الشحر تودع ظاهرة عبقرية كروية وفنية نادرة التكرار.. الأديب الكابتن محمد حسين الجحوشي

> كتب/ رياض عوض باشراحيل:

> انطفأت شمعة الفن الكروي الرياضي، والأدبي الثقافي الذي ظلت متوهجة لعقود، وغادر دنيانا الفانية إلى جوار ربه الأديب والشاعر والكابتن محمد حسين الجحوشي "أبو حسين" يوم الخميس ٢٥/ نوفمبر/ ٢٠٢١م، بعد معاناة مع المرض في القاهرة بجمهورية مصر العربية.

والأستاذ "الجحوشي" ظاهرة فنية عبقرية نادرة التكرار، وبصمة متفردة ملكت قلوب الجماهير، وصاحب النجوميات والقمم المتعددة، فهو النجم الكروي الرياضي ونجم الثقافة والأدب والمسرح، ونجم الشعر الغنائي، واللاعب المتألق الأبرز لنادي شباب الجنوب بالشحر، ومنتخب مدينة الشحر منذ الخمسينات حتى سبعينات القرن الماضي.

وقد ووري جثمانه الثرى في مقبرة "عمرو" بعد الصلاة عليه في الجامع الكبير بمدينة الشحر عصر يوم السبت ٢٧/ نوفمبر/٢٠٢١م .

سيرة حياة
الشاعر والكابتن محمد حسين الجحوشي
من مواليد مدينة الشحر عام 1948م من أسرة عرفت بحبها للمعرفة والأدب والفن، تلقى تعليمه الأول بمدرسة مكارم الأخلاق بالشحر، ثم انتقل إلى المدرسة المتوسطة بها، وواصل دراسته للمرحلة الثانوية بثانوية المكلا.
بعد تخرجه، انخرط في سلك التربية والتعليم معلما في المدرسة الإعدادية بالشحر، وكان مديرها التربوي الأستاذ محمد عبدالله باشراحيل، وانتقل معلما إلى خارج الشحر ومنها منطقة "العنين" بالقطن.

أكمل دراسته الجامعية بجامعة عدن ونال البكلاريوس في الأدب الإنجليزي ثم انتقل إلى الحقل العملي الوظيفي في مجالات متعددة، كان آخرها مديرا لمكتب وزير التخطيط والتعاون الدولي في حكومة بلادنا بصنعاء، ثم مديرا لمكتب رئيس الوزراء عبدالقادر باجمال.
متزوج وله ولدان، حسين وعلي وخمس بنات.

شقيقه الأصغر هو الممثل الكبير والمخرج المسرحي و التلفزيوني بقناة الجزيرة الفضائية الأستاذ سالم حسين الجحوشي. وقد أشاد الأستاذ "سالم" في حوارات إعلامية متعددة بقدوته ومربيه ومعلمه الذي يدين له بالفضل لما وصل إليه من تفوق إبداعي ومكانة ونجومية فنية، كانت بفضل شقيقه الراحل الفقيد "أبو حسين" - عليه رحمة الله.

صفاته وأخلاقه
والفقيد الأستاذ "محمد الجحوشي" شخصية هادئة متزنة وطريفة باسمة، تشع فضلا ووقارا وأدبا وحكمة وحسن خلقا.
عرف ببساطته وتواضعه الصادق، ووفائه لكل من عرفه ومن لا يعرفه، وللجماهير التي واكبت تألق نجاحاته ونجوميته وشهرته الطاغية، وأسعدها خلال مراحل مختلفة من مسيرته الإبداعية، فكان يبادل كل هؤلاء حبا بحب وتقديرا بتقدير ووفاء بوفاء - طيب الله ثراه-.

وكانت بساطة الفقيد وتواضعه وسجاياه الحميدة تتجلى بوضوح في شخصيته، وتبرز لدى أهله وأصدقائه في كل زيارة لمسقط رأسه مدينة الشحر، خاصة بعد أن غادرها إلى العاصمة صنعاء ثم إلى عدن استجابة لظروفه العملية، ففي كل مرة يصل فيها إلى الشحر، منبت مواهبه وملاعب ذكريات الصبا والشباب، يحرص الأستاذ في الصباح الباكر من كل يوم على لقاء أصدقائه وأحبائه في المقهى بسوق الشحر، والمقابلة لنادي شباب الجنوب سابقا، وكاتب هذه السطور أحد أصدقائه وأعضاء مجلسه العامر والرافعين راية الفرح والابتهاج بحضوره، الذي يحيل مجلسنا اليومي إلى منتدى أدبي وثقافي وفني، يقصده أصدقائه وتلاميذه ومحبوه، وبعض النخب الثقافية الذين يصلون إلى المكان لغرض زيارته ولقائه والاستمتاع باستعادة ذكريات الماضي الكروي والمسرحي والغنائي. والسلام عليه - رحمه الله -.

شباب الجنوب.. والنجومية
تفتقت مواهبه المتميزة في كرة القدم وهو بالمدرسة الابتدائية، ولفت الانتباه إلى مواهب وملكات متفردة يتمتع بها الطالب "الجحوشي" لا بد أن تثمر وتحقق نتائج باهرة مستقبلا. واستطاع نادي شباب الجنوب أن يضم الفتى الموهوب إلى صفوفه، فكان لاعبا فذا ومتميزا في أدائه، وهدافا من الطراز الأول، حقق لفريق شباب الجنوب انتصارات كبيرة، وسجل أهدافا رائعة حصدت كؤوس الفوز في مباريات منها:

- الفوز بكأس الوزير العطاس عام ١٩٦٥م.

- الفوز على فريق "شباب التواهي" بعدن عام ١٩٦٦م .

- الفوز بكأس الشهيد القاضي عام ١٩٦٦م.

- فوز منتخب أندية الشحر الشباب والكوكب على منتخب أندية المكلا عام ١٩٦٦م وغيرها .

ومن تأثير حب المعرفة والثقافة والاطلاع في سلوك الفقيد، فقد أحب المسرح كأحد ألوان الثقافة والفن وولع بالتمثيل، فشارك بتألق في أداءه التمثيلي لبعض الأدوار بالمسرحيات التي قدمها فريق شباب الجنوب آنذاك، ومنها:

- مسرحية "الثورة" تأليف محمد علي مخارش، وإخراج محمد عوض باصالح، وقد عرضت بالشحر والمكلا ووادي حضرموت.

- مسرحية "انتصار الحق" التي امتد عرضها إلى عدن.

- مسرحية "هاملت" لشكسبير إخراج محمد عوض باصالح وكان الدور الرئيس بهذه المسرحية للأستاذ سالم حسين الجحوشي شقيق الفقيد الراحل الذي برز منها كنجم انطلق نوره وتلألأ فيما بعد في سماء المسرح والفن العربي.

وقد استمر نشاط الفقيد "محمد الجحوشي" الرياضي والمسرحي الإبداعي مع نادي شباب الجنوب، حتى غادر مدينة الشحر إلى عدن لغرض الدراسة الجامعية.

النشاط الثقافي والأدبي
وقد امتد نشاط الفقيد محمد حسين الجحوشي وعطاؤه الثقافي والأدبي فأضحى:

- عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.

- رئيس منتدى الشعر واتحاد الأدباء - فرع عدن - لثلاث سنوات.

- نشر ترجماته وأشعاره في المجلات العربية.

- له مشاركات في المهرجانات الشعرية والندوات الأدبية خارج اليمن في العراق والشارقة ونيودلهي، وفي مختلف أنحاء اليمن.

صدر له:
- ديوان "ما لم تقله الغيوم" (1983).

- ديوان "وجه آخر لغرناطة" (2003).

حصل على عدد من الأوسمة والميداليات والشهادات التقديرية تكريما له و لمنزلته الإبداعية، ومنها وسام حرب التحرير، وميدالية التفوق العلمي، وعدد من الشهادات التقديرية الرفيعة المختلفة.

من شعره الغنائي
كتب شاعرنا الغنائي محمد الجحوشي عددا من الأغنيات الوطنية والعاطفية والاجتماعية الرائعة، التي حظيت باستحسان الجماهير وحب كبار الملحنين كالملحن الشهير أحمد بن غودل، والملحن الموسيقي سعيد بامختار، والملحن الموسيقي إبراهيم الصبان وغيرهم، فصاغوا لتلك النصوص ألحانا رائعة كتبت لتلك الأغنيات الخلود، ومنها حول أثر الهجر والجرح والغدر.. قال شاعرنا:

بعد هجرك بعد غدرك

بعد نكران الجميل

بعد قلبي اللي جرحته

كيف اعد لك مستحيل؟!

وقد ترنمت بهذه الأغنية الحناجر اليمنية والخليجية، وبثتها الإذاعة والتلفزيون، وكانت بصمة مميزة ونغمة سكنت قلوب الجماهير، وحظيت بإعجابهم، ونال بها شاعرنا التألق والشهرة والنجومية.

ومن الأغنيات العاطفية أغنيته الشهيرة "غالي غالي" من ألحان أحمد بن غودل، التي استهلها بقوله:

غالي غالي .. غالي يا محبوب قلبي غالي

غالي غالي .. غالي وذكرك ديما على بالي

وسجل الأغنية لتلفزيون الكويت الفنان الراحل سالم علي بازياد، وغناها الفنان الكبير الدكتور عبدالرب إدريس، والفنان علي الصقير، واشتهرت في عدن، وسجلت للتلفزيون بصوت الفنان الرائع أنور مبارك.

كتاب تذكاري
تدوين تاريخ الأعلام والرموز في ميادين الحياة المختلفة في أي مجتمع من المجتمعات يعد من شيم الشعوب الحية، لأنه صفحة مضيئة من صفحات تاريخ الوطن، وكلنا أمل في السلطة المحلية بالشحر والسلطة الثقافية والرياضية بها وبالمحافظة أن تمنح لقامة سامقة ورمز شامخ بحجم الكابتن الأستاذ محمد حسين الجحوشي اهتماما بإعداد كتاب توثيقي لتأريخ هذه الظاهرة الإبداعية من الميلاد حتى الرحيل مطرزا بالصور والشهادات الوثائقية، التي تكشف لأجيال المستقبل أفذاذ الرجال والرموز الشامخة في تاريخهم وتاريخ وطنهم.

رحم الله أستاذي وأخي وصديقي محمد حسين الجحوشي "أبو حسين" صانع النجوميات و القمم الإبداعية..
وستظل يا فقيدنا "أبو حسين" أثرا إبداعيا كبيرا ساكنا في الأجفان، وخالدا في القلوب والوجدان، وسيظل ذكرك مرسوما بأحرف من ذهب في أنصع صفحات تاريخ مدينة الشحر وحضرموت والوطن الرياضي والثقافي والفني.

رحم الله محمد حسين الجحوشي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى