حرب الكلام بين الكبار

> أزمة أوكرانيا والتدخل الروسي بعمليات قتالية واسعة بهدف حماية الناطقين بالروسية وكذلك إجبار أوكرانيا على أن تكون دولة محايدة، أي لا تنتمي لمحاور عدائية لدولة بجوارها دخلت أخيرا حرب الكلام المتجاوز للأعراف السياسية والدبلوماسية.

أمريكا تهبط منذ ثلاثين عاما والانحدار سببه الغطرسة وسياسة القطب الوحيد الأوحد، ولأول مرة يخرج رئيس أمريكي ليصف رئيس دولة عظمى (الرئيس بوتين رئيس روسيا الاتحادية) بمجرم حرب، طبعًا هذا الاستخدام متهور ويخرج عن اللياقة المتعارف عليها بين الدول.

تناسى الأمريكي ما فعله أسلافه الأولون بإبادة شعوب العالم الجديد (أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية)، تناسى استخدام قنبلتين نوويتين ضد مدينتين في اليابان (نجازاكي وهيروشيما) دون سبب أو دواعي لذلك القصف البشع، تناسى أن ثلاثة رؤساء (جورج بوش الأب وجورج بوش الابن وأوباما) قد غزوا ودمروا 9 دول خلال 23 عامًا من حكم الثلاثة الرؤساء وقتلوا 11 مليون شخص من تلك البلدان.

الحرب الكلامية لم تقتصر من جانب الرئيس الأمريكي على روسيا، بل هدد السعودية وقال في تصريح ما يلي: سنجعل السعودية تدفع ثمن موقفها غاليًا وسنجعلها منبوذة وحيدة.

هذا الهذيان يؤشر على أفول نفوذ أمريكا وارتخاء قبضتها على المشهد الدولي من الآن وصاعداً.

الحرب الكلامية لها تبعاتها بلا شك وروسيا كدولة عظمى لن تقبل بمثل هذا الكلام الذي يؤشر لوصول أمريكا للانزلاق الخطير في صب الزيت على نار الأزمة الروسية الأوكرانية.

إن دول الخليج والسعودية أولها لن يسرها تصريح بايدن والأزمة الروسية الأوكرانية أعطتها مساحة جيدة ليكون لها قرار مستقل، وهذا أول تصرف صادم بوجه أمريكا التي كانت تأمر والخليج ينفذ ويطيع.

إن صب الزيت بالحرب الكلامية يؤجج اشتعال الأزمة ويدفع روسيا نحو التشدد، وتوسع نطاق الحرب والمطالب الروسية أكثر وأكثر.

هل يدرك ذوو الأمر في أمريكا ماذا يقولون وكيف يتصرف الرئيس الهرم ذي الذاكرة الضعيفة وربما اليد المرتعشة؟

الحرب الكلامية ستدخلنا دوليا في نفق جديد لخروج الأزمة خارج نطاق أوكرانيا، وفي هذا دمار شامل وفوضى عارمة.

نتمنى أن يكون الحرب بالكلام من باب التنفيس عن الضيق والاحتقان جراء الألم الذي تجرعوه من أزمة أوكرانيا على طريقة (طق الحنك) وتسجيل موقف ورفع العتب،

ولا نتمنى أن تكون هذه الحرب الكلامية على طريق الانفجار وفقًا للمثل القائل:

فإن الحرب أولها كلام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى