ولي العهد السعودي: الإخوان عنصر قوي في صنع التطرف

> "الأيام" حفريات

> ​في حوار اتسم بالمواجهة والجرأة والصراحة والواقعية السياسية ويعد الأجرأ، قدم ولي العهد السعودي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، تصوراً شاملاً لصورة المملكة المقبلة على الصعد كافة، والتحديات المقبلة والأطراف الفاعلة في المنطقة، مشدداً على أنّ جماعة الإخوان عنصر قوي في صنع التطرف.

وبحسب مواقع رسمية سعودية وعربية، تحدث بن سلمان مع مجلة ذا أتلانتيك  (The Atlantic)، التي تعد من أقدم وسائل الإعلام الأمريكية، عن عمليات التحديث والإصلاح والتطور التي تشهدها المملكة العربية السعودية والمشاريع الكبرى التي أعلنت عنها، وكشف فيه ولي العهد وجود أطراف تسعى لإفشال رؤية المملكة 2030، وطمأن السعوديين بأنه لا توجد قوة في العالم تستطيع إفشال هذا المشروع، وأنّ استرضاء الآخرين لا وجود له في قاموس السعوديين مُطلقاً.

وأكد ولي العهد أن علاقات السعودية مع حلفائها الإستراتيجيين تقوم على أساس من الندية والثقة والاحترام المتبادل، وإذا فُقدت هذه العناصر أو أحدها فللمملكة كامل الحق في مراجعة مستوى تلك العلاقات، بحسب ما يخدم مصلحتها الوطنية انطلاقاً من سيادة قرارها الداخلي.

إسرائيل ليست عدواً
وقال ولي العهد السعودي، إنّ السعودية لا تنظر لإسرائيل كعدو بل كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن السعي لتحقيقها معاً، لكن يجب أن تحلّ بعض القضايا قبل الوصول إلى ذلك، وحل مشاكلها مع الفلسطينيين.

وأوضح الأمير السعودي: "الاتفاق بين دول مجلس التعاون الخليجي هو ألّا تقوم أي دولة بأي تصرف سياسي، أو أمني، أو اقتصادي من شأنه أن يُلحق الضرر بدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، وجميع دول المجلس ملتزمة بذلك، وما عدا ذلك، فإنّ كل دولة لها الحرية الكاملة في القيام بأي شيء ترغب القيام به حسب ما ترى".

وبسؤاله عن جماعة الإخوان، قال ولي العهد السعودي إنها "تلعب دوراً كبيراً وضخماً في خلق كل هذا التطرف، وبعضهم يعد كجسر يودي بك إلى التطرف، وعندما تتحدث إليهم لا يبدون وكأنهم متطرفون، ولكنهم يأخذونك إلى التطرف، فعلى سبيل المثال: أسامة بن لادن والظواهري كانا من الإخوان المسلمين، وقائد تنظيم داعش كان من الإخوان المسلمين، ولذلك تعد جماعة الإخوان المسلمين وسيلة وعنصر قوي في صنع التطرف على مدى العقود الماضية، ولكنَّ الأمر لا يقتصر على جماعة الإخوان المسلمين فحسب، بل خليط من الأمور والأحداث، ليس فقط من العالم الإسلامي، بل حتى من أمريكا التي بخوضها حرباً في العراق أعطت للمتطرفين فرصة سانحة، كما أنّ هناك بعض المتطرفين في السعودية ليسوا من جماعة الإخوان المسلمين قد لعبوا دوراً في ذلك، خصوصاً بعد قيام الثورة في إيران عام 1979، ومحاولة الاستيلاء على المسجد الحرام بمكة المكرمة".

الشيخ محمد بن عبدالوهاب ليس رسولاً
وفيما يخص الشيخ محمد بن عبدالوهاب، قال بن سلمان إنه "كسائر الدعاة وليس رسولاً، بل كان داعية فقط، ومن ضمن العديد من ممن عملوا من السياسيين والعسكريين في الدولة السعودية الأولى، وكانت المشكلة في الجزيرة العربية آنذاك أنّ الناس الذين كانوا قادرين على القراءة أو الكتابة هم فقط طلاب محمد بن عبدالوهاب، وتمت كتابة التاريخ بمنظورهم، وإساءة استخدام ذلك من متطرفين عديدين، ولكنني واثق لو أنّ الشيخ محمد بن عبدالوهاب، والشيخ عبدالعزيز بن باز، ومشايخ آخرين موجودين الآن، فسيكونون من أول الناس المحاربين لهذه الجماعات المتطرفة الإرهابية، والحقيقة في الأمر هي أنّ تنظيم داعش لا يستخدم شخصية دينية سعودية كمثال يتبعه، ولكن عندما تموت هذه الشخصية، يبدأ عناصر داعش بعد ذلك باقتطاع كلماتهم من سياقها، دون النظر لظروف الزمان والمكان التي صدرت بها".

وعن الترويج للإسلام المعتدل، قال ولي العهد السعودي إنّ مصطلح "الإسلام المعتدل" ربما يجعل المتطرفين والإرهابيين سعيدين، حيث إنها أخبار جيدة لهم إذا استخدمنا ذلك المصطلح. فإذا قلنا "الإسلام المعتدل" فإنّ ذلك قد يوحي أنّ السعودية والبلدان الأخرى يقومون بتغيير الإسلام إلى شيءٍ جديد.

وأكد: نحن نرجع إلى تعاليم الإسلام الحقيقية، التي عاش بها الرسول عليه الصلاة والسلام والخلفاء الأربعة الراشدون، حيث كانت مجتمعاتهم منفتحة ومسالمة، وكان عندهم مسيحيون ويهود يعيشون في تلك المجتمعات، وأرشدتنا هذه التعاليم أن نحترم جميع الثقافات والديانات بغض النظر عنها. وهذه التعاليم كانت مثالية، ونحن راجعون إلى الجذور، إلى الشيء الحقيقي. إنّ ما حدث هو أنّ المتطرفين اختطفوا الدين الإسلامي وحرّفوه، بحسب مصالحهم، حيث إنهم يحاولون جعل الناس يرون الإسلام على طريقتهم، والمشكلة هي انعدام وجود من يجادلهم ويحاربهم بجدية، وبذلك سنحت لهم الفرصة في نشر هذه الآراء المتطرفة المؤدية إلى تشكيل أكثر جماعات الإرهاب تطرفاً، في كلٍّ من العالمين السني والشيعي.

إيران جيراننا إلى الأبد
وبشأن العلاقة مع إيران، قال إنّ إيران "جيراننا، وسيبقون جيراننا للأبد، ليس بإمكاننا التخلص منهم، وليس بإمكانهم التخلص منا، لذا فإنه من الأفضل أن نحل الأمور، وأن نبحث عن سُبل لنتمكن من التعايش، وقمنا خلال أربعة أشهر بمناقشات، وسمعنا العديد من التصريحات من القادة الإيرانيين، التي كانت محل ترحيب لدينا في السعودية، وسنستمر في تفاصيل هذه المناقشات، وآمل أن نصل إلى موقف يكون جيداً لكلا البلدين، ويشكل مستقبلاً مشرقاً للسعودية ولإيران".

ولدى سؤال ولي العهد السعودي فيما إذا كان يفضل وجود اتفاق نووي أم لا، قال : "أعتقد أنّ أي بلد في العالم لديه قنابل نووية يُعد خطيراً، سواء إيران أو أي دولة أخرى، لذا نحن لا نود أن نرى ذلك، وأيضاً نحن لا نرغب في رؤية اتفاق نووي ضعيف؛ لأنه سيؤدي في النهاية إلى ذات النتيجة".

أكد سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، أنّ المملكة تسعى إلى التطوير بناءً على ما تملكه من مقومات اقتصادية وثقافية وتاريخية، ووفقا لطبيعة الشعب السعودي.
ووصف المشاريع التي تقام في المملكة بأنها فريدة من نوعها، وتتسم بالطابع السعودي، مستشهداً بمشروع الدرعية، مؤكدا أنه يعد أكبر مشروع ثقافي في العالم، فضلاً عن كونه فريداً من نوعه، كما يعد مشروعاً تراثيّاً ثقافيّاً ذا طابع نجدي، وكذلك مشروع جدة القديمة، والذي يجسد مشروعاً تطويريا قائماً على التراث الحجازي.

واعتبر أنّ مشروع نيوم، وذا لاين، المدينة الرئيسية في نيوم، يمثل مشروعاً فريداً من نوعه تم إنشاؤه وصنعه بواسطة السعودية، ولا يعد مشروعاً منسوخاً من أي مشروع آخر موجود في أي منطقة في العالم، بل يمثل تطوراً وإيجاداً للحلول التي لم يتمكن أحد من إيجادها.

كما أشار ولي العهد السعودي إلى مشروع القدية في الرياض، الذي يعد أكبر مشروع ترفيهي ثقافي رياضي في العالم، حيث تبلغ مساحته 300 كيلو متر مربع تقريباً، وهي المساحة التي تعتبر أكبر من مساحة العديد من دول العالم.

ولفت إلى أنّ هذا المشروع يتضمن كذلك مشاريع ضخمة مثل مدينة الملاهي، المشاريع الثقافية، المشاريع الرياضية، والمشاريع العقارية، مؤكداً أنّ جميع هذه المشاريع تم عملها بطريقة لم تشهدها مدن أخرى مثل: أورلاندو على سبيل المثال، ولا أي مكان آخر حول العالم.

وأكد سمو ولي العهد، أنّ المملكة تسعى إلى استخدام الأموال التي تملكها في صندوق الاستثمارات العامة، والأموال التي تملكها في ميزانية الحكومة بطريقة إبداعية تعتمد على الثقافة والإبداع السعودي.

يجب نقد الحكومة
وأعرب الأمير محمد بن سلمان عن اعتقاده بأنّ الإعلام السعودي يجب أن ينتقد عمل الحكومة، وخطط الحكومة، أيّاً كانت؛ لأن ذلك أمرٌ جيد.

وأضاف: "الإعلام السعودي يفعل ذلك بطريقة جيدة، ويناقشون عدداً من القضايا، وينشرون الأفكار، ويتحدثون عن كل خطة، وعن كل إستراتيجية، وعن كل سياسة تقوم بها كل وزارة، وهذا أمر جيد".

وأردف: "نحن بحاجة إلى ذلك؛ لأنك بحاجة إلى آراء العديد من الأشخاص، وكذلك بالنسبة لي كولي عهد للمملكة العربية السعودية، فهذا أمر جيد".

وزاد: "حتى وسائل الإعلام العالمية، متى ما كتبت عن المملكة العربية السعودية، فإن كانت حقّاً كتابة موضوعية، بدون أي أجندات أو أيديولوجيات، فهذا مفيد للغاية بالنسبة لنا، لقد تعلمنا من بعض الأخطاء من مثل هذا النوع من المقالات والتقارير، لذلك فإنّ هذا أمر جيد، نحن بحاجة لذلك".

مقتل خاشقجي آلمني
وعن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في تركيا، قال بن سلمان، إنه من المؤلم رؤية أي شخص يُقتل دون وجه حق، لذلك، حتى لو كان الشخص يستحق عقوبة الإعدام أكثر من أي شخصٍ آخر في العالم، فيجب أن يخضع للنظام القضائي، ويجب أن يكون له الحق في الدفاع عنه نفسه.

وأضاف: "إنّ حادث مقتل الصحفي جمال خاشقجي يُعد أمراً مؤلماً، ونتمنى ألَّا يحدث لمواطن سعودي أو لأي مواطن في العالم بأسره، وذلك كان فشلاً ذريعاً في النظام، وقد بذلنا قصارى جهدنا لإصلاح النظام، والتأكد من عدم حدوث مثل ذلك مرة أخرى، كما اتخذنا إجراءات مشابهة لما قد تتخذه أي حكومة منصفة، حيث أحلنا أولئك الأشخاص إلى التحقيق، ومن ثم إلى المحكمة، وبعد ذلك قررت المحكمة عقوبات مختلفة عليهم، وهم يواجهون تلك العقوبات".

وأكد الأمير محمد بن سلمان، أنّ الحادثة آلمته كثيراً، وآلمت السعودية من ناحية المشاعر.

وتابع: "هذا ما حدث عندما ارتكب الأمريكيون أخطاء في العراق أو أفغانستان أو غوانتنامو، فأنتم اتخذتم الخطوات الصحيحة، وكذلك فعلنا نحن".

وحول ما إذا كانت الحادثة أضرت بالعلاقات مع الولايات المتحدة، وما إذا كان يريد أن يعرف الرئيس الأمريكي جو بايدن شيئاً قد لا يعرفه عنه، رد ولي العهد قائلاً: "ببساطة هذا لا يهمني.. هذا الأمر يعود إليه، ومتروك له للتفكير في مصالح أمريكا، فليفعل ذلك إذن".

أكد الأمير بن سلمان أنّ العقوبات ضد المعارضين "لم تصدر مني أنا شخصيّاً، بل صدرت عن النظام القضائي السعودي، إنني لا أدافع عن هذا النظام، ولا أقول إنه النظام الأفضل في العالم، فأمامنا طريق طويل لتحسينه، ولتغييره من خلال مجلس الوزراء، ومجلس الشورى، لقد قمنا بالفعل بإجراء تغييرات كبيرة، ولا يزال الطريق طويلاً أمامنا حتى نصل إلى معايير عالية على الصعيد الدولي، ولكن مرة أخرى، لم أكن أنا من أصدر هذه العقوبات، بل تم إصدارها في نهاية المطاف من قبل النظام القضائي، قد يكون لدينا أنواع مختلفة من الأحداث في أوقات مختلفة، والعقوبات تُصدر بناءً على وجهات نظر القاضي، وبناءً على النظام السعودي".

وأضاف أنّ مهمة الملك ومهمتي بلا شك تتمثل في ضمان ألَّا يكون الأمر يدور حوله أو حولي، نعم لقد قمنا بتغييرات كبيرة في السعودية، مشيراً إلى أننا نتعلم من الأخطاء المرتكبة بواسطة كل جيل، ونراقب عن كثب، ونريد ضمان ألَّا تكرر هذه الأخطاء، ومهما حدث، ومهما كانت المشاريع في السعودية، يجب أن يستمر الأمر، ويتعين أن تكون الخلافة سلمية ومستمرة، وإذا نظرت إلى المئة عام الماضية، فسترى أنها كانت سلمية، ففي الثانية التي تعقب وفاة الملك، يصبح ولي العهد هو الملك، ويتم تعيين ولي عهد جديد، أطال الله في عمر الملك.
وعن التغيير في أحكام هيئة البيعة الذي يفيد بأنه بعد انتهاء حكم أبناء عبدالعزيز، في تلك المرحلة، لا يمكن أن يأتي ولي العهد من نفس فرع الملك، قال ولي العهد السعودي هذا صحيح، على سبيل المثال، لا يسعني أن أعيَّن الأمير خالد بن سلمان وليّاً للعهد، ويجب علي أن أختار من فرع مختلف وفقاً لنظام هيئة البيعة.

وعن كيفية اتخاذ هذا القرار عندما يحين الوقت؟ أكد الأمير محمد بن سلمان أن هذه من الموضوعات المحظورة التي لا يعلمها إلا نحن أبناء العائلة المالكة، الملك وأنا والأعضاء الـ 34 في هيئة البيعة، وسيضحون بحياتهم قبل أن يتحدثوا عن أيٍّ من هذه الموضوعات.

جوانب شخصية
وعن الجوانب الشخصية في حياته، كشف ولي العهد السعودي "في أيام عطلة نهاية الأسبوع، لا أحاول التفاعل معها، وقد كنت في الفترة ما بين 2009 حتى أوائل 2018، بالكاد آخذ عطلة نهاية الأسبوع، وإذا أخذت عطلة نهاية الأسبوع خلال شهرين، فإنني محظوظ حينها، لقد اكتسبت الكثير من الوزن، ولقد كان الأمر صعباً، ولكن منذ 2018 بدأت آخذ عطل نهاية الأسبوع، عندما كان كل شيء موجود في مكانه، أشخاص جيدون، حكومة جيدة، وغيرها، وكانت الخطط موضوعة، وكانت لدينا أيام عمل اعتيادية، وفي أيام عطل نهاية الأسبوع وفي الإجازات أحاول أن أرتاح، وإن لم أقم بذلك، فإنني سأنهار، وفي أيام العمل أعمل طيلة اليوم، وأقضي 10 إلى 20 دقيقة على الأكثر لمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي كل يوم.

وعن متابعة وسائل التواصل الاجتماعي قال أتصفحها جميعاً: تويتر، وإنستغرام، وغيرها، ولذلك أريد فقط أن أكون واثقاً من أنّ فريقي الإعلامي يدرك أنني أقوم ببحث مستقل، أنا أقرأ آبل نيوز، وإنه أمرٌ رائع توفير كل هذه الصحف على تطبيق واحد، كما أقرأ بعض الصحف السعودية، والصحف العالمية، ومن ثم فلنقُل إنني أقضي على الوسائل الاجتماعية قرابة 20 دقيقة، وقرابة نصف ساعة على وسائل إعلام أخرى، وعادة ما أقوم بذلك أثناء تناولي الفطور مع عائلتي، حيث التلفاز يعمل، والآيباد أيضاً، وكذلك أقوم بأمرين أو ثلاثة في الوقت نفسه مع العائلة كقراءة الأخبار أو المتابعة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى