المصحوب بارتفاع في أسعار المواد الغذائية والبترول ارتفاعاً جنونياً، الأمر الذي أحال حياة ملايين الناس إلى جحيم، وسقط الكثير منهم في دوامة الجوع والفقر والعوز والجريمة.

مشكلة رواتب الموظفين الجدد في السلطة القضائية لا تحمل أي إشكالات "فنية أو تقنية أو مالية"، وتستحق تقييمًا قانونيًا، لأن هناك عرقلة متعمدة من قبل بعض الأطراف التي تحركها أذرع من خارج السلطة القضائية، وحول هذه الأطراف تحوم شبهات "صرف شخصي بمبالغ خيالية" في صور شراء عقارات وسيارات وسفر وحوالات بنكية وشراء ذمم يراد الاستمرار فيها ولو على حساب التخلص من الموظفين الجدد البالغون 1496 الذين تم تعينهم بقرارات وزارية.

الأبعاد المسكوت عنها في عدم صرف رواتب الموظفين الجدد في السلطة القضائية، تكمن في أن هناك من يستغل ضعف الرقابة المالية على ميزانية القضاء، ويريد بقاء الأوضاع القديمة على ما هي عليه تحت مقصلة الصرف المبهم للاستفادة المادية القصوى من مرحلة عدم الاستقرار السياسي الحالي التي جعلت السلطة القضائية ضعيفة الأداء والعدل.

رواتب الموظفين الجدد ستضعف القبضة المالية لأطراف فاسدة تحرص في سلوكها القضائي والأخلاقي على الجشع والترف الشخصي تدوس الكل من أجل مصالحها وترفها ورفاهيتها وحدها، تمارس سياسة إخضاع بعض القضاة والموظفين مادياً من أجل استمرار الهيمنة على القضاء.
رواتب الموظفين الجدد ستضعف وفر الميزانية القضائية الذي يذهب دائماً إلى حسابات جارية غير معروفة في البنوك بدلاً من عودتها إلى وزارة المالية، والرواتب كذلك ستؤثر على مبالغ النثريات الضخمة لدى بعض الكبار في السلطة القضائية، الذين يرفضون بشكل مطلق الشفافية المتعلقة بالتسيير المالي.

صرفت السلطة القضائية في عام واحد أكثر من 22 ملياراً في مجالات غير معروفة، وعجزت عن صرف 2.6 ريال يمني كرواتب لـ "1496" من الموظفين الجدد تم تعينهم بقرارات وزارية وبرسائل موجهة من وزير العدل إلى رئيس الوزراء ووزير المالية ورئيس الجمهورية، يطالب فيها بالتعزيز المالي للموظفين الجدد، إلا أن لا حياة لمن تنادي في اختلال واضح لصورة النظام وهيبته.

واحدة من مئات الصور المأساوية التي وصلت إليها السلطة القضائية، هي أن يعمل موظف بقرار وزاري أكثر من سنة دون راتب، ناهيك عن تدخلات السلطة التنفيذية الواضح في شؤونها، وتعليق العمل في المحاكم والنيابات، وهو الأمر الذي يحث على ضرورة الإصلاحات وإعادة هيكلة السلطة القضائية للمحافظة عليها من الانهيار.
يقول ابن خلدون في شهيرته المعروفة بـ "مقدمة ابن خلدون"، فساد القضاء يفضي إلى نهاية الدول والظلم مؤذن بخراب العمران.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى