هل هناك إرادة صادقة لحلحلة الأوضاع الاقتصادية نحو الأفضل من قبل القيادة العليا

> د. سلوى مبارك عمبر

> يتحدث الناس اليوم عن نزول قيمة العملات الصعبة أمام العملة المحلية وآثارها على أسعار المواد الغذائية - وليس كلها- تحديدا، ولا يستطيع أحد أن ينكر أن الحلول الآنية هذه نحو العملة، قد خففت من الضغط الكاتم على المواطن، وجعلته يتنفس الصعداء ولو قليلا، ولكن السؤال اليوم - من قبل الكثيرين- إلى متى ستستمر هذه الآثار الإيجابية باقية في المجتمع؟

مما لاشك فيه أن هذه الحلول الآنية قد أوضحت مفعولها الإيجابي إلى حد ما، حتى قبل أن يبدأ المحافظ الجديد مهامه رسميا، وبالتالي من الطبيعي أن لا يتوقع العاقل فينا استمرار تحسن الأوضاع، وخاصة تخفيف التضخم، دون القيام بإجراءات جذرية تأخذ تحولا إيجابيا مستداما في الإصلاحات الاقتصادية (المالية والنقدية تحديدا)؛ لذلك علينا نحن الاقتصاديين أن نبادر، كل منا في مجاله الاقتصادي (والمجالات الاقتصادية متعددة)، بإيجاد المقترحات اللازمة للمرحلة القادمة الجديدة، ونأمل أن تأخذ صداها لدى كافة القيادات العليا والقيادات المالية والنقدية الجديدة والقيادات القطاعية.

جميعنا ندرك أن البلاد بحاجة ماسة لإصلاحات هيكلية اقتصادية أشد مما كان عليه الحال عام 1995م حين بدأنا مع كل من البنك والصندوق الدوليين برنامجا إصلاحيا في الاقتصاد الوطني، ونجحنا فيه في السنوات الأولى له، حتى تم تثبيت السعر للعملة لفترة تفوق 15 عاما.

لقد آن الأوان أن تتخذ الدولة / الحكومة إجراءات إصلاحية جديدة مع كافة الأطراف المحلية والخارجية.

وعليه، وفي إطار تخصصنا نقترح الإجراءات الأساسية "العامة" التي ستقودنا إلى وضع اللبنات المهمة نحو إصلاحات اقتصادية ومالية ونقدية، وهي كالتالي:

1 - تشخيص وتحليل المشهد الاقتصادي في "المناطق المحررة" ومكانة الأوضاع المالية والنقدية، وذلك على أيادي محلية متخصصة ومستشارين من البنك والصندوق الدوليين.

2 - إغلاق كافة اللجان الحالية (المالية والنقدية)، وتشكيل لجان جديدة من ذوي الكفاءات والخبرات الطويلة في المالية والبنك المركزي، ومن مختلف الفروع، مع مراعاة العمل التنسيقي الجيد بينها.

3 - مراجعة كافة السياسات والاستراتيجيات المالية والنقدية، والعمل على تطويرها بما يتناسب مع مهام المرحلة القادمة، وحبذا الرجوع إلى تلك السياسات المالية والنقدية في مجلدات (قوانين عدن Aden Laws) قطاع المالية ومهام البنك المركزي.

تلك ثلاث ركائز، أعلاه، هامة لعمل برنامج ممنهج من الجهات الثلاث المسؤولة عن المالية والنقد وتطوير واستقرار العملة والموازنة العامة والاستثمار، وهي: وزارة المالية، ووزارة التخطيط والتعاون الدولي، والبنك المركزي اليمني، تلقائيا تصب المهام الاستراتيجية للقطاعات الإيرادية (كالنفط والغاز والأسماك وغيرها) في برامج هذه الجهات الثلاث.

ولذلك، على هذه الجهات الهامة أن تبرهن للدولة والحكومة والمواطن أنها قادرة على إنجاز برنامج عملي ممنهج نحو الإصلاحات الاقتصادية، وتحديدا في المالية والنقد.

وفي الأخير - ومن منطق المصداقية وأمانة الطرح- علينا الإشارة إلى أن نجاح أي عمل مرهون أولا وأخيرا بمدى قوة الأمن العام للبلاد والعباد، وبقلع الفساد ولو بصورة تدريجية، وباحترام القانون العام والقوانين القطاعية، إلا أن أهم شيء في هذا الموضوع هو النية والإرادة الصادقة في عمل إيجابي منظم، والابتعاد عن كافة الأعمال العشوائية التي تعيق تنفيذ الأعمال.

مما لا شك فيه أيضا أنه من الطبيعي أن يتخلل كل عمل نقدمه بعض المشاكل، وعلينا أن نتعاون جميعا على حل الأمور "بالصبر والتسامح والابتعاد عن العنصرية المقيتة والولاءات"، هذه الأخيرة هي في الواقع أم البلاء، ربنا يكفينا شر البلاء.

*رئيس مركز المسار للدراسات الاستراتيجية والتنمية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى