ماحاجتنا إلى عالم لا توجد فيه روسيا

> عبارة نطق بها الرئيس الروسي بوتين في رده على سؤال إذا تدخل حلف الناتو في أوكرانيا وأصبحت روسيا مهددة من هذا الحلف، هل يكون استخدام السلام النووي خيارًا من خيارات الرد؟

إن محاصرة دولة بحجم ومكانة روسيا وبما تمتلكه من قدرات ردع عسكري مرعبة مدمرة، وترسانة ضخمة من الأسلحة النوعية والتقليدية، يختلف كليا عن محاصرة دولة لا تمتلك تلك القدرات.

البلد الضعيف لا يمتلك إلا أن يتعايش مع الحصار أو يستسلم لشروط الدول التي تفرض عليه الحصار في حالة أن وصل إلى مرحلة تنهار فيها الدولة ونظامها، أما في حالة روسيا وبوجود شخصية مثل بوتين على رأس السلطة فيها، فإن خيار الاستمرار في التعايش مع الحصار ستصل إلى حد معين، لكن حين يوصل مرحلة يصبح الحصار فيها مهددا بانهيار النظام السياسي والمالي والاقتصادي للدولة، ولم تفلح الخطوات والإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها روسيا لمجابهة ذلك الحصار، أو تلك التي اتخذتها كردع ضد تلك الدول، فالتهديد سيكون حينها تهديدا وجوديا يتعلق بكيان الدولة ووجودها بالنسبة للقيادة الروسية، عندها ستكون كل الخيارات متاحة وجاهزة للعمل والتنفيذ بما فيها استخدام الزر النووي، فبوتين قد قال صراحة: ما حاجتنا إلى عالم لا توجد فيه روسيا.

بمعنى آخر، حين تصبح روسيا مهددة في وجودها كدولة محتفظة بكيانها القوي الكبير المؤثر المحترم المهاب، فليذهب هذا العالم إلى الجحيم، فلسنا بحاجة إليه إذا ذهبت دولتنا.

وعليه، فإن استمرار تعامل الأمريكان والأوربيين باستخفاف مع الموقف الروسي، يعتبر تجاهلا للمخاوف المشروعة والمنطقية التي يطرحها الروس بشأن التحرك الغربي على تخوم بلدهم، وفي مناطق كانت ذات يوم خاضعة للعاصمة الروسية موسكو، ومتجاهلين لمكانة روسيا ونظرتها باعتزاز وفخر إلى ذاتها، تريد من الآخرين أن يحترموها ويتعاملوا معها بشكل يليق بمكانتها، ويراعوا مصالحها وتطلعها إلى ممارسة دورها الذي ينسجم مع حجمها وثقلها ووزنها السياسي على مسرح الأحداث السياسية في العالم.

إن لم يراع الغرب الأمريكي والأوروبي هذه الاعتبارات واستمر في تجاهلها وأفرط في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية التي يعاقبون بها روسيا ويحاصرونها ويحشرونها في الزاوية الضيقة، فإنهم يرتكبون حماقة كبرى قد تذهب بالعالم والبشرية إلى الهلاك، فحصار دولة مثل روسيا يختلف كليا على حصار دولة مثل إيران مثلا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى