الصواعق الرعدية في اليمن والدقائق القاضية

> فاطمة العنسي

> عندما يلمع ضوء الصواعق الرعدية في السماء، يتبعه بصورة خاطفة صوت الرعد الذي يثير في نفوسنا مزيجاً من الدهشة والخوف، يجعلنا نسبح بحمد الله الخالق للكون البديع، متيقنين للسبب الذي جعل أسلافنا القدماء ينسبون الرعود للآلهة أمثال شعوب الأزتك والإغريق القدماء وفي الأساطير الإسكندنافية.

شهدت المحافظات اليمنية، لاسيما الواقعة على المرتفعات جبلية، هطول أمطار غزيرة مصحوبة بصواعق رعدية، بسبب تأثرها بمنخفض جوي مستمر منذ منتصف يوليو الماضي.

ففي الثاني عشر من شهر أغسطس الجاري، حولت صاعقة رعدية عرسًا نسائيًا إلى مأتم، عقب تسببها في وفاه امرأتين وإصابة العشرات في منطقة الأقمر بمديرية ميفعة عنس، التابعة لمحافظة ذمار (وسط البلاد).

أشارت مصادر محلية إلى أن ثلاث نساء توفين، فيما أصيبت 30 امرأة أخرى، تنوعت إصابتهن ما بين كسور وحروق، أثناء تجمعهن في المنزل لحضور حفلة الزفاف لإحدى الفتيات.

الحادثة هي الثانية خلال أيام فقط في نفس المحافظة، التي شهدت مقتل مواطنين بسبب تعرضهم لصواعق رعدية والتي تكثر خلال موسم الأمطار الحالي في البلاد.

على غرار ذلك، قتل ثلاثة شبان، بعد الحادثة السابقة بأسبوع، في محافظة الضالع (جنوب البلاد)، عندما ضربت صاعقة رعدية مرتفعات جبل النبي أيوب، في مديرية جحاف. أهالي المنطقة قالوا، إن الشباب كانوا في رحلة ترفيهية، مستخدمين هواتهم الشخصية عندما ضربت الصاعقة.

خلف ارتفاع الوفيات الناجم عن التعرض لصواعق رعدية في المحافظات اليمنية، خلال الأشهر القريبة الماضية، إثارة مخاوف المواطنين، بشأن الصواعق التي أدت كذلك إلى أضرار مادية مثل قطع الخطوط الرئيسية بين المحافظات، وتهدم المنازل والسدود والحواجز المائية في المساحات الزراعية.

بحسب بعض الإحصائيات التي تلقيناها، فقد توفي وأصيب أكثر من 20 شخصاً بينهم نساء وأطفال، جراء الصواعق وتركزت في محافظات عمران، المحويت، ذمار والضالع في الآونة الأخيرة. وفق المهندس المختص علي جمال باتيسير مدير إدارة التنبؤات الجوية في عدن (جنوب البلاد).
  • ذروة الانفجار
تتكون الصواعق الرعدية من الأبخرة التي تحملها الرياح، ذات الشحنات الموجبة والسالبة، بعد ذلك تنفصل الشحنات السالبة لتتكتل في مكان والموجبة في مكان آخر، عندما يبلغ تكتل الشحنات مستوى متقارب، أي عند الوصول إلى "الانفجار"، فإن الصاعقة تقع.

قال م. باتيسير لـ "الأيام"، إن "الصواعق والأمطار الغزيرة تحصل من نوع معين من السحاب وهو الركام المزني (Cumulonimbus)، وهو السحاب ذو النمو الرأسي والأفقي الكبيرين"، مرجحاً سبب ارتفاع الوفيات ممن تعرضوا إلى صاعق رعدي، هو كثرة توافر ونشاط للسحب الركامية المزنية مؤخراً وتطور التكنولوجيا، إضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي التي توصل لنا كل حدث من كل قطر من الأرض.

وأضاف أن التغيرات المناخية التي يشهدها العالم -واليمن جزء منه- أثرت على المناخ والبيئة اليمنية، لاسيما مؤخراً حيث تشهد بلادنا ارتفاعاً في معدل الهطولات.

لفت م. باتيسير إلى أن المناطق التي تكون عرضة للصواعق هي التي تتكون فيها سحب الركام المزني وغالباً ما تكون على المرتفعات الجبلية (من صعدة شمالاً حتى تعز ولحج جنوباً وشرقاً على محافظات الضالع، البيضاء، أبين، شبوة) وأحياناً على مرتفعات وهضاب حضرموت والمهرة.

من جهته، أكد وكيل قطاع الأرصاد الجوية م. شكيب الطيب لـ "الأيام"، أنه يكثر التعرض للصواعق في الأماكن المرتفعة والمرتفعة جداً، ولكن هذا لا يعني أن تكون الأماكن الساحلية خالية من الصواعق، فهي تتعرض لذلك أيضاً، لكن الخطورة في الأماكن المرتفعة يكون أكثر.
  • الموت المخيف
تحكي أم محمد (50 عاماً)، عن الصواعق وعواقبها الوخيمة، ففي قرية العدين الواقعة في محافظة إب جنوب العاصمة صنعاء: "في يوم ممطر وكثير الصواعق، كان هناك منزل في قريتنا يوجد فيه راديو وكان الراديو شغال وقت المطر، فجاه نزلت صاعقة رعدية إلى داخل البيت تسببت بأضرار كبيرة على البيت وأدت إلى وفاه امرأه، أما بالنسبة للراديو وجدوه داخل بطن البقرة الموجودة أسفل المنزل في حجرتها مقسومة نصفين".

واستطردت أم محمد في حديث خاص لـ "الأيام" قائلة، "هذه القصة حدثت قبل سنوات طويلة، وكنا نخاف كثيراً من الموت بالصاعقة الرعدية وننظر إليها كغضب ينزل من الله على عباده، نسعى لإطفاء الأنوار وكل شيء والبقاء في حالة تسبيح حتى ينتهي المطر المصحوب بالرعد".
  • حلول
أشار م. باتيسير إلى أن من أهم الحلول الممكنة لتجنب التعرض لصاعق رعدي، هو عدم الاقتراب من أعمدة الكهرباء والأعمدة والأدوات المعدنية مثل الأنابيب والأسوار وخطوط الغسيل السلكية، واللوحات الإعلانية والأشجار، إغلاق الهواتف النقالة، تجنب السير في المناطق الرطبة والمغمورة بالماء لأنها موصلة للكهرباء، ولا يجب الوقوف على قمة التلال أو الجبال أثناء وجود البرق، وأضاف، "حاول أن تجد مأوى في المنزل أو السيارة أو في المنخفض أو تحت بعض الأشجار الصغيرة والأقل طولاً من تلك التي حولها، وفي حال ملاحظتك أن شعرك أصبح واقفاً، فعليك أن تسقط فوراً على الأرض وتضم ركبتيك إلى صدرك في وضع يشبه الكرة.

ولفت في حديثة لـ "الأيام": أقترح عمل موانع للصواعق في أعالي الجبال والأماكن العالية خصوصاً في المناطق التي تتأثر كثيراً بالعواصف الرعدية ليتم تفريغها أولاً بأول إلى باطن الأرض لتقليل نسبة الضرر قدر المستطاع.

ووافق شكيب الطيب وكيل مساعد لقطاع الأرصاد الجوية المختصة في عدن، حول النصائح التي قدمها م. باتيسير، مضيفاً أنه يجب تجنب الوقوف أو الجلوس في الأماكن المكشوفة بجانب الأشجار والمياه، كونها أكثر الأماكن عرضة لسقوط الصواعق الرعدية عليها.

وقال الطيب في تصريح خاص لـ "الأيام"، "أضف إلى ذلك الأماكن ذات المساحات المفتوحة كملاعب كره القدم، وهناك حالات حوادث لموت لاعبين أثناء المباريات تعرضوا لرعد، لأن الملعب يعتبر مكاناً مكشوفاً، وفي حالة تعرض أحد الأشخاص المحيطين بك لصواعق البرق، يجب التوجه به إلى أقرب مستشفى، لوضعه على جهاز الإنعاش القلبي الرئوي، لتنشيط الدورة الدموية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى