النازحون في اليمن.. من أزيز الرصاص إلى براثن الجوع

> تقرير/ محيي الدين الشوتري :

>
  • 4 ملايين و100 ألف نازح باليمن يتقاسم مخيماتهم الشرعية والحوثيون
تعز-"بين البرد والبعوض والجوع، وتحت هذه الشجرة التي اتخذتها مسكنًا لي منذ نزوحي إلى هذه العزلة قبل 3 سنوات، في مديرية موزع جنوب غرب البلاد، وأنا على هذا الحال أعيش يومياتي هنا" يقول الحاج أحمد سالم (70 عامًا) للجزيرة نت بعد سؤاله عن وضعه بالمخيم الذي وصل إليه هربًا من مواجهات عسكرية بين قوات الحكومة الشرعية والحوثيين بمديرية مقبنة في تعز جنوب غرب البلاد.

ويقول سالم، والذي يعمل في تربية الحيوانات، إن أغلب من في المخيم يعانون من انعدام مادة السكر والدقيق وشحة الدعم إلا فيما ندر، ناهيك عن تفشي الحميات بسبب كثافة البعوض، حيث يتخذ النازحون من الأشجار وبعض العشش مساكن لا تليق حتى لسكن الحيوانات، وفق وصفه.
وأصيب سالم بخيبة أمل بسبب فقدان العشرات من ثروته الحيوانية بسبب الأمطار، وظهور مرض غريب فتك بثروته الحيوانية التي كانت تسنده من أجل العيش والإنفاق في نزوحه الإجباري.
تستمر موجة النزوح إلى موزع جنوب غرب البلاد، إذ تقدر الوحدة التنفيذية للنازحين في المديرية عدد الذين وصلوها الخميس 9 ديسمبر الجاري 60 أسرة يقيمون تحت الأشجار، ويعانون شدة البرد والصقيع الذي يضرب البلد هذه الأيام.

دعم شحيح
ويقول صالح الروضي رئيس الوحدة التنفيذية للنازحين في موزع "للجزيرة نت": عدد الأسر النازحة في عزلة موزع تبلغ 690 أسرة نازحة، تقيم في 13 مخيمًا في المديرية، يقاسون شدة البرد والعواصف والأمطار، وحرارة الصيف أيضًا، بالإضافة إلى معاناتهم المعيشية وتدهور حالتهم الصحية والتعليمية.
ويشير الروضي إلى شحة الدعم المقدم من المنظمات العاملة بالمديرية، في ظل تفاقم الأوضاع والمأساة التي تسبب فيها الصراع، واحتياجات النازحين الكثيرة خاصة في الشتاء لمأوى وغذاء وملابس وعلاجات أولية.

وبعيدًا عن أسرته في المخيم، ينتقل عمر زيد النازح، من الجراحي في الحديدة شمال غرب البلاد، إلى مخيم العوشقي جنوب البلاد وإلى إحدى الغابات الكثيفة بالأشجار، ويمكث لأيام بحثًا عن الأشجار الصالحة للحرق من أجل تحويلها إلى حطب وبيعها خارج المخيم لتوفير بعض المال.
ويصف عيشه بالمرهق، فهو - كما يقول - يسير لأيام في الغابة بحثًا عن الحطب من أجل حرقه وتحويله إلى فحم لبيعه، وهذه مهنة لا تحقق له أدنى متطلبات أسرته بسبب الغلاء وبُعد السوق عن مكان المخيم، حيث يبيع كل شهر 14 كيس فحم بمبلغ 20 دولارًا في وقت وصل سعر كيس الدقيق (الطحين) 40 دولارًا.

أزمة تتسع
يقدر إحصاء صادر عن الوحدة التنفيذية لنازحي اليمن، عددهم بحدود 4 ملايين و100 ألف نازح، منهم مليونان و850 ألفًا في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، ومليون و250 ألفًا في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
وبحسب نجيب السعدي رئيس الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين باليمن للجزيرة نت، فإن أكبر عدد للنازحين موجود في محافظة مأرب حيث يبلغ حوالي مليونين و170 ألفًا، بما نسبته 51 % من نازحي الجمهورية بشكل عام.

ويضيف أن كل المحافظات يوجد بها نازحون، لكن تعز والحديدة وعدن ولحج والضالع، بالإضافة لمأرب، تعد من الأكثر ازدحامًا بالنازحين، واصفًا أوضاعهم بالمأساوية، مرجعًا ذلك لما يسمى الدعم الطارئ الذي تقدمه المنظمات الدولية. في وقت يفترض أن يتحول لدعم التنمية المستدامة عن طريق إيجاد مشاريع سبل العيش المدرة للدخل.
وهذا ما جعل الأزمة الإنسانية تتسع كل يوم نتيجة عمل المنظمات المعزول عن الجانب الحكومي، وعدم إشراكه في التخطيط بشكل فعَّال في الجانب الإنساني وتحديد الاحتياجات وتقييم التدخلات، بحسب قوله.

خريطة النزوح
توزع النازحون - وفق حديث السعدي للجزيرة نت - بين تعز الذي يوجد بها 300 ألف نازح، والحديدة 120 ألفًا، ولحج 90 ألفًا، الضالع 65 ألفًا، عدن 60 ألفًا.
وتبلغ عدد المخيمات بمناطق سيطرة الشرعية 548 مخيمًا كبيرًا تتجاوز فيها عدد الأسر أكثر من 10 أسر في كل مخيم، كما يوجد 167 مخيمًا صغيرًا في كل منها أقل من 10 أسر، يتوزعون بالمناطق السكانية في بيوت الإيجار بواقع 902 تجمع ومنطقة سكنية.

وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن الحياة في اليمن تزداد خطورة وصعوبة، وبناءً على تقييم أجرته فإن 64 % من العائلات النازحة ليس لها مصادر دخل، ويكسب آخرون أقل من 50 دولارًا في الشهر لتغطية احتياجاتهم المعيشية، وإن عائلتين من كل 3 عائلات نازحة تلجأ لآليات تكيُّف غير سليمة من أجل البقاء، كالحد من وجباتهم الغذائية أو تخطيها أو إخراج أطفالهم من المدارس أو تجاهل العناية بالصحة، وينتهي الأمر ببعضهم إلى التسول أو بيع ما تبقى من حاجياتهم.
ومن 271 مليون دولار طالبت بتوفيره المفوضية خلال عام 2021، لم يتم استلام سوى 6 % من هذا المبلغ، وقد تضطر المفوضية لتخفيض عدد المتلقين للمساعدات، وهذا سيترتب عليه عواقب جسيمة وبخاصة الأطفال والنساء والأشخاص من الفئات الأكثر ضعفًا، وفق المنظمة الدولية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى