يا برد كانون

> سلم الرئيس رسالة إلى السفير والشعب ينتظر، ولأول مرة يتابع المواطن خبر الرسالة في نشرة التلفزيون، وعرف الآن أن الرئيس هو "هادي" والسفير "آل جابر"، وأن الجوع كافر.
أما لسان حال الشعب في زمن الغلاء "إما أن يأتي 2022 بوديعة أو خديعة، لكن عسى الرسالة أن تمسح عن المواطن عذاب عام الحزن الذي قارب على الرحيل.

يا برد كانون ترفّق ففي تلك الخيمة إنسان فقير استبدت به ليالي الشتاء وآلمته وخزات الجوع بعد أن نزح وارتحل وشُرّد في زمن الحرب.
هذه المرّة وافى الناس الغلاء في موسم البرد بينما كان المواطن هنا في عدن يرسم لنفسه لوحة وردية عن فصل الشتاء الذي سيهبه بروداً ويُنسيه حرّ الصيف ،لكن الدولار خاصم الشتاء وخنق فينا فرصة الاستمتاع بالأيام الباردة.

وفي كل حال يقول الشعب "الحمد لله" فينكِّس من أراد تجويعه رأسه، وهو شعبٌ ما كلّ ولا ملّ، بل بقي يأمل بالانفراج وإن طال ليل الأزمة:
وقالوا كيف حالك قلتُ خيراً
تُقضّى حاجةٌ وتفوتُ حاجُ
إذا ازدحمت همومُ الصدر قلنا
عسى يوماً يكونُ لهُ انفراجُ

يا وطن عسى تشرق شمس 1 يناير القادم وقد "أفقنا على فجر يومٍ صبي" كما تغنّى عبد الله البردوني، وعسى النازح يخرج من خيمته في العراء ويعود إلى بيته بعد فراق وتشرُّد.
فشلت الحكومة، هكذا قال رئيسها، وماذا بعد؟

أما الغلاء فقد بلغ مداه، وصار الناس في زمن الحرب بين جراحات وجوع وبرد قارس، وزادت في الأزمة لعنة الغاز والوقود، وأصبح طالب المدرسة والجامعة يقف على قارعة الطريق يلوِّح بيده لصاحب الباص "على طريقك" يا خبير في جملة لم يقلها الناس هنا في عدن منذ عقود.
لا يزال الشعب يكافح بينما الشرعية تترنّح ويبدو من قتامة الوضع أنه ليس لها في العمر بقيّة، عجزٌ في البنك، عجزٌ في الاقتصاد، عجزٌ في السياسة، عجزٌ في العطاء، عجزٌ في الإنجاز، عجزٌ في الإنقاذ، فهي عجوزٌ احدودب ظهرها وتكسّر عكّازها وآن لها أن تسقط.
يا برد كانون رفقاً بالجياع في صدور الجبال وبطون الأودية، رفقاً بالذين تكوّموا في خيمة النزوح وسط الرمال وقريباً من الشواطئ فراشهمُ الأرض وسقفهمُ السماء، لا غذاء يكفيهم ولا دواء، لكنهم يصمدون في الملمات ويتشبثون بالصبر، هتافهم في بلدات النزوح والتشرُّد قول المتنبي:

رماني الدهر بالأرزاء حتى

فؤادي في غشاء من نبال

فصرت إذا أصابتني سهام

تكسرت النصال على النصال

وهان فما أُبالي بالرزايا

لأني ما انتفعتُ بأن أُبالي

حلم المواطن الفقير في موسم البرد بطانية وكسرة خبز، لكن الحكومة فشلت، وإنما يعلمنا الدهر أن الصبر أرفق من الجزع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى