تداعيات الحرب الأوكرانية على الشرق الأوسط... تراجع تدفقات السياحة وتضخم هائل في الأسعار

> أبوظبي«الأيام»"إنترريجونال":

>
فيما تشكل المنطقة 70 % من الصادرات الزراعية الروسية.. توقعات بارتفاع حاد في أسعار الغذاء
توتر من احتمالية ضم قطاع الطاقة الروسي للعقوبات الغربية
600 مليار دولار احتياطي روسيا لمواجهة العقوبات.. والمخاوف عربية

في خضم التطورات المتلاحقة المتعلقة بالحرب الأوكرانية، ومحاولة فهم موقع منطقة الشرق الأوسط من تلك الحرب في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية؛ عقد "إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية"، حلقة نقاشية بعنوان "الارتدادات الإقليمية: ما تداعيات الحرب ‎الأوكرانية على منطقة الشرق الأوسط؟"؛ حيث استضاف خلالها د. لي تشن سيم، الأستاذة بجامعة خليفة بأبوظبي والباحثة غير المقيمة بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن؛ وذلك بحضور باحثي المركز في أبو ظبي، وبمشاركة بعض باحثي المركز من القاهرة.

التداعيات الاقتصادية

تفرز تطورات الحرب الأوكرانية العديد من التداعيات على الأوضاع الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يمكن توضيحه على النحو التالي:

1- تراجع تدفقات السياحة في المنطقة بقدر كبير: لفت المشاركون إلى أن تدفقات السياحة إلى الشرق الأوسط ستتأثر كثيراً؛ وذلك بسبب رحلات الطيران. على سبيل المثال، أوقفت بعض شركات الطيران في المنطقة رحلاتها إلى روسيا. ومن المتوقع قدوم القليل من السائحين الروس والأوكرانيين إلى المنطقة، وهو ما يمثل مشكلة كبيرة، خاصة للبلدان المعتمدة في دخلها على قطاع السياحة؛ لذا ستكون هناك تأثيرات كبيرة على حركة السياحة وعوائدها، خاصة مع الخسائر التي وقعت في قيمة الروبل الروسي (الآن انخفاض بنسبة 40 %). فإذا كنت سائحًا روسيًّا فستواجه ضغطًا كبيرًا على أي إنفاق خارجي، خاصة عند استخدام البطاقات المدينة أو بطاقات الخصم المباشر؛ بسبب سياسة تقييد الصرف الأجنبي التي يتبعها البنك المركزي في روسيا. لذا سيمثل هذا أزمة كبيرة بالنسبة إلى كثير من السائحين.

2- ارتدادات سلبية للعقوبات الغربية على المنطقة: حسب المشاركين فإنه على المستوى الطويل، سننظر إذا ما كان السائحون الروس سيعودون إلى المنطقة. وسوف يحدث هذا ولكن من الضروري أخذ تأثيرات العقوبات الغربية في الاعتبار، كذلك ينبغي التفكير في حقيقة أن العالم استغرق نحو خمس سنوات كي يتعافى قطاع السياحة العالمية من تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008. كان هذا في ظل عدم وجود عقوبات. ومن ثم سيكون الأمر مثيرًا لقلق الدول المعتمدة على قطاع السياحة في منطقة الشرق الأوسط.

3- ارتفاع حاد متوقع في أسعار الغذاء بالمنطقة: لفت المشاركون إلى أن الغذاء أحد القطاعات المهمة التي ستتأثر بالحرب، وأنه فيما يتعلق بهذا القطاع غير البترولي، فالتأثيرات وخيمة للغاية. إن روسيا وأوكرانيا تشكلان معاً أكبر موردي المحاصيل الزراعية إلى العالم العربي. وتمثل منطقة الشرق الأوسط 70 % من سوق الصادرات الزراعية الروسية. ومن ثم فهي سوق ضخمة للغاية خاصة في بعض أنواع القمح.

4- اضطرابات في سلاسل توريد بعض الحبوب: أوضح المشاركون أن روسيا وأوكرانيا تمتلكان مخزونًا استراتيجيًا من الحبوب، لكنه لن يستمر لأكثر من عام (بالتقريب من ثلاثة إلى خمسة أشهر). ومن ثم فإن هناك مساحة للتحرك. ولكن في حال استمرار الحرب، سنجد هناك اضطرابات في توريد الحبوب، والمخصبات، أو حتى تقلص مواسم زرع بالقمح في الربيع بأوكرانيا وروسيا خلال العام المقبل.

5- تأثر الأمن الغذائي لبعض دول الشرق الأوسط: وفق المشاركين، إذا نظرنا إلى منطقة الشرق الأوسط، سنجد أن هناك اعتمادية على واردات الحبوب من روسيا وأوكرانيا. مثلاً تستورد بعض دول الإقليم ما يصل إلى 40 % من الشعير من روسيا، وهي حبوب مهمة لتغذية الماشية والثروة الحيوانية. لذا قد تنعكس الأزمة على أسعار اللحوم. وعلى المدى القصير ستكون هذه الواردات موضع قلق.

6- شيوع حالة عدم اليقين في أسواق الطاقة: أوضح المشاركون أنه من المؤكد أن روسيا لاعب هام في سوق الطاقة الهيدروكربونية، وهي توصف بأنها دولة بترولية استراتيجية. وهو ما يعني أنها ضخمة للغاية حتى تتعرض لعقوبات على قطاع الطاقة، خاصة أن البترول هو الشريان الحيوي للاقتصاد الدولي. حتى الآن لم تمس العقوبات الغربية قطاع الطاقة الروسي، لكن الأسواق متوترة للغاية، خاصة أن العقوبات قد تمتد إلى الطاقة. وقد رأينا ارتفاع أسعار الطاقة مع بداية هذا العام من 80 دولارًا إلى أعلى من 100 دولار حالياً. بالنسبة إلى دول الشرق الأوسط، خاصة الدول المصدرة للبترول في الخليج، ستكون هناك مكاسب هائلة. فهناك تقدير من بنك HSBC يتوقع أنه في حال زيادة برميل البترول إلى 100 دولار، ستحقق هذه الدول مكاسب تصل إلى 50 مليار دولار.

إلا أن الجانب السيئ من ارتفاع أسعار الطاقة، هو أنها قد تؤثر على الطلب الكلي العالمي على السلع؛ لأن أسعار السلع تزداد في حال زيادة أسعار البترول؛ لأهميته لقطاعات عديدة من البتروكيمياويات إلى الأغذية والنقل. ومن ثم قد يؤدي هذا الارتفاع إلى خفض الطلب على السلع فينخفض الطلب على عمليات الشحن والطيران، بل على الوقود. والمحصلة النهائية لهذا قد تتمثل في خفض الطلب على صادرات النفط. ولأن الأسواق في الشرق الأوسط، خاصة الخليج، مستوردة للسلع بالأساس، قد نشهد تضخمات هائلة في الأسعار.

7- البحث عن بدائل في المنطقة للغاز الروسي: وفق المشاركين فإنه على المديين المتوسط والبعيد، من المتصور أن تأثير هذه الحرب على قطاع المحروقات والطاقة سيكون إيجابيّاً على الغاز القطري. فسبب هذه الحرب سيفكر الأوروبيون مرة ثانية وثالثة في اعتمادهم على الغاز الروسي. وقد حدث هذا بالفعل مع ضم القرم في 2014؛ لذا ستدفعهم هذه الحرب إلى البحث عن بديل الغاز الطبيعي المسال. ومن ثم قد يكون هذا جيداً بالنسبة إلى قطر وربما أيضاً لبعض دول شمال إفريقيا.

تأثُّر القطاعات غير البترولية

من المرجّح أن تتضرر القطاعات غير البترولية بشكل كبير في منطقة الشرق الأوسط إثر استمرار الحرب الأوكرانية، وذلك على النحو التالي:

1- تضرر جهود المنطقة للتحول إلى الطاقة المتجددة: في القطاعات غير البترولية، تعد روسيا لاعبًا هامًا للغاية في توريد عدد من المواد. لقد سمعنا بالطبع عن تكثيف منطقة الشرق الأوسط جهودها للاتجاه إلى الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وهذا تحول هائل ومهم، ولكن هناك مشكلة تتمثل في أن الجدول الزمني لهذا التحول سيتأثر بالحرب الروسية الأوكرانية بسبب النيكل الذي يمثل عنصراً أساسياً في تكوين بطاريات الوحدات الشمسية وسعات التخزين ووحدات التوليد بسبب قدرته على المقاومة. وتسيطر روسيا على 17 % من واردات النيكل، ويتصف مخزونها بأنه عالي الجودة؛ لذا قد تتأثر خطط التوسيع في الطاقة المتجددة في المنطقة.

2- فرص لبعض الدول في الهيدروجين الأخضر: على المدى المتوسط ستؤثر سوق الهيدروجين الأخضر إيجابياً بهذه الحرب؛ إن الأوروبيين لن يكونوا قادرين على الاعتماد على روسيا في نزع كربونية الطاقة، وهو ما يوفر فرصة لدول الخليج؛ إذ إن هناك فرصاً كبيرة للهيدروجين في الخليج والهيدروجين الأخضر، خاصة بيع الهيدروجين الأخضر لأوروبا؛ حيث ستصبح أوروبا سوقاً كبيرة لهذا. وإذا استطاع الخليج إثبات أن الهيدروجين يتم إنتاجه بواسطة طاقة نظيفة، فمن شأن ذلك أن يخفف من نقص الهيدروجين الروسي في أوروبا بقدر كبير.

3-اضطرابات في سلاسل توريد الألومنيوم: أكد المشاركون أن الأمر نفسه ينطبق على “الألومنيوم” الهام للغاية في تصنيع أطر الوحدات الشمسية وتصنيع التوربينات؛ لذا قد تتأثر سلاسل توريد هذا الخام بالحرب، خاصة في حالة استمرارها؛ وذلك بسبب الدور الهائل الذي تقوم به روسيا في توريد هذا الخام إلى أوروبا. والألومنيوم الروسي له درجات أقل من الكربون ومصنَّع بالطاقة الهيدرومائية.

4- تأثر بعض الدول المعتمدة على الزراعة بالمنطقة: أوضح المشاركون أنه إذا نظرنا إلى “الأسمدة” الزراعية، فإن روسيا وبيلاروسيا الخاضعة مؤخراً للعقوبات، من أهم موردي ومصدري الأسمدة في العالم بنسبة قد تصل إلى 20 %. ستتأثر هذه السوق بالعقوبات وبمشكلات سلاسل التوريد، خاصة في عمليات الدفع والتمويل. أما الدول المعتمدة على الزراعة في المنطقة، فستتأثر بهذه المشكلات، إلا أن هذا قد يمنح مصدري الأسمدة في بعض دول المنطقة فرصة لتوجيه صادراتها للسوق العالمية. ولكن ليس في الوقت الحالي، بل على المدى المتوسط؛ حيث قد تتجه هذه الصادرات إلى الولايات المتحدة؛ لذا فهناك مزايا وتأثيرات سلبية في الوقت نفسه.

5- تحوُّل قطاع الصلب إلى فرصة لبعض الدول: على الرغم من أن روسيا ليست مصدرًا أساسيًا للصلب على المستوى العالمي، ولكن الصلب الروسي كان موردًا أساسيًا للسوق الأوروبية (تقريبًا ثلث واردات أوروبا من الصلب). وقد يجد مصدرو الصلب في المنطقة، تحديدًا تركيا، فرصًا هائلة لتوسيع عملياتها في السوق الأوروبية. ولكن تبقى المشكلة أن الصلب التركي يستخدم أفراناً تعمل بالغاز، وتركيا تستورد الغاز من روسيا، وهو ما قد يعرض صادرات الصلب لقيود من قبل المستوردين الأوروبيين؛ لذلك فهذه المسائل تعبر عن تداخلات معقدة بين سلاسل التوريد العالمية. وقد تتمكن بعض الدول من الاستفادة من تأثيرات الحرب، وقد لا تتمكن دول أخرى من هذا.

6- قيود على الموصلات وأشباه الموصلات الإلكترونية: وفق المشاركين، هناك قطاعان آخران سيتأثران بالحرب: الأول الموصلات وأشبات الموصلات الإلكترونية؛ حيث توجد قيود على التصدير من قبل الولايات المتحدة إلى روسيا. وينطبق هذا على الشركات العاملة في الولايات المتحدة. إلا أن هذا القطاع سيتعرض لتأثير أقل؛ لكون روسيا ليست مستهلكًا أساسيًا لأشباه الموصلات. أما قطاع العقارات، فمن المتوقع أن تتأثر بعض دول المنطقة في حال استمرار الحرب، سواء بسبب العقوبات أو قصور المدفوعات.

الارتدادات السياسية والأمنية

في ظل الدور المتزايد لروسيا في منطقة الشرق الأوسط، فإن تطورات الحرب الأوكرانية تلقي بظلالها على بعض الملفات السياسية والأمنية في المنطقة، وذلك على النحو التالي:

1- عدم حدوث تحول في علاقة المنطقة بالولايات المتحدة: بحسب المشاركين، من غير المتصور أنه سيكون هناك تحول في العلاقات بين دول منطقة الشرق الأوسط والولايات المتحدة على إثر الحرب الأوكرانية مقارنة بالتأثير الكبير للعلاقات الأوروبية الأمريكية. فقد عززت الحرب علاقات أوروبا بالولايات المتحدة. ولكن من المتوقع أن تتجه الولايات المتحدة لمحاولة التأثير على بعض دول المنطقة للالتحاق بنظام العقوبات على روسيا.

2- ضغوط أمريكية على إسرائيل بشأن الحرب الأوكرانية: أكد المشاركون أن إسرائيل تجنبت التنديد بالحرب الروسية على أوكرانيا. وخلال الحرب الروسية في القرم عام 2014 لم تعلق إسرائيل على القرارات الأممية ضد روسيا. وقد حاولت الولايات المتحدة إقناع إسرائيل بالمشاركة في البيان المشترك التابع لمجلس الأمن في الأمم المتحدة، وتأييد مشروع القرار الأممي بحق روسيا. وخلال الجمعية العامة صوتت إسرائيل بـ “نعم” لإدانة الغزو الروسي، وهو ما يغيّر الكثير من المعلومات المعروفة عن إسرائيل في الماضي ويجب متابعة تطورات ذلك خاصةً في ظل أهمية العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.

3- دعم إيران الموقف الروسي في الحرب الأوكرانية: وفق المشاركين، إذا نظرنا إلى العلاقات بين روسيا وإيران، فنجد أن إيران اتخذت موقفًا مبدئيًّا بالقول إنه لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة. ومع اتجاه الأخيرة إلى عزل روسيا، وجدت إيران ضرورة دعم روسيا خاصة مع دعم موسكو لها في المحادثات النووية. كذلك لا يتوقع أن الحرب ستؤثر سلبًا على العلاقات الروسية الإيرانية.

4-استفادة نسبية لإيران من الحرب في المحادثات النووية: أوضحت المتحدثة الرئيسية أنه قد ظهرت تكهنات بأن المحادثات سيتم اختصارها بسبب الحرب وجانب الطاقة، وإذا ختمت المحادثات وسمحت لإيران بتصدير نفطها فسيؤثر ذلك كثيرًا على أسعار النفط؛ لأن وجود النفط الإيراني في أسواق الطاقة سيخفض أسعار النفط. ويتوقع أن تضخ طهران ما بين 500 ألف إلى مليون برميل يومياً، بينما روسيا تنتج ما يقرب من 10 ملايين برميل يومياً وتصدر 6 ملايين برميل يوميًا، وبالتالي فإن خروج النفط الإيراني للأسواق لن يعوض نقص النفط الروسي بدرجة كبيرة، فعلى الرغم من أن النفط الإيراني مهم، إلا أن تأثيره ليس العامل الوحيد أو الأهم على محادثات فيينا.

5- عدم تأثر العلاقات التركية الروسية بموقف أنقرة: لفت المشاركون إلى أنه على وجه التحديد لو نظرنا إلى تأثير الحرب على العلاقات التركية الروسية، فنجد أن موقف تركيا كان مترددًا للغاية؛ حيث أكد الرئيس أردوغان أن الحرب غير مقبولة، واتجه إلى إغلاق مضيق البوسفور أمام السفن الروسية، إلا أن هذا القرار لم يؤثر كثيرًا على روسيا؛ حيث تحركت سفنها الحربية بالفعل عبر البوسفور إلى البحر الأسود. وكذلك كانت تركيا قد باعت العديد من الطائرات المسيرة “بيرقدار” إلى أوكرانيا، وهي طائرات مسلحة وفعالة وجرى استخدامها مؤخرًا، كما أنها عرضت على أوكرانيا التصنيع المشترك لهذه الطائرات، وهو ما لم يحدث لوقت بسبب الصراع الدائر. إلا أن مثل هذه التحركات تجاه أوكرانيا، لن تؤثر كثيرًا على علاقة تركيا بروسيا؛ وذلك لأن تركيا معتمدة بدرجة كبيرة على قطاع الطاقة سواء في شكل واردات الغاز من روسيا الضروري لتصنيع الصلب وقطاع الإنشاء. كذلك تعتمد تركيا على روسيا في مشروعات الطاقة النووية التي تريد إنجازها مع حلول الذكرى المئوية لإنشاء الجمهورية التركية العام المقبل؛ لذا لا يتوقع أن الحرب ستؤثر كثيرًا على العلاقات بين تركيا وروسيا.

6- أهمية تحقيق الدول الصغيرة التوازن بين القوى الكبرى: لفت المشاركون إلى أن هناك مثالًا لإحدى الدول الصغيرة، وهو سنغافورا التي تبنت موقفًا يقوم على أن القانون الدولي يجب أن يتم تطبيقه، ولا يجب على دولة انتهاك سيادة دولة أخرى، وأنه على الدول الصغيرة بوجه عام التشبث بالقانون الدولي، لكن في الوقت نفسه يصعب تنفيذ هذه التوجهات المثالية، خاصة أن روسيا تتمتع بقدرات كبيرة؛ فمثلاً حين ننظر إلى الدول الصغيرة فإن عليها أن تهتم بعلاقاتها مع الولايات المتحدة ومع الصين ومع روسيا وتحقق توازن مرن بين تلك الدول.

7- حفاظ موسكو على نفوذها الفاعل في الداخل السوري: لفت المشاركون إلى أن روسيا الآن تركز على جهودها العسكرية ومعركتها في أوكرانيا، ولكن لديها الموارد الكافية كي تخوض الحرب في سوريا، إذا أرادت ذلك. وتنشر روسيا بالفعل قوات “غير عسكرية” كشركات الأمن الخاصة مثل “مجموعة فاجنر.” ومع تركيزها العسكري في أوكرانيا، لن تغفل عن نفوذها سوريا؛ لأنها مدخل نفوذ في الشرق الأوسط. وكما رأينا فسوريا تقف بجانب روسيا بقوة. ولكن أيضاً من المتوقع أن تصبح إسرائيل وتركيا أكثر قلقاً من تعاظم القوة السورية.

8- صعوبة انتشار الدويلات الانفصالية بالشرق الأوسط: وفق المشاركين تختلف حالة الانفصاليين في أوكرانيا عن نظرائهم في منطقة الشرق الأوسط؛ حيث يعتمد الانفصاليون الأوكرانيون على الدعم الروسي، أما في الشرق الأوسط فلا يوجد قوة إقليمية أو دولية تقوم بمثل ما قامت به روسيا في جورجيا، وفي غياب راعٍ قوي لن يحدث مثل هذا السيناريو في الشرق الأوسط.

واختتم المشاركون أن روسيا لديها العديد من الأدوات لمواجهة العقوبات الغربية؛ حيث يستطيع البنك المركزي التحكم في رأس المال والعملات الغربية، ومنعها من الخروج من الدولة، ولا تعتبر العقوبات أمرًا جديدًا على روسيا؛ فهي تواجهه منذ 2014 ولديهم قدرة عالية على التكيف ومرونة في مواجهة الضغوط الاقتصادية. على سبيل المثال، استطاعوا توطين العديد من المنتجات التي كانوا يستوردونها قبل العقوبات، ولديهم خبرة واسعة في مواجهة العقوبات السابقة، كما أن روسيا لديها احتياطات بقيمة 600 مليار دولار التي قد تستخدمها أو بيعها أو بيع احتياطيات الذهب ومن ثم يصبح لديها عملة صعبة لشراء احتياجاتها. ومن جانب آخر، لا تخضع صناعة الأسلحة الروسية بأكملها للعقوبات، بل أجزاء كبيرة منها ولكن ليس كلها. ومن جانب آخر، فقد أكد المشاركون أن هناك بداية محاولات أمريكية وأوروبية لشق طريقهما في نظام عالمي متعدد الأقطاب، ربما انخفض نسبيًا تأثيرهم وقوتهم على مدار العقد الماضي، لكنهم بوجه عام لا يزالون أقوياء على الرغم من تراجعهم قليلًا، كذلك من المرجح أن يكون هناك عودة قوية للناتو، وهو ما نراه من خلال رد فعل ألمانيا القوي ضد روسيا على سبيل المثال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى