لكي لا يكون الخلل استحقاقا موروثا

> من إصلاح الخلل إزالة ازدواجية الهوية ومنه قبول النقد، فالنقد سيأتي من أنصار الجنوب لتقييم مشروعهم أو نقد من أعدائه لتهديمه، فمن الضروري التعامل مع نقد الأنصار بوضعه في سياقة والتعامل مع نقد أعدائه بتحويل نقدهم من هدم إلى إصلاح الخلل، ومن إصلاح الخلل أيضاً أن نفصل نقد أداء الأشخاص، وأنه ليس نقداً لمناطقهم أو تقليلاً من دورهم، ففي كل محافظة أشخاص تعرضوا إلى النقد لأخطائهم مع أن صفحاتهم الوطنية مليئة بالنضال، ولا نعتبره نقداً لهم أو نقداً للمناطق، بل للقرار الخطأ أو الموقف الخطأ أو الانحياز الخطأ، فهذا الخلط يجعل من الشخص والمنطقة شيئاً واحداً، ويوفر حماية للخلل ويجعله استحقاقاً موروثاً.

من إصلاح الخلل عدم ترحيل النقد، ومهما كانت الحجة تحتاج النقد في هذه المرحلة، مرحلة البناء والتأسيس على أسس سليمة ومتينة، فإن أهم أسباب فشل الوحدة بين الجنوب واليمن أنها لم تبنَ على أسس سليمة وصحيحة تضمن لها عوامل التوازن والشراكة الحقيقية، فالنقد وقته الآن والمشروع الوطني السياسي قيد الإنشاء، فهو ليس كائناً معلقاً سينزل من السماء كاملاً وقت ما نشاء، بل اجتهاد وقرارات وبناء وتوازنات يقوم بها رجال، فيها الصح والخطأ والإيجابية والسلبية، وفيها الذاتية، وفيها الكثير من النوازع التي شكّلت ذاكرتنا التأسيسية في الجنوب، وأبرزها الانقسامية التي لا مجال لصهرها إلا في تأسيس المشروع الوطني والسياسي والمؤسسي في هذه المرحلة التي تتأسس فيها جنينية مشروعنا الوطني.

إن المجلس الانتقالي ليس دولة، لكنه يباشر مجالات تؤسس لها، ومن الضروري تقييم أداء قيادات المشروع الجنوبي، فتراكم الأخطاء يجعلها من "الصواب والحق الموروث"، وترحيلها وعدم مباشرتها بالنقد وتصحيحها الآن سيحتاج إلى قوة تغيير أقوى من النقد مستقبلاً، أو ستؤدي إلى فشل المشروع الوطني، لكن التقييم والتصحيح يجعل الناس تثق بالمشروع وتدافع عنه، بل تضحي من أجله.

في السياسة تتهيأ ظروف للقرارات التصحيحية، فقد كثر الكلام همساً وتصريحاً عن ضرورة بناء وهيكلة القوات الأمنية والعسكرية وغيرها وفق أسس مهنية ووطنية، لكي لا يصبح الخلل فيها حقاً موروثاً، ومعركة عدن أوجدت الأرضية والظرف والتهيئة المناسبة لإجراء ذلك التغيير، وذلك لا يقلل من دور الذين تحملوا صعوبات المرحلة الماضية، وهم في الأخير بشر عرضة لكل المؤثرات التي يتعرض لها البشر، لكن مرحلة البناء الجنيني للمستقبل تتطلب توسيع دائرة الشراكة الوطنية، فمركزية ومحورية عدن في الجنوب تتطلب ذلك مع الحفاظ على مركز صلب عصي على الاختراق تتطلبه المرحلة، ما لم فإن مشاريع أخرى ستوسع الدائرة لأجنداتها وهي تسعى جاهدةً إلى وصم المشروع الوطني وهيئاته بالمناطقية في حملات ليست خافية أو مستترة من أعداء المشروع الوطني، وتستشهد بشواهد من الشخصية والمناطقية وغيرها من الأنماط التي من الصعب الدفاع عنها أو تبريرها إلا بإعادة تدريب وتأهيل وتدوير طوق عدن بما يمثل الطيف الجنوبي قيادة وأفراداً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى