البطالة.. الخطر المحدق

> "إن ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب في بعض الدول العربية لتصل إلى 66 في المائة يؤكد أن سياسة التعليم في الدول العربية غير سليمة، مما يتطلب إعادة النظر في التعليم".
عمرو موسى - الأمين العام السابق للجامعة العربية.

- بعد بدء الحرب القائمة في مارس 2015م ومباشرة بدأت بالظهور فقاعات اقتصادية ومالية، ما لبثت، مع مرور الوقت، أن استفحلت بدرجة كبيرة لتنشر شرورها وسمومها وآذاها عميقا في حياة ومعيشة المواطن.

- وبغياب المسؤولية والضمير من أصحاب الحل وقلة حيلة من بيدهم القرار لمواجهة مثل هذه الأحداث والوقائع، تطورت (Evolved) هذه "الفقاعات" لتصبح مشاكل اقتصادية ومالية كما وكيفا، ونتيجة لعدم إعطائها الاهتمام والأولوية تحولت تلك إلى "أزمات" عميقة ومتجذرة برغم قصر المدة الزمنية تحت الاعتبار ولتلقي بأجوائها السلبية وضلالها الخطير على الحركة والنشاط الاقتصادي والمالي والتجاري.

وتحت "ضغط ومطالب الشارع" بخصوص هذا الوضع المقلق، شرعت جهات السلطة الرسمية العمل بغير تفانٍ وبسطحية هشة وبخطى بطيئة متعمدة على أمور وعوامل ومواضيع أخرى مختلفة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر التالي:
العملة وسعر الصرف، التضخم المسعور في الأسعار، مشاكل الخدمات، أسعار (وتوفر) المشتقات النفطية، رواتب المتقاعدين من قطاع الجيش والأمن المتأخرة (عمدا)، الوديعة السعودية وآلياتها المتقهقرة... وأخرى.

وبرغم التدخل الحكومي المتقاعس والمتظاهر بحلحلة وتحريك هذه الأمور (أعلاه) نظرا لـ "أهميتها" والدور الذي تلعبه وتساهم فيه هذه العوامل في الاقتصاد الكلي للبلاد وتأثيراتها وانعكاس ذلك على مستوى ووضع المواطن المعيشي، إلا أنه لم يتم تسجيل أو تحقيق أي نجاح ملموس أو انفراجة مستدامة تذكر بهذا الخصوص. بل إن حالات وأوضاع هذه "العوامل/ الأمور" ازدادت سوءا وتدهورت مؤشراتها. فلا "توقف" التدهور تاريخي لسعر صرف الريال، ولم يتم "احتواء التضخم" ولم يسجل أي تحسن في الخدمات... إلى آخره.

هذا الوضع المتردي والمتراجع مقرونا بعزوف السلطة المتعمد عن التدخل الصادق والفعال لتصويب وتصحيح المسار أدى إلى ظهور وتأسيس "الاقتصاد الأسود" بكل نشاطاته "الهدامة" وتعاملاته "غير القانونية" بكافة أنواعها وأشكالها ليصبح "المسيطر وصاحب القرار" الاقتصادي والمالي على الساحة بدون منازع.

- وفي ظل هذا الوضع القاتم والتسيب والفوضى الاقتصادية والمالية أغلقت وانكمشت وتقلصت الحركة الاقتصادية لقطاعات عديدة من تجارة وصناعة وخدمات (فندقة، تعليمية، طبية/صحية...) واستثمارات مملوكة من قبل القطاع الخاص بكل أحجامه (كبير، متوسط، صغير، متناهي الصغر) الذي يمثل نحو 90 في المئة من إجمالي حجم الاقتصاد. ويعتبر "أكبر مساهم للتوظيف والشغل" لليد العاملة، في الواقع أكبر "صاحب عمل - Employer" حتى من القطاع الحكومي.

ولكن الجدير ذكره والتأكيد عليه ويعتبر ذو "أهمية قصوى" هو ما نتج عن وسببته هذه الوضعية غير الصحية اقتصاديا في قطاع "التوظيف Employment " بكافة قطاعات الناتج المحلي الإجمالي – GDP وما تلى ذلك من تخفيض للرواتب وساعات العمل وتسريح والاستغناء عن عشرات الآلاف ولربما "مئات الآلاف" من العمال والموظفين ليرتفع ويسجل مؤشر "البطالة Unemployment" (تعريفها: عندما يبحث شخص بكل جهد وهمة عن عمل/ وظيفة ولا يجده) في اليمن أعلى مستوياته على الإطلاق، وهو وضع يعتبر في منتهي الخطورة لتأثيراته الاقتصادية عامة والاجتماعية خاصة، جعل البطالة Unemployment في اليمن هي "الأعلى" على مستوى العالم العربي الذي هو الأعلى عالميا.

وتعد «البطالة» مؤشرا اقتصاديا مهما؛ لأنها تشير إلى قدرة أو عدم قدرة العمال على الحصول بسهولة على عمل مربح للمساهمة في الناتج الإجمالي للاقتصاد.
ويمكن أن تشير معدلات البطالة المرتفعة والمستمرة إلى ضائقة خطيرة في الاقتصاد، بل قد تؤدي إلى اضطرابات اجتماعية وسياسية.

وبناء على ما تقدم، نرفع "الراية الحمراء" عاليا ليراها القاصي والداني ونحذر بأعلى صوت أن "الوضع خطير" جدا وللغاية. تأخير البت ودراسة ملف "البطالة" سيكون له تبعات ونتائج لا تحمد عقباها.
وعليه، عندما تضع الحرب أوزارها (قريبا بإذن الله) سوف تكون "البطالة " بوضعها العام و"بطالة الشباب" خاصة وسبل تخفيضهما من مستواهما القائم إلى مستويات عملية ومقبولة أشرس معركة وأكبر تحدٍ ستواجه مؤسسات الحكم والقرار في حينه.

- لهذا لابد من العمل والاستعداد من الآن وليس غدا، وذلك بالتحضير لسيناريوهات ونظريات "حلول ومخارج" ودعوة الجميع ليشارك من حكومة ورجال أعمال واستثمار من الداخل والخارج ومؤسسات وصناديق التمويل العربية والعالمية.
- وعموما، فطالما رددت دول التحالف العربي "وقوفها" مع اليمن لتجاوز محناته وصعوباته الاقتصادية، ولكن محلك سر! نقول "ألم تتعبوا من كثرة وقوفكم ؟!".

- ماذا وبدلا عن هذا "الوقوف"، دعونا جميعا هذه المرة "نجلس" ونناقش ونتبادل المعلومة والخبرات والتجارب ومدى حجم المساعدة والموارد الممكن توفيرها، التي ستؤسس منطلقا فعالا وحلولا مستدامة لـ "معضلة البطالة" في اليمن، خاصة أن هذه الدول عانت من مشاكل البطالة عامة والشبابية منها خاصة. الشباب عمود مستقبل وثروات الدول، أضف إلى هذا أن إحدى دول التحالف العربي تساهم حاليا بخبراتها ومواردها المالية في التخفيف من مشكلة "بطالة الشباب" في إحدى الدول العربية المحورية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى