​الشهيد الحي ..أحمد حامد لملس

> عندما تسنم الأخ أحمد حامد لملس أمر محافظة عدن كان المواطنون فيها بين مشفق عليه و متفاءل بوجوده  على رأس السلطة، وجل أهلها يدعون الله أن لا يكون هذا الشاب مشروع شهادة لاحق على طريق ابن عدن الشهيد البطل جعفر محمد سعد.
حالة القلق مردها ما تحملته المدينة العظيمة عدن من أحمال الحقد والعبث مما تنوء من حمله الركبان. وعلى مدى زمني ليس بالقصير يبلغ ذروته المأساوية في السنوات الست العجاف الأخيرة، التي ما تزال متصلة بحبال البؤس مهددة المواطن في صميم حياته، وكأن ما يراد له هو أن يموت جوعا، أو أن يذل ويبقى في أرضه كـ "الأيتام على موائد اللئام" وما أكثر اللئام في حياتنا اليوم.

كان الشعور الجمعي لأبناء عدن الترحيب بالمحافظ الجديد؛ وهو شعور مرده إلى الثقة و المقدرة التي تكتسبها شخصية ابن شبوة الذي خبر الحياة و العمل في عدن منذ يفاعته.
و ليس صعبا أن نكتشف، مذ البداية بكل بساطة وفي كل عمل يقوم به المحافظ الجديد،

أن قرون الشر الكامن في المدينة أو المرسل إليها سوف ترمي أشراكها في طريقه، والهدف أن يفشل الرجل في إحداث تغيير نوعي في عدن، وأن يصاب بالإحباط في كل مسعى إصلاحي يسعى إليه، سواء في مجال البنية التحتية كالكهرباء والمياه، أو بعودة الأمن إلى ربوعها، ولجم فوضى تدهور العملة وارتفاع الأسعار، مما يهدد حياة المواطنين في أمنهم الغذائي، وهم الذين عمادهم في الأساس على رواتب ضئيلة، وانعدامها على قطاعات منهم يجعل غالبية السكان تحت مستوى خط الفقر بعد أن اضمحلت الطبقة المتوسطة والتحقت بالطبقات الأشد فقرا، وهي الطبقة التي منها تبرز قدرات أي دولة في العالم في مكونها العلمي والثقافي و الاقتصادي والاجتماعي.

في فترة وجيزة يحوز هذا الشاب على حب الناس، و كنا نقول في قرارة أنفسنا، وعلى رؤوس الأشهاد أيضا: إن الحب وحده لا يكفي، وإنه على الجميع العمل مع المحافظ، كل من موقعه بنفس درجات التفاني و العزم التي يتمتع بها، وإن حماية هذا المحافظ  مسؤولية الجميع، و هي جزء لا يتجزأ من حمايتنا لعدن التي نحبها.
أحمد حامد لملس، وهو يصارع حرب الجيل الرابع المعلنة على عدن، كان وفيا لهذه المدينة التي ترعرع فيها وشرب من مائها، و أكل من مأكولاتها، و أغرم ببحرها والجبل، والمدينة نفسها قد أكسبته بعضا من خصالها، وبالذات خصال الصبر وسعة الصدر؛ ليلحق الخطوة بالأخرى في كل عمل يتحقق. وكأنه قرأ - وهو لم يقرأ كما أعتقد - كتاب لينين "خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الخلف" ليكسب في كل يوم عملا يعود بالفائدة لعدن وأهلها.

كان أحمد حامد لملس قاب قوسين أو أدنى من الشهادة من أجل عدن، في الحادث الإجرامي و الإرهابي، الأسبوع الفائت، الذي اقض مضاجع عدن الوادعة، وهز مشاعر أهلها الطيبين. وفقد الرجل فيه، ليس نفرا من فريق عمل بالمعنى التقني الصرف، بقدر ما خسر نجوما من بشر كانت تتلألأ في جوانح و كيان أحمد حامد لملس.
 وما ذاك إلا لأن لملس تفانى في حب عدن وأهلها، ولم يجعل الوظيفة برجا عاجيا يحجبه عن مواطنيه ولم يحترز كثيرا للإرهاب المتربص وهو يتفقد أحوال المدينة دون توقف.

كان لعدن، ولا زال، أياد بيضاء علينا جميعا، زائرين جئنا إليها أم مقيمين أم حتى مارين مذ أن كانت على الجغرافيا مدينة الإنسانية الأولى.
 فطوبى لها، و طوبى لابن لملس، والسلامة له بعد أن سجل الشهادة حيا من أجل عدن، و الرحمة و المغفرة للشهداء الأبطال من رفقته وأحبته.
 ولا نامت أعين الجبناء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى