دخول الأسمدة والبذور إلى البلاد بلا رقابة أحد الأسباب مزارعو يعتمدون على قطاع منهار

> زنجبار «الأيام» سالم حيدرة صالح:

> بعد تمزيق سلة الجنوب الغذائية.. الأسباب الحلول والمعالجات
تدخلات المنظمات الدولية في بعض مناطق المحافظة يثير حفيظة الأهالي


بعد أن كانت سلة الجنوب الزراعية التي تورّد محاصيل متنوعة وبجودة عالية ناتجة عن التربة الخصبة، أصبحت محافظة أبين مهملة؛ لا سيما قطاع الزراعة الذي تعرض لتدمير ممنهج لأغراض سياسية توافقت مع أهداف اقتصادية.

صوره لمدير عام مكتب الزراعة بابين .. من سالم حيدرة صالح
صوره لمدير عام مكتب الزراعة بابين .. من سالم حيدرة صالح

يعاني القطاع الزراعي بدلتا أبين العديد من الصعوبات، على الرغم من اعتماد الفلاحين وأغلب المواطنين عليها كمصدر دخل رئيس، ذلك أنها - الزراعة - كانت في طليعة اهتمام الدولة إلا أنها بدأت تتوارى عن الأنظار نتيجة انعدام الدعم مع انهيار السدود والجسور والأعبار والعقم وقنوات الري جراء السيول التي تتدفق من واديي بنا وحسان والتي ألحقت أضرارًا كبيرة ولم يتم إعادة تأهيلها، لكن ذلك لم يمنع الأهالي من الاعتماد على الزراعة في معيشتهم كونهم يفتقرون لسبل العيش الكريم، خاصة مع استمرار الحرب وآثارها من ارتفاع للأسعار وهبوط قيمة العملة وانقطاع المرتبات والأزمات المتوالية وإلى ما لا نهاية من منغصات العيش جراء حرب أحرقت الأخضر واليابس.


وتعد دلتا أبين واحدة من أكثر المناطق الزراعية خصوبة وتنوعًا في المحاصيل الزراعية، فهي السلة الغذائية في الجنوب إلا أنها بعد الوحدة المشؤومة في العام ٩٠ أصبحت تعاني الكثير من المشكلات جراء سياسات نظام صالح البائد، الذي شرع بتنفيذ سياسة التدمير، بداية من نقل مركز الأبحاث الزراعية الذي أنشئ في خمسينيات القرن الماضي بأبين إلى محافظة ذمار اليمنية، وإهمال مركز أبين وتدميره بعد أن كان أول مركز أبحاث زراعية على مستوى المنطقة العربية.

وقال مدير الدائرة السياسية بانتقالي أبين الأستاذ سالم صالح حيدرة، إن الأسباب التي أدت إلى تدني الجانب الزراعي في دلتا أبين كثيرة ومتشعبة ومتداخلة في نفس الوقت وأوجزها بما يلي: أولًا: إهمال شبكات الري والجسور وقنوات الري وإصلاحها مما أدى إلى انسداد معظم القنوات بالأشجار، وكذلك انجراف المعاقم مما سبب حرمان الأراضي الزراعية من الاستفادة من مياه السيول وذهابها إلى البحر.


ثانيا: جرف الكثير من الأراضي الزراعية بسبب جريان السيول دون السيطرة عليها والتحكم فيها.

ثالثا: التوسع العمراني على حساب الرقعة الزراعية وإنشاء المدن والأحياء السكنية والمشاريع الاستثمارية مما أدى إلى تقلص الرقة الزراعية وازدياد اللهث وراء الربح السريع في بيع الأراضي الزراعية وتراجع الاهتمام بالزراعة.

ورابعا: تركز الأراضي الزراعية في الدلتا في أيدي مستثمرين وتركيزهم على التوسع في زراعة الموز مما أدى إلى إهمال المحاصيل الزراعية الأخرى، وتسبب في استنزاف الثروة المائية نتيجة الاستهلال المفرط للمياه في زراعة الموز وساعد ذلك استخدام منظومات الطاقة الشمسية.

وأكد حيدرة في سياق حديثه لـ"الأيام" بأن الخدمات الزراعية التي تقدمها الجهات المختصة في الزراعة من حيث التسميد وخدمة الأرض الزراعية بالمكننة الحديثة هزيلة مما جعل المزارعين يعزفون عن العمل في الأرض نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج الزرعي بسبب انعدام وغلاء مادة الديزل، إلى جانب ضعف تسويق المنتجات الزراعية.


وفيما يتعلق بالحلول لتلك الظاهرة، قال إنها "تتمثل في معالجة الأسباب وتحمل الجهات المختصة قي الزراعة لمسؤولياتها وإيلاء الجانب الزراعي اهتمام أكبر، واعتماد مخصصات مالية كبيرة لمعالجة تلك الاختلالات ومنها على سبيل الذكر لا الحصر:

1 - الحفاظ على الرقعة الزراعية ويتمثل ذلك بإصدار تشريعات تمنع بل وتجرم التوسع العمراني والاستثماري وإنشاء المدن والأحياء السكنية على حساب الرقعة الزراعية طالما وهناك مساحات شاسعة من الأرض البور التي لا تصلح للزراعة.

2 - إنشاء مصائد مياه وإنشاء السدود لتعويض ما يستهلك من المياه في زراعة الموز بصورة كبيرة ومبالغ فيه.

3 - الاهتمام بتحسين الإنتاج والرفع من مستوى الإنتاجية بواسطة تحسين الخدمات للأرض من حيث المكننة والتسميد وتنويع المنتجات الزراعية على مدى المواسم الزراعية المتنوعة في الدلتا.

4 - الاهتمام بصيانة قنوات الري والجسور والأعقام وإصلاحها باستمرار لضمان السيطرة على السيول وتوزيعها على الأراضي عبر هذه الشبكات بشكل إيجابي وتنظيم تسويق المنتجات الزراعية لما من شأنه ضمان حصول المزارع على أسعار مناسبة لمنتجاته وضمان تسويقها بآلية منظمة وتجنب كساد المنتجات التي تتعرض للتلف نتيجة تراكمها بدون تنظيم أسواق بيعها".

وقال مستشار محافظ أبين للشؤون الزراعية حيدرة دحه، "تدني إنتاج القطاع الزراعي له أسباب كثيرة جدًا، حيث يعاني قطاع الزراعة في المحافظة من مشكلات كثيرة أدت إلى تدني الجانب الزراعي في كثير من المزروعات، ففي أبين تتنوع المزروعات وفقا والتربة الخصبة والمياه الجوفية والأمطار والسيول إلا أنها لم تستغل الاستغلال التام والناجح في عمليات الري المنظم للكثير من الأراضي الزراعية وذلك لعدم صيانة القنوات والجسور التحويلية التي عفا عليها الزمن وهي من مخلفات المملكة المتحدة بريطانيا، إضافة إلى التكاليف الباهظة للديزل والمشتقات النفطية الأخرى، وغلاء أسعار الأليات الزراعية التي أصبح المزارع غير قادر على شرائها؛ ناهيك عن البذور التي أصبحت غالية وغير ملائمة للبيئة، حيث أنها تدخل البلاد بدون أي رقابة من الجهات المعنية، كذلك الأسمدة، ولهذا لا بد من الدراسات وإعادة تأهيل القنوات وتوفير الأسمدة والبذور والآليات الزراعية وترشيد حفر الآبار الارتوازية وفق القانون وتوفير الطاقات الشمسية بالأقساط المريحة للمزارعين".


بدوره قال المهندس الزراعي عبدالقادر خضر السميطي، إن واديي بنا وحسان جعلا حوض دلتا أبين بين هلاليين، "لو نرجع قليلًا إلى الخلف وتحديدًا قبل فيضان عام 82 لوجدنا عرض الواديين لا يتجاوز 100م تقريبًا قد يزيد قليلًا، ولو نظرنا إلى الواديين في هذا الوقت لوجد أن كل منهما قد تغيّر مجراه السابق وينحر في مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة قد انضمت إلى الوادي وعرض مساحة الوادي تصل إلى أكثر من كيلو وهذا يعني أن الوادي قد تغيّر مساره الحقيقي باتجاه الأراضي الزراعية والقرى الواقعة على ضفاف الوادي، دعنا نتوقف هنا ثوان.. انحراف مجرى السيول تسبب بانهيار جسور بكاملها مثل جسر قمشية وتعطل قنوات ري رئيسية وفرعية.


وبكل تأكيد مياه السيول ستذهب على طول وبدون استئذان إلى بحر العرب وهذا واقع مرير للأسف الشديد".

وأضاف: "نحن أمام انحسار المساحة الزراعية وتصحر كثير من الأراضي الزراعية بسبب انجراف التربة الزراعية وذهابها إلى البحر، نحن في حوض دلتا أبين أمام كارثة بيئية تتعلق بجفاف الآبار وهروب المياه الجوفية وتملحها، ومن أسباب تملح المياه الجوفية في أسفل الحوض، توجيه مياه الصرف الصحي إلى الوديان وقنوات الري التي تغذي حوض الدلتا، ري الأراضي الزراعية بمياه الصرف الصحي، التلوث الحاصل من المصانع ومحطات البنزين ومخلفات المنشآت الصحية، التلوث الحاصل في البحر والذي نسمع فيه بين حين وآخر، وهروب المياه العذبة إلى باطن الأرض واختلاطها بالمياه المالحة، وبناء على ذلك على السلطات المحلية في أبين أن تعالج السبب أولًا، حتى نحافظ على ما تبقى من ثروة المياه العذبة".

وتابع بأن: "الحفر العشوائي للآبار الارتوازية والتبذير في مياه الري والاستخدام العشوائي للمبيدات السامة والأسمدة الكيماوية والذي تأخذها مياه الري إلى باطن الأرضي وتختلط في المياه الجوفية، من عوامل اختفاء المياه العذبة، مياه السيول بريئة من تملح المياه الجوفية، والحلول باختصار شديد معالجة الأسباب المذكورة سابقًا ولا نريد أعذار ما عندنا إمكانيات، أقول عندنا إمكانيات وهي حرف مسار عمل المنظمات الدولية الداعمة في إصلاح منظومة الري".


من جانبه أوضح مدير عام مكتب الزراعة والري، د. حسين الهيثمي، بأن ارتفاع أسعار المحروقات من المشتقات النفطية من الديزل والبترول، أدى إلى توقف الآبار الزراعية الذي على أدى بدوه إلى انخفاض الإنتاج الزراعي والحيواني، إضافة إلى ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية من بذور وأسمدة ومبيدات أضعاف سعرها السابق وارتفاع أجرة العمال وأسعار الماكينة الزراعية وآليات الحراثة والديفورات والأليات الأخرى، إضافة إلى هجرة المزارعين وترك الأراضي الزراعية الذي تسبب في تصحرها وارتفاع نسبة أشجار السيسبان، وعدم وصول مياه السيول إلى جزء كبير من أراضي دلتا أبين ودلتا أحور، كلها حسب الهيثمي أسبابا متعددة اجتمعت على انهيار الزراعة في أبين.


وأشار إلى أن "شبكات ري السيول منهارة تمامًا، ولم تستطع استقبال مياه السيول الجارفة في مناطق دلتا أبين وكبر سن المزارعين القدامى وتركهم للأراضي الزراعية، كما أن أسعار المنتجات الزراعية متدنية ولا تغطي تكلفة الإنتاج مع توقف الدعم الحكومي للمزارعين لتسهيل شرائهم جميع متطلبات العمل الزراعي أدى إلى تدهور القطاع الزراعي".


عبدالباسط السقاف، مالك مزرعة في منطقة الخاملة يقول إن المزارعين يعانون الأمرين حيث لا يوجد دعم، و"التسيب وغلاء أسعار المشتقات النفطية زاد الطين بلة، حيث تعتبر مناطق الدلتا من أفضل المناطق الزراعية ويتم تصدير الخضروات إلى الخارج أما اليوم فحدث ولا حرج بعض المزارع انهارت نتيجة السيول الجارفة وعدم اهتمام الدولة بالمزارعين أدى إلى تردي الزراعة، أضف إلى ذلك إلى تدخلات المنظمات الدولية الإغاثية في بعض المنظمات وترك المناطق الأخرى وفق سياسات معينة".

وأفاد الشخصية الاجتماعية خالد الدحبي، إلى أنه توجد لديه مزرعة أيضًا في منطقة الخاملة ولم يتحصل على أي دعم من أي منظمة، على عكس ما يشاع، كذلك المزارع فاروق على عبيد الذي يعمل في مزرعة في منطقة باتيس.


وتحدث عبيد عن السيول الجارفة التي تدفقت مؤخرًا من وادي بنا وأصبح الأهالي في المنطقة مهددين بالجرف، بعد أن تدهور واقع الزراعة في المنطقة التي تشتهر بزراعة أجود أنواع النباتات ومنها الذهب الأبيض (القطن) طويل التيلة، وأصبح القطاع الزراعي في خطر نتيجة سياسات تدمّر كل جميل في الجنوب بما في ذلك الجانب الزراعي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى