"تأثير متراجع على الميلشيات".. هل فقدت إيران ورقتها التفاوضية في فيينا؟

> "الأيام" عن/ الحُرة:

> بعد حادثة سفير إيران لدى حكومة الحوثي في صنعاء، تزايدت المعطيات التي تشير لتمرد الجماعات المسلحة الموالية لطهران في المنطقة على سياسيات النظام، لا سيما عقب محاولة الاغتيال الفاشلة لرئيس وزراء العراق.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قالت إن سفير إيران، حسن إيرلو، أقيل من منصبه بسبب توترات مع "الحوثيين المدعومين من إيران"، لافتة إلى أن الدبلوماسي الإيراني هو أحد أفراد الحرس الثوري، وقدم العام الماضي إلى داخل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن وعين "سفيرا" لديهم.

وبحسب الصحيفة، فقد شارك إيرلو في مساعدة الحوثيين في التخطيط للمعارك، لكنه أصبح عبئا على الجماعة المسلحة؛ لأن نفوذه في اليمن عزز التصور السلبي عن الحوثيين و"رضوخهم" لرغبات طهران.
ويرى مؤيدون أن حادثة السفير ليست عرضية وأنها مؤشر فعلي على الخلافات المتنامية بين طهران والحوثيين.

وجادلوا بأن نفوذ إيران بالمنطقة بدا فعليا في التراجع عقب مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني بغارة أميركية بالقرب من مطار بغداد يناير عام 2020.
في المقابل، يقول معارضون إن حادثة السفير لا تعطي مؤشرا على أن سياسة إيران في دعم جماعة الحوثي تغيرت.

ويعتقد مدير المركز العربي للبحوث والدراسات والباحث في الشأن الإيراني، هاني سليمان، أن تأثير إيران على الجماعات المسلحة في المنطقة تراجع بالفعل خلال العامين الماضيين.
وقال سليمان لموقع قناة "الحرة" إن "نفوذ إيران في العراق ولبنان تراجع بشكل كبير عقب مقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس"، مردفا أن "السياسة الإيرانية ظلت مرتبكة ومتوترة بالتوازي مع حالة الوعي الداخلي في تلك الدول من خلال التظاهرات المناهضة للتدخلات الإيرانية".

وأضاف: "الشعب اللبناني على سبيل المثال تصدى للتصعيد الأخير بين حزب الله وإسرائيل حتى لا تذهب الأمور في اتجاه يفاقم الوضع الاقتصادي المتأزم في لبنان".
في الاتجاه المعاكس، يرى المحلل السياسي، حسين رويران، أن الحديث عن تلاشي نفوذ إيران في علاقاتها بالجماعات الموالية لها "بحاجة إلى مؤشرات".
وقال لموقع "الحرة" إن "الحديث في السياسة يأتي بناء على أساس مؤشرات. وليس هناك مؤشر يشير إلى أن سياسة إيران في دعم أنصار الله تغيرت".

أنباء تتحدث عن خلافات بين الحوثيين والسفير الإيراني في صنعاء
في الوقت الذي أعلنت فيه طهران استدعاء سفيرها في اليمن حسن إيرلو، لأسباب صحية، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، أنه أقيل من منصبه بسبب توترات مع "الحوثيين المدعومين من إيران".
وكانت وكالة فرانس برس نقلت عن مسؤول سعودي رفيع المستوى أن السفير الإيراني لدى اليمن غادر صنعاء، السبت، في طائرة عراقية، سمح لها السعوديون بالهبوط والإقلاع بعد وساطة عراقية وعمانية.

وأشارت إلى أن مغادرته صنعاء كانت بطلب من الحوثيين وفي ظل ظروف غامضة إذ لم تتضح الأسباب وراء رغبة الحوثيين في رحيل السفير.
وبحسب "وول ستريت جورنال"، نقلا عن مسؤولين غربيين، فقد طلب الحوثيون الإذن من السعودية لنقل الدبلوماسي الإيراني على متن طائرة إلى إيران، وأكدوا للرياض أنهم لن يستبدلوه بدبلوماسي إيراني آخر.

واعتبرت الرياض الخطوة محاولة من الحوثيين للنأي بأنفسهم عن نفوذ إيران، بعد تبريرهم مغادرة الدبلوماسي الإيراني بـ "حاجته إلى العلاج من فيروس كورونا".
وعمقت إيران والحوثيين علاقاتهما منذ أن استولى المسلحون اليمنيون على صنعاء عام 2014 في الأيام الأولى للحرب، حيث  استقبلت إيران سفيرا للحوثيين في طهران عام 2019، ثم أرسلت إيرلو إلى صنعاء العام الماضي.

وإيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي تعترف بحكومة الحوثي في اليمن على الرغم من الاعتراف الدولي بحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي.

ودخل تحالف تقوده السعودية في الصراع خلال مارس 2015 لإعادة الحكومة المعترف فيها دوليا، مما تسبب في أسوأ كارثة إنسانية بالعالم ومقتل ما يقدر بنحو 110 آلاف شخص، وفقا للأمم المتحدة.
"لا يمكن أن تكون مؤشرا"

وبعد سبع سنوات من الحرب الأهلية، لا يزال الحوثيون يسيطرون على العاصمة صنعاء ويحكمون قبضتهم على جزء كبير من شمال البلاد.
وتفرض السعودية حصارا جويا شاملا على العاصمة اليمنية بحيث لا يمكن نقل السفير جوا إلا بموافقة السلطات في الرياض.

من جانبه، شدد سليمان أن حادثة السفير الإيراني هي نقطة فارقة في العلاقات بين طهران والحوثيين وهي تعكس توتر الأجواء بين الطرفين.
وأضاف أن الحادثة تعد "متغيرا أكثر أهمية على اعتبار أن الجماعة تتحرك وفقا لأوامر وتعليمات إيرانية بدليل تهربها في آخر اللحظات من عمليات التسوية والدخول في مسار السلام منذ مباحثات ستوكهولم".

ومضى في قوله: "نحن أمام مرحلة جديد تختلط فيها الأوراق وتتشابك المصالح الإيرانية والحوثية وهذا يأذن بتراجع النفوذ الإيراني في اليمن ويمهد لمساحة أكبر لوجود المكون العربي ويعجل باستقرار الأوضاع إذا ما سارت الأمور نحو وتيرة" تمهد لإيقاف الحرب.
بدوره، قال المحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي، في تصريح سابق لموقع "الحرة" إن "واقعة مغادرة السفير الإيراني إيرلو صنعاء، وطلب الحوثيين من التحالف السماح بإخلائه تؤكد الشكوك المتزايدة حول وجود خلافات متصاعدة بين الطرفين".

من جهته، يرجع رويران أسباب عودة السفير إلى طهران لإصابته بفيروس كورونا، لافتا إلى أنه سيعود إلى صنعاء بعد انتهاء فترة العلاج.
وتابع: "الحادثة لا يمكن أن تكون مؤشرا بأن هناك شيئا جديدا في العلاقة" بين إيران وجماعة الحوثي في اليمن، مضيفا: "وحتى محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي ... إيران تقول إن من قام بالعملية ليسوا من القوى المحسوبة عليها وهناك من يريد أن يصطاد في الماء العكر".

وأشار إلى أن كل ذلك "لا يدل على حدوث تغيير في علاقة إيران مع حلفائها في المنطقة".
في نوفمبر، تعرض رئيس وزراء العراق، مصطفى الكاظمي، إلى محاولة اغتيال فاشلة بعد استهداف منزله بالمنطقة الخضراء شديدة التحصين بثلاث طائرات مسيرة تمكنت مضادات الطائرات من إسقاط اثنتين بينما أصابت الثالثة هدفها بنجاح.

قال مسؤولون أميركيون حاليون إن من المرجح أن لا يتم تحميل إيران مسؤولية الهجوم الذي استهدف رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على الرغم من أن جميع الدلائل تشير إلى أن ميليشيات موالية لها هي من تقف ورائه.
وقال مسؤولون أمنيون عراقيون ومصادر مقربة من الفصائل الموالية لإيران لوكالة رويترز إن الهجوم الذي استهدف الكاظمي نفذته جماعة واحدة على الأقل مدعومة من إيران.

وكان مسؤولون حاليون وسابقون وخبراء إقليميون قالوا إن تصميم الطائرات المسيرة التي استهدفت منزل الكاظمي ومكوناتها تشبه تلك التي تستخدمها الميليشيات المدعومة من إيران في هجماتها في العراق، بما في ذلك عدد من الهجمات الفاشلة على مجمع السفارة الأميركية في بغداد.
وربط تقرير سابق نشرته شبكة "إن بي سي" الإخبارية الأميركية بين محاولة اغتيال الكاظمي وتصاعد حدة الخلافات بين قادة الميليشيات الموالية لإيران في العراق في ظل معاناة طهران بتوحيد صفوفهم منذ مقتل قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني.

وقال مسؤول دفاعي أميركي كبير واثنان من كبار المسؤولين الأميركيين السابقين لـ "إن بي سي" إن محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت الكاظمي توضح كيف أن طهران عانت من أجل جمع شتات قادة الميليشيات الشيعية المتناحرة في العراق منذ مقتل سليماني.
"موقف أضعف"

إلى ذلك، قال سليمان إن تراجع النفوذ الإيراني على الجماعات المسلحة الموالية لها في المنطقة تعني فقدان طهران لورقة مهمة في طاولة المفاوضات النووية.
ومنذ أبريل، دخلت إيران في مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة في العاصمة النمساوية فيينا لإعادة إحياء الاتفاق النووي المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة".

ولم تصل المحادثات لنتائج ملموسة بعد 7 جولات من المفاوضات لإنعاش الصفقة التي انسحب منها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في عام 2018.
في هذا السياق، يرى سليمان فقدان ورقة التأثير على الجماعات المسلحة، بما في ذلك الحوثيين، يجعل إيران في موقف أضعف خلال مفاوضات فيينا.

وأردف: "تملك إيران مسارين في المفاوضات إحداها رفع درجة تخصيب اليورانيوم باستخدام أجهزة طرد مركزي حديثة وإعادة تشعيل منشآت إضافة بما في ذلك منشآه فوردو. أما المسار الآخر فهو الاستثمار في المليشيات المسلحة بالمنطقة وتحريكها ضد المصالح الأميركية في العراق، بالإضافة إلى التحرش بالسفن".
وأشار إلى أن تأثر العلاقات بين طهران والحوثي يؤثر على المفاوضات مع القوى الكبرى و"يجعل هناك مساحة للتفاهم بين السعودية والحوثيين" كما يقول سليمان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى