​"تصفير وإفلاس" احتياطي النقد الأجنبي المتقزِّم والمعتل

>
لا يوجد أي بنك مركزي في أي دولة في العالم يقوم بطبع" نقود عملته" الوطنية، (إحدى أساسيات مهام أي بنك مركزي) ويضخها في الاقتصاد للتداول ضمن "الكتلة النقدية" ثم يقوم لاحقًا "بشرائها بعملة صعبة" من خلال مزادات بيع العملة.

- لسوء حظ طالع بلدنا فهذا تمامًا ما يقوم به البنك المركزي اليمني -  عدن عبر "منصة انفيدنت" من بيع الدولار الأمريكي بطريقة " المزاد" إلى البنوك والتجار مقابل شراء الريال اليمني  بغرض تقليص حجم "السيولة" الفلكية من العملة الوطنية المتداولة والتي ضخت خلال الخمس سنوات الماضية والتي أصبحت في معظمها "مخزنة ومتكدسة" في قنوات وقطاعات الاقتصاد ال "غير رسمي Shadow Economy, أي[خارج القطاع المصرفي خاصة] وهو اقتصاد (أنشطة ومعاملات) خارج نطاق تحكم ومتابعة ومراقبة المركزي. وبحسب المركزي فإن هذه السيولة "المقيمة والمتفندقة" خارج جغرافيا الاقتصاد الرسمي تعتبر المسبب الأول والرئيس لمضاربات العملة وتدهور سعر صرف الريال؛ وكأنه ليس للمركزي (و 5 من محافظيه تناوبوا على كرسيه خلال 4 أعوام) أي دور أو مسؤولية في طبع هذه التريليونات المكونة "للكتلة النقدية" المفزعة، كما وأنها "هبطت من السماء " من قبل "مخلوقات فضائية" قاموا بضخها للتداول في الاقتصاد الرسمي وغير الرسمي.

- في ديسمبر 2021 استهل البنك المركزي مزادات بيع العملة لهدف واحد لا غير هو ["كبح جماح"] معاملات المضاربة على الريال [ووقف] تدهور سعر الصرف مقابل الدولار الأمريكي من قبل لاعبي Players اقتصاد الظل.

- الجدير ذكره أن احتياطي النقد الأجنبي الذي بحوزة البنك المركزي يعتبر "ضئيلا وهزيلا" كي يستخدم كأداة قوية وفعّالة ومستدامة في مثل هذه المعاملات "الماراثونية". ذلك لأن وعلى أحسن تقدير متحفظ Best Conservative Estimate فإن إجمالي ما بحوزة البنك المركزي اليمني من عملة صعبة "بالكاد" يصل إلى المليار دولار أمريكي ربما جاءت من المصادر الآتية:

1- تسهيل صندوق النقد الدولي IMF الذي بلغ نحو 650 مليار دولار أمريكي إلى جميع دول
أعضائه (متقدمة، ناشئة، نامية، أقل نموا) وبموجب حصصها من "حقوق السحب الخاصة SDRs "في رأسمال الصندوق لمساعدتها في التغلب على أي صدمات مالية ومقاومة التأثيرات السلبية لوباء كورونا على اقتصاديات هذه الدول الأعضاء. وبناء على هذه المعادلة بلغت حصة اليمن نحو 650 مليون دولار أمريكي (1/1000 من إجمالي المبلغ) قيدت لحساب البنك المركزي في أغسطس 2021م لاستخدامها في الأغراض السالفة الذكر.

2 - عملية "إطلاق سراح" نحو 80-90 مليون دولار أمريكي والتي كانت "محجوزة" لدى بنك إنجلترا(المركزي) Bank of England منذ العام 2015م.
3- نحو 300 مليون دولار أمريكي جاء الجزء الأكبر منها من بقايا الوديعة السعودية "المظلومة والمفترى عليها".  وما تبقى ربما من إيرادات سيادية محتملة من عمليات تصدير النفط الخام.

- ولكن وحتى في حال أصبنا بالتقديرات  المتحفظة أعلاه، فهذا لا يعني حتمية "استخدامه وتوجيهه بالكامل" في معاملات وصفقات مزادات بيع الدولار الأمريكي، لأن هناك " أبواب " إنفاق سيادية مختلفة تستخدم الدولار الأمريكي لتصريف وتسوية وإنهاء معاملاتها المالية الخارجية نفترضها وبتحفظ مطلق أنها تمثل نحو 300 - 500 مليون دولار أمريكي سنويا، فراهنا ذلك يترك  ما يقارب من 500 - 700 مليون دولار أمريكي متوفر تحت تصرف " منصة انفيدنت" المزادية التي لا نعلم كم " تكاليفها واستحقاقاتها المالية"  لإدارة المزادات... هل هو مبلغ مقطوع، كبر أم صغر حجم المزاد/ المزادات، أم هو نسبة عن كل مزاد على حدة أو إجمالي مبالغ المزادات.

السؤال الأهم: هل "تضمن منصة انفيدنت ومن يديرها" النتيجة النهائية كما يريده البنك المركزي اليمني ولا شيء غير ذلك.
- اضف إلى ذلك محدودة / انعدام، وبسبب على الأوضاع القائمة من حرب، سياسة وخلافه، أي تحسن أو نمو قنوات الإيرادات السيادية بالريال عامة وبالعملة الصعبة خاصة في المستقبل المنظور.
- وعليه وخلاصتها تعتبر هذه المزادات عقيمة واستنزاف سريع وغير مبرر وإفقار لموقف احتياطي النقد الأجنبي للدولة للأسباب التالية:

1- يبلغ المتوسط الشهري لحجم مبيعات الدولار الأمريكي نحو 50 مليونا. ويتوقع زيادة هذا المتوسط الشهري مع زيادة مشاركة عدد أكبر من البنوك؛ وعليه:

- بحسب تقديرات ومنذ بدء "المزادات " بيع من دولارات الاحتياطي مبلغ لا يستهان به وهو نحو 180-200 مليون دولار أمريكي. وبالمقابل استلم البنك المركزي مليارات من الريالات اليمنية احتفظ بها و"كوشها" في خزائنه وهذا ليس من اختصاصاته الأساسية. عوضا عن ذلك كان على المركزي توزيع أجزاء من هذه المليارات من الريالات (وليس بكاملها)،واختياريا، على بنك / بنوك بعينها كمقدمة وجرعة أولى على طريق "تعافي ونهوض تدريجي" لقطاع البنوك عامة وبالتالي نشاطها التقليدي المهم.

 - إن الواجب يحتم علينا المحافظة على أي نقد أجنبي بحوزتنا أو في الطريق إلينا من أي جهة كانت وليس تبذيره" في "تجارب ومغامرات" تنسج وتفصل وتقر خارجيا.

- "ترويض" سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار الأمريكي لن يأتي من خلال " نحر" ما لدينا من احتياطيات هزيلة وفقيرة من النقد الأجنبي بواسطة المزادات.. بل إن احتمال حدوث "ارتداد" معاكس وارد وقد تكون نتائجه قاسية ومؤلمة.
- نحن دولة "نستورد نحو 90 - 95 في المئة" من كل احتياجاتنا الأساسية والمعيشية والحياتية. وكلها مطلوب دفعها "بالنقد الأجنبي "! .

 - كان من الأجدى والأجدر على قيادة البنك المركزي اللجوء إلى السياسات المالية والنقدية التقليدية المعهودة في مثل كذا أوضاع نختصرها في الآتي:
  • زيادة نسبة الاحتياطي الإلزامي(القانوني) على كافة الودائع المصرفية بأنواعها المختلفة.
  • رفع أسعار الفائدة على الريال لإغواء العامة على التوفير والإيداع.
  • بيع أصول سيادية من أذون الخزانة.
- فإذا قيادة المركزي السالفة والقائمة (5 محافظين) قد استخدمت ونفذت بالفعل كل أدوات السياسة النقدية أعلاه ولم تفلح في ذلك فعليها أن تعترف بفشلها في هذا الخصوص. وبالفعل أخفق المركزي.. السبب في ذلك هو أن أدوات السياسة النقدية  تفعل وتأتي تمارسها من خلال وجود "قطاع مصرفي" يملك الحد الأدنى من المقومات المالية تؤهله بدور فعّال في دعم ومساعدة مسيرة الاقتصاد الوطني وقواعده عامة، والعملة وسعر صرفها والتصدي لأنشطة ومعاملات الاقتصاد الأسود بدرجة رئيسة.

- ولكن ولأن "فاقد الشيء لا يعطيه" وهو حال وواقع قيادة المركزي وخلال تناوب 5 محافظين التي تجاهلت، حتى حينه، وعن عمد واضح حالة "الشلل والموت الإكلينيكي" لهذا القطاع المالي المصيري. فلم تعطه حقه من الجهد والمساعدة والدعم لإحيائه؛ بل  عملت قيادة المركزي على تعميق حالته المتدهورة والمزرية وما نتج عنه من فقدان الثقة العامة لهذا القطاع وتحديدًا عندما فشل في الوفاء بعقوده والتزاماته خاصة طلبات/أوامر سحب/ دفع من أموال ومدخرات، على الرغم من وفي الآونة الأخيرة من حدوث تحسن بطيء في هذا الأمر من بعض البنوك، وأدى مثل هذا الإخفاق إلى ضياع وخسارة وتجميد لحقوق ومصالح عملاء ومودعي القطاع المصرفي الوطني مما اضطر كثيرا  منهم  إلى التحول والارتكان على قنوات "اقتصاد الظل"  للحفاظ على أموالهم وحقوقهم واستمرارا لطبيعة أنشطتهم  وأعمالهم كانت ادخارية أو تجارية أو صناعية أو خلافه.
- "ترويض" سعر صرف الريال مقابل الدولار الأمريكي لا يأتي من خلال "نحر " ما لدينا من احتياطيات النقد الأجنبي التي أقل ما توصف بأنها واحدة هي" الأصغر حجما" على مستوى العالم العربي، بالتأكيد.
- هناك معضلات ومشاكل كبيرة بحجمها ومستواها وأهميتها الاقتصادية ربما تكون مجتمعة هي إحدى المسببات الرئيسة والمؤثرة في حال العملة وبالتالي سعر الصرف
سناتي عليها مستقبلا بإذن الله..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى