أزمة كورونا وأوكرانيا.. كيف نجحت السعودية في دعم أمنها الغذائي؟

> يوسف حمود

> ​أصبحت قضية الأمن الغذائي، مشكلة جوهرية بل إنها تأخذ أهمية قصوى في ظل بعض الظروف السياسية والصحية الخاصة، خصوصاً التي يشهدها العالم بين الحين والآخر، والتي كان آخرها، أزمة جائحة كورونا والغزو الروسي على أوكرانيا.

وتعاني كثير من الدول بينها خليجية، من تأثيرات الأزمات المختلفة على أمنها الغذائي، وهو ما دفع بعضها كالمملكة العربية السعودية إلى تعزيز أمنها الغذائي بعدة خطوات مختلفة ضمن استراتيجية تضمن وفرة مخزونات الغذاء.

وتؤكد السعودية بشكل مستمر، أن ثبات الأمن الغذائي لديها، وتوافر المنتجات الزراعية والحيوانية في المملكة، جاء امتداداً لما تسميه بـ"الإنجازات والنجاحات" التي تحقَّقت نتيجة تحقيق إستراتيجية برنامج التحول الوطني في تعزيز الأمن الغذائي.

لا قلق من حرب أوكرانيا

بعد مخاوف انتشرت من تأثير أزمة الحرب في أوكرانيا على الأمن الغذائي في عدة دول بينها السعودية، خرج وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي عبد الرحمن الفضلي، بتصريحٍ قال فيه إن إمدادات ومخزون السلع الغذائية بالمملكة لن تتأثر بالحرب الدائرة حالياً بين روسيا وأوكرانيا.

ونقلت صحيفة "عكاظ" المحلية عن "الفضلي"، أواخر فبراير 2022 قوله، أن سلاسل إمداد السلع الزراعية والحيوانية والغذائية آمنة ومستمرة، بسبب الإنتاج المحلي المرتفع لعديد من السلع.

وقال الوزير السعودي إن المملكة حققت نسب اكتفاء مرتفعة من بعض المنتجات الغذائية، مشيراً إلى أن هناك العديد من الأسواق التي يمكن شراء الإمدادات منها، في حال شح المعروض في أسواق معينة.

وأضاف الفضلي أن لجنة وفرة الغذاء المنبثقة من لجنة الأمن الغذائي منعقدة باستمرار خلال هذه الفترة؛ لرصد وفرة المعروض من السلع الغذائية بالسوق المحلية، ومتابعة سلاسل الإمداد العالمية والمحلية.

وفيما يتعلق بالمخزونات المحلية من السلع الغذائية الأساسية كالقمح والأرز وغيرهما، قال الفضلي إنها متوافرة وفي الحدود الآمنة ولا يُخشى نقصها.

جائحة كورونا

استطاعت المملكة العربية السعودية تجاوز العقبات الطبيعية التي تقف عثرة في طريق تحقيق الأمن الغذائي لشعبها، عبر استراتيجيات وخطط مكتملة تجمع بين الاستزراع في الخارج، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في الإنتاج الداجني والحيواني، وزيادة الاهتمام بالصناعات الغذائية.

وظهر التطور الكبير لملف الأمن الغذائي في المملكة أبان أزمة كورونا، التي شهدت اتجاه كثير من الدول المصدرة للغذاء لفرض سياسات حمائية، وتقليص حجم الصادرات للخارج، حيث لم تواجه المملكة أي نقص في الطعام بمختلف أصنافه، ولم تشهد متاجرها موجة تكالب على الشراء.

المركز الوطني السعودي لقياس أداء الأجهزة العامة (أداء) للمؤشرات الدولية، أشار في تقرير له في يونيو 2021، إلى أن المملكة قفزت إلى المرتبة الثامنة في ذروة الجائحة لمؤشر "مدى كفاية إمدادات الغذاء الوطنية" من بين 113 دولة، فيما تفوقت على 105 دول في نمو إنتاج الحبوب والخضراوات قافزة 9 مراتب عن عام 2019. 

وفي يونيو الذي سبقه (2020) أعلنت وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية، عن تبنيها منظومة تكاملية شاملة أسهم في كفاية الأمن الغذائي وتحقيق وفرة المخزون الاستراتيجي وسلاسة سير العمل في سلاسل الإمداد.

وقالت حينها، إنها لم تواجه أي خلل في سلاسل الإمداد أو نقص في المخزون خلال أزمة فيروس كورونا المستجد، بل أكدت أن المملكة تمتلك سلسلة غذائية موثوقة بقدرة إنتاج يومية قادرة على الوفاء بكامل احتياجات المستهلكين وبجودة عالية.

خطوات سعودية

تتمتع السعودية، حالياً، بأكبر طاقات تخزينية في الشرق الأوسط للقمح والدقيق بما يتجاوز 3.3 مليون طن بطاقة طحن يومية تتجاوز 15 ألف طن، بجانب جني المملكة ثمار استثماراتها الزراعة في الخارج.

ولدى المملكة خيارات واسعة في مصادر القمح، سواء عبر المناقصات العالمية التي يتم طرحها والمناقصات الخاصة بالمستثمرين السعوديين بالخارج والمخصص لها 10% من مشتريات القمح سنوياً.

وإلى جانب ذلك، فإن السعودية لها تجربة في زراعة القمح الذي بدأت إنتاجه في الثمانينات اعتماداً على المياه الجوفية، وتعاظم الأداء في التسعينات لتصبح ثاني أكبر منتج للقمح العربي بعد مصر بأربعة ملايين طن، لكنها قررت تقليص المساحات المزروعة من أجل الحفاظ على مخزون المياه الجوفية، وتبني استراتيجيات جديدة للزراعة. 

ومن تلك الاستراتيجيات، اختيار دولاً نشطة زراعياً وشراء أراضي فيها لمستثمرين سعوديين، ثم تقوم باستيراد منها احتياجاتها من المواد الأساسية، التي يأتي على رأسها القمح، مع مراعاة جودة الحبوب.

إضافة إلى ذلك، قامت بالاستثمار الحيواني في الخارج والذي كان أهم استراتيجية اتخذت لتحقيق الأمن الغذائي في المملكة.

وبلغ حجم الناتج الزراعي للمملكة 2.33٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وتجاوزت نسبة الاكتفاء الذاتي من التمور بالمملكة 125٪، ومن الخضراوات والدواجن نسبة 60٪، والبيض نسبة 116٪، والحليب الطازج ومشتقاته نسبة 109٪، والأسماك نسبة 55٪، ما رفع ترتيب المملكة في مؤشر الأمن الغذائي العالمي إلى المرتبة رقم 30 في 2019 من أصل 113 دولة تم قياسها. 

ووصل حجم الإنتاج المحلي للفواكه (دون احتساب التمور) 800.4 ألف طن، ويأتي البطيخ في مقدمة المحاصيل بنسبة اكتفاء تصل إلى 98٪، والشمام بنسبة 81٪ والعنب بنسبة 59٪ والمانجو بنسبة 52٪، والرمان بنسبة 28٪، والليمون بنسبة 25٪، والعديد من محاصيل الفاكهة التي يتم إنتاجها على مدار العام، وفق بيانات رسمية محلية. 

كما يشهد قطاع الزراعة العضوية نمواً ملحوظاً في المملكة بعدما بلغت مساحته 270 ألف دونم (الدونم يعادل ألف متر)، وحجم الإنتاج الزراعي المحلي خلال عام للزراعة العضوية 98 مليون كيلو، وسط اهتمام حكومي كبير  يتماشى مع اعتبار الزراعة العضوية القطاع الأسرع نمواً والأعلى طلباً في صناعة الغذاء العالمي.

الخليج أونلاين

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى