موسم شد الرحال إلى يافع.. سياحة وطبيعة ساحرة

> يافع "الأيام" صالح لجوري

> تتزين جبال ومدرجات ووديان مديريات يافع أبين لحج في كل عام منذ أواخر فصل الصيف، وطوال فصل الخريف، والنصف الأول من فصل الشتاء، بحلل ربانية بديعة في غاية السحر والجمال، وتكسو سلاسلها الجبلية الأشجار النباتية الموسمية والمعمرة، ومزروعات الحبوب والفواكه المتنوعة، والخضار، وتنبجس من بين أغوار ثقوب تصدعات جبالها، وبطون الوديان شلالات وعيون غديرية عذبة، هذه الأجواء الجميلة في يافع أثرت كثيرًا في جذب نفوس أهل يافع وغيرهم، وهيجت شغف حبهم للطبيعة ومناظرها ذي التكوين الرباني البديع، حيث تعتبر هذه المواسم المذكورة أجمل المواسم السياحية التي يشد لها الرحال من الجنوب والشمال والشرق والغرب، ومن أشهر وديانها الجميلة التي يقصدها السياح المحليون والقادمون من مناطق أُخَر (وادي بنا) وفروع الوديان المحيطة به، التي تصب مجاريها فيه، وتضلل جنباتها غابات من الأشجار والأزهار العطرية، التي يفوح عبيرها في أرجاء الوديان النضرة، باعثة النشوى والانتعاش في نفوس الزائرين، وتشكل الوديان المحيطة أو المترابطة بوادي بنا خطوط وصل من كلي جنباته، يشبه أضلاع الجسد البشري وعموده الفقري، وفيها توجد المسابح الطبيعية، التي تغذيها الينابيع التي يمتزج خرير ماءها بشدو العصافير والطيور التي تطرب الطبيعة الخضراء وعشاقها، الذين يأنسون بزيارتها والاستمتاع بأجوائها الممتعة، ومن الوديان الجميلة أيضًا وادي يهر، ووادي ذي ناخب، ووادي حطيب، ووديان في رصد، وكذلك وديان زراعية متعددة في مديرية الحد، تبدو كأنها لوحة فنية رسمها الخالق بأجمل صور الإبداع والجمال، ووديان منحدرة ساحرة في المفلحي، جميعها تمنح الإنسان الزائر والمواطن فيها طاقات إيجابية ممتعة تبعث البهجة والسرور.

بالإضافة إلى أن ليافع بتكوينها الاجتماعي والإنساني إلى جانب الطبيعة جاذبية روحانية متجددة لكثير من العادات والتقاليد التي تمتاز بها مواسم يافع السياحية وهي عادات منبثقة ومستوحاة من روح ثقافة وآداب وتراث الدين الإسلامي الحنيف، وحضارات متنوعة ضاربة في أعماق التاريخ، بعد أن مرت بعمليات فلترة مرحلية تسلسلية، وهي ذات جاذبية متجددة تفعل فعلها في النفوس البشرية، وتمنحها ثقة متناهية في التألف والتأقلم وعمل ترابط تاريخي إنثربيولوجي وسيوكلوجي وثيق بين الماضي والحاضر تتبلور نتائجه في قوالب جديدة تتناسب مع طموحات الإنسان وتجعله يتشبث بها والمحافظة على محصلة ما أنتجه الفرز الجمعي لكل شيء جميل يسعد حياة الإنسان ويخدم احتياجاته المادية والمعنوية وهذا ما جعل الكثير من العادات والتقاليد الحميدة بيافع باقية في المجتمع محتفظة بخصوصيتها وجاذبيتها منذ مئات السنين، على الرغم من تنوع المراحل التاريخية وما رافقها من تناقضات ومتغيرات لا حصر لها. ففي حاضر يافع اليوم لايزال معظم العادات والتقاليد مميزة وتعتبر محل جذب للسياحة والهجرة إلى يافع للتمتع بمناظرها الطبيعية، وقضاء أوقات ممتعة بعيدًا عن الضوضاء ومنغصات الحياة في أماكن الازدحام التي تفتقر إلى الأجواء الطبيعية. وتكون كثير من الأجواء والمناظر الطبيعية الخضراء النادرة بتكويناتها والمناظر المعمارية حصرية على مناطق يافع، مثل ما تتميز في إنشاء العمارة الحجرية ذوات الألوان والمواصفات الهندسية الخاصة بالعمارة اليافعية النادرة على مستوى العالم، ولها مهندسون وبناؤون مهرة في يافع، يتوارثون المهنة والخبرات من جيل إلى آخر. وكذلك عادات وتقاليد الأفراح بيافع في هذه المواسم ذات الطبيعية الخلابة، لها أثرها الإيجابي في حياة المجتمع اليافعي والقادمين إليه، فهي لا تقتصر على فرحة خاصة بأهل العرس فقط؛ بل تكون فرحة عامة يشارك فيها القريب والبعيد، ومعظم تلك الطقوس الفرائحية تكون عبارة عن ملتقيات للتسامح، وأمسيات شعرية لكبار الشعراء الشعبيين، وتوجد ضوابط اجتماعية غاية في الحرص والمحافظة على سلامة هذه الملتقيات الفرائحية بشكل آمن ومثمر في الوقت نفسه، وعلى مدى مواسم يافع السياحية تفتح المجالس للأمسيات الشعرية والفرق الفنية الشعبية ومجالس أخرى يتحدث فيها أصحاب الحكمة والمعرفة للحاضرين عن الحياة العامة بين الأصالة والمعاصرة وقد أثمرت الكثير من هذه اللقاءات والأحاديث عن حل بعض الخلافات أو العزم على إقامة مشروع خدمي أهلي أو تنفيذ عمل خيري، وحث الناس على التضامن وتجسيد أواصر الود والإخاء، ناهيك عن كون هذه اللقاءات همزة وصل للتعارف والألفة، وتسهم في خلق ترابط إنساني وأخلاقي في المجتمع.

مواسم للحب والتسامح ولقاء الأحبة
يعتبر سكان يافع والقادمون إليها من أبناء يافع أو الزائرين من مناطق أخرى هذه المواسم ملتقى للحب والتسامح ولقاء الأحبة التي باعدت بينهم أسفار الحياة في كل بقاع العالم وتقام الاحتفالات واللقاءات الفرائحية في الوديان. ورؤوس الجبال الشاهقة التي لا يرغب الزائر الابتعاد عنها، وهي موسم عودة أبناء يافع من دول الاغتراب والمدن الرئيسة في اليمن واللقاء بأهاليهم وقضاء إجازاتهم. وتكثر في هذه المواسم التزاوج وإقامة مراسيم الأعراس في كل مكان.

أهم المعوقات للسياحة في يافع
يعتبر عدم توافر التجهيزات الفندقية الكافية والمؤهلة لتلبية احتياجات الإنسان أهم معضلة تواجهها السياحة الداخلية في يافع، حيث تفتقر كثير من المديريات إلى الفنادق وانعدامها في مديريات أخرى، وهذا ما جعل الزائرون يضطرون إلى الزيارات القصيرة فقط، والعودة إلى مناطقهم، خاصة الزائرون من غير أهل يافع والذين لا يستطيعون المبيت في الوديان والأماكن السياحية المفتوحة، وآخرون يحصلون على المبيت والإقامة من قبل الأهالي، خاصة في أوقات هطول الأمطار، وكذلك من المعوقات ازدحام الخطوط بالناقلات الثقيلة بعد أن تحول الخط الإسفلتي لحج يافع إلى طريق دولي مؤخرًا بازدياد نسبة مرور المركبات وازدحامها بنسب تفوق قدرات الخط الاستيعابية بعشرات الأضعاف.

ومن المعوقات التي تعيق حركة الزائرين والسكان انعدام الجانب التنظيمي للحركة المرورية في الأسواق وأماكن الازدحام ووجود البسطات والأكشاك العشوائية.

موسم نبات ونمو الأشجار والأعشاب الطبية النادرة
في موسم الخريف بيافع يكثر البحث عن الأشجار والأعشاب الطبية من قبل الزائرين والسكان المحليين والعشابين، حيث يوجد بيافع جميع أنواع الأشجار المتنوعة والنادرة منها والغريبة التي لا توجد في أي مكان آخر، وهناك مخاوف لدى المهتمين بهذه النباتات والأشجار من انجرافها وتصحر مواطنها الأصلية، بسبب عشوائية الحصول عليها ونزعها من جذورها دون مراعاة لعواقب ذلك الفعل، أو التفكير بأخذ أجزاء منها وترك الشجرة الأم للتكاثر والمحافظة على ديمومة بقائها.

أمنيات
يتمنى كل مهتم ومحب للطبيعة والإنسانية أن يبادر رجال المال، والأعمال، والمستثمرون بإنشاء التجهيزات الفندقية والمطاعم السياحية والمنتزهات والألعاب لخدمة السياحة في يافع، خاصة والجوانب الحياتية الأخرى لما من شأنه جذب المزيد من السياح، وتشجيع الاستثمار ورفد المنطقة بالعوائد الاقتصادية المأمولة والمناسبة التي تسهم في تأسيس مقومات التنمية والنهوض بها إلى أعلى المستويات، وبناء الإنسان كما يجب لمواكبة التطورات وتلبية متطلبات العصر الحاضر والمستقبل.

ويتعشمون في الدولة والقائمين على شؤون يافع ومحافظتي لحج وأبين الاهتمام بمديريات يافع والقيام بمسؤولياتهم الأخلاقية والخدمية لخدمة المنطقة والسياحة خاصة، وتنظيم خطوط الطرقات الإسفلتية الداخلية، والخط العام الدولي، وإيجاد حلول عملية مستعجلة لمشكلة الازدحام في خط الطريق العام لحج - يافع الذي كلف المواطنون والمارون خسائر مادية ومعنوية تجاوزت كل الحدود.

ويأمل المواطنون توفير الخدمات اللازمة التي تخدم السياحة والاقتصاد وتعود على المنطقة بأرباح ومدخرات تخدم التنمية والإنسان في يافع ومحيطها الجغرافي، ورفد خزينة الدولة باعتبار يافع جزء لا يتجزأ من مكونات المجتمع والدولة.


> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى