حتى العملات الورقية لم تسلم.. الملصقات والشعارات تملأ المدن اليمنية

> بسمة توفيق

> لا يخلو شارع في اليمن أو مكان عام، كالاستراحات والمطاعم والكافيهات وبعض الحدائق والأسواق، وحتى في الحارات والمدارس، من وجود كتابات عليها، عبارات غير مفهومة، ورموز وقلوب وكلمات أغانٍ وأرقام هواتف ورسومات، تشكل ظاهرة من الظواهر المنتشرة، خصوصًا بين أوساط المرحلة العمرية الممتدة من بداية الطفولة إلى نهاية مرحلة المراهقة، وقد تلازم الإنسان لفترة زمنية طويلة، خاصة في ظل غياب التوجيه الصحيح المطلوب لتعديل هذا السلوك الخاطئ الذي قد يضر بالبيئة وبالمظهر العام وبالعملات الورقية التي يتم الكتابة عليها وتشويهها بـ(الشخابيط) والكتابات التي قد تفقدها قيمتها.

كما تشوهت مختلف المدن اليمنية بالشعارات والرسومات السياسية والعبارات التي تكتب من قبل الأطراف لمهاجمة بعضها البعض في بلد تشهد حربًا وصراعًا طاحنًا منذ سبع سنوات، إضافة إلى ما يتم تداوله من عملة ورقية تالفة غير صالحة للاستخدام خصوصًا في مناطق شمال اليمن الخاضعة لسيطرة أنصار الله (الحوثيين)، في حين لم تسلم العملات الورقية بشكل عام من العبث الذي يطال إحدى الرموز السيادية في البلاد المتمثلة بالعملة الوطنية.

قلة وعي
منال عبدالله الزبيري، مدربة إتيكيت وبرتوكول، تقول لـ"خيوط": "إن الكتابة على الجدران، من الظواهر التي تعكس قلة الوعي في المجتمعات المتخلفة، بسبب عدم غرس مبادئ وسلوكيات تهذيبية للأطفال منذ الصغر، بضرورة احترام الممتلكات العامة والخاصة، وأهمية الحفاظ على العملة الوطنية باعتبارها تمثل رمزًا وطنيًّا، تمثل البلد، وتعكس شخصية أبنائه".

ويعتقد البعض أن هذا السلوك يثير إعجاب الآخرين بكتاباته أو رسمه وشعاراته، متناسيًا أنه بهذه الممارسات يشوه المظهر العام للمكان.
وفق البنك المركزي اليمني فإن العبث بالعملة المعدنية يعني إنقاص حجمها أو وزنها (ويستثنى من ذلك الاستهلاك المعتاد) والتشويه بالحفر أو الختم أو الثقب حتى ولو لم يؤد ذلك إلى إنقاص وزنها أو حجمها وذلك لأغراض هذا القانون.

كما أن التنشئة الاجتماعية لها دور كبير في تفشي هذه الممارسات، إذ أن من يقوم بهذه السلوكيات لا يمتلك أدنى إحساس بالمسؤولية، إذ لو قام كل شخص بما عليه لظلت هذه الممتلكات فترة أطول.
ندى الأهدل، إعلامية، تقول لـ"خيوط" إن الأطفال والمراهقين هم الأكثرُ ميلًا للكتابة على الجدران وعلى الممتلكات العامة. كما أن النساء وبعض الرجال يكتبون طلبات المنزل، أو قائمة الديون على العملات الورقية.
وتشير، باسمة الحدي، مدربة متخصصة في التنمية البشرية، إلى أن الانفعالات المرتبطة بالبيئة المحيطة بالفرد؛ مثل تعرضه للنقد أو الغضب تدفعه للجوء إلى الكتابة على الجدران، وذلك للتخلص من الشعور السيئ الذي ينتابه.

عـوامل نفسية
هناك من يتطرق إلى أسبابًا نفسية تقف خلف الميل لتشويه المنظر العام بالكتابات والرسومات، خاصة إذا لم يجد الشخص أحدًا يتحدث معه ويفضفض له للتنفيس عن نفسه.

تقول أم أيمن، ربة بيت، لـ"خيوط"، إن البعض يقوم بالكتابة على الجدران للفت انتباه الآخرين، وقد يستخدمونها لتشويه سمعة شخص ما، وعلى النقيض ترى إكرام علامة، مصورة، أن أشخاصًا عديدين يتخذون من الكتابة على الجدران وسيلة للتعبير عن رأي أو توصيل فكرة، وفي أحيان أخرى تكون الجدران مرسمًا مفتوحًا يعبر من خلالها الكثير من الموهوبين عن فنهم وإبداعهم.

القوانين والعقوبات
في سياق متصل، أكد المحامي، فؤاد عبده نعمان الجعفري، أن غياب القوانين والعقوبات الرادعة ساهمت بشكل كبير في تفشي هذه الظاهرة، وأضاف الجعفري أن المشرع اليمني ترك الباب على مصراعيه ولم يشرعن عقوبات لتلك التجاوزات؛ لذلك بقينا على هذا التخلف على الرغم من أننا في عصر الحضارة والتقدم.
وقد نص قانون البنك المركزي اليمني في المادة (27) بشأن العملة الورقية على الآتي: (أولًا- يتحمل البنك دفع قيمة أية أوراق نقدية أو عملات تعرضت للتلف نتيجة الاستهلاك والتداول اليومي، وللبنك في حالة حصول عبث متعمد الامتناع عن دفع قيمة العملة).
وفق البنك المركزي اليمني فإن العبث بالعملة المعدنية يعني إنقاص حجمها أو وزنها (ويستثنى من ذلك الاستهلاك المعتاد) والتشويه بالحفر أو الختم أو الثقب حتى ولو لم يؤدِ ذلك إلى إنقاص وزنها أو حجمها وذلك لأغراض هذا القانون.

حلول
يتفق الجميع على ضرورة التوعية التي من خلالها يتم تعريف الناس أن هذا الجدار حق عام للجميع، كون الكتابات عليها تعكس صورة غير لائقة عن أهالي وأبناء هذا البلد أو ذاك، ولا بد أن تتركز التوعية على فئتي الأطفال والمراهقين من خلال عدة دوائر تبدأ بالأسرة، ثم المدرسة، والنوادي، والإعلام. فالأماكن العامة هي حق للجميع ويتوجب المحافظة عليها كما نحافظ على بيوتنا وممتلكاتنا الخاصة.

وتؤكد منال عبدالله الزبيري، مدربة إتيكيت وبرتوكول، أنها تهتم بنشر التوعية، خاصة لدى الأطفال، وتشدد على دور الجهات المختصة في سَنّ قوانين وضوابط تساهم في الحفاظ على العملة الوطنية، كأن تقوم الحكومة بفرض قانون عقوبات لمن يقوم بتشويه الأماكن والعملات، على سبيل المثال: تحميلهم غرامات مالية مقابل ما تسببوا به من أضرار.

"خيوط"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى