العيش الكريم بات صعب المنال... محاولات للتكيف مع الغلاء ينسفها قدوم رمضان

> الضالع «الأيام» محمد صالح حسن:

> موسم العبادة يتحول إلى عبء ثقيل والأسباب كثيرة

تعايش غير منطقي أظهره الشعب مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية على سبيل أنها لن تستمر وستعود الأسعار كما كانت وستستقر العملة المحلية أمام الأجنبية، وفي خضم ذلك يأتي شهر رمضان كصفعة يعي معها المواطن أن شيئًا لم يعد كما كان بل تسير الأسعار والظروف والخدمات في منحدر خطر نهايته تهشم الصورة البسيطة للعيش الكريم.

"الأيام" استطلعت شعور وخطط عدد من المواطنين والنشطاء لمواجهة الارتفاع المستمر في الأسعار وزيادة المتطلبات الأسرية بالتزامن مع قدوم شهر الصوم وخرجت بالآتي:

عبدالقوي محمد احمد الحماطي
عبدالقوي محمد احمد الحماطي
يحمل المواطن عبدالقوي الحماطي، التحالف العربي جزءًا من أسباب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وقال: "يأخذ المواد بالسفن إلى جده ليتم تفتيشها ومن ثم العودة إلى عدن بدلا من أن تفتش بجيبوتي وتنزل بعدن، لكن دبل المسافة من عدن إلى جدة ومن ثم العودة إلى عدن، وهذا سبب من جملة أسباب أسهمت جميعها في مضاعفة معاناتنا، إلى جانب غياب أجهزة الرقابة والمحاسبة والضبط، وضف على ذلك أن التجار المستوردين للمواد الأساسية المدعومة من قبل الدولة يستلموا الدولار من البنك بسعر أقل من سعر محلات الصرافة -التي أصبحت منتشرة أكثر من البقالات- وعند البيع يحسبونه بسعر الصرف في السوق".

وتحدث الحماطي عن كون أغلب المستورين إن لم يكونوا جميعهم "من الشمال وهناك الحوثيون يفرضون عليهم ضريبة أخرى غير التي تفرض على التجار في ميناء عدن، وطبعا الوكلاء يضيفونها على سعر السلع التي تباع في المحافظات الجنوبية أضعافًا لأن ليس هناك أي رقابة، وأجهزتنا الأمنية مشغولة بحماية النافذين والبلاطجة الباسطين على اراضي الدولة والمواطنين، وادخلونا في دوامة الأراضي لضمان التخزينة والصرفة وتوفير الأطقم".

وتابع: "مدراء الغرف التجارية بالمحافظات والمديريات طبعًا ينتظروا حقهم أو حصتهم من التجار وأيضا أصحاب مطابقة المواصفات والجودة لهم نصيب وكل شيء غير مطابق للمواصفات والجودة وكل مسؤول ايضا الشرعية اشغلته بشيء يريد توفيره لمحافظته لكي يحاول أن يخدم مواطنيها.. بعض القيادات يفرضوا على التجار نسبه من المبيعات والتجار يعطونهم نسبة ضعيفة جدا ويضاعفونها على المواطنين لأن معهم أعذارا".

وإضافة إلى جملة الأسباب التي تكاد لا تنتهي وتدفع بالبلاد إلى مستنقع الفقر، تأتي الحرب على أوكرانيا لتنهك ما بقي من طاقة لدى المغلوب على امره لتوفير ما يسد الرمق.

وفي مفارقة فاضحة للفساد والعبث، يقول الحماطي: "عندما ارتفع صرف الريال السعودي إلى 450 كان سعر الكيس البر 38 ألف ريال يمني، ومن غير المعقول أن سعر الصرف 326 أو حتى 330 والكيس البر بـ46 ألفا، هذا فساد غير طبيعي".

وتفرض العصابات المسيرة على القرار في كافة الخدمات بل القرارات، "ما يحصل لخدمة الكهرباء في المناطق المحررة مؤشر على وجود لوبي فساد مكون من عصابات وخير دليل على هذه العصابات وهذا اللوبي هو حينما عين محافظا جديدا للبنك أنزلوا الصرف السعودي إلى 180 دون أي وديعة دون أي شيء وهم يريدون منه يكون صوري إلى جانبهم ينفذ أجندتهم مشاريعهم وبعدها صعد إلى 350 وهبط إلى 320 و330"، أضاف الحماطي الذي استنكر أن يكون جزاء المناطق المحررة التي طردت الحوثيين هذا التنكيل والمعاناة.

ردفان عبدالله صالح الداعري
ردفان عبدالله صالح الداعري
المواطن ردفان عبد الله صالح الداعري يقول: "يأتي شهر رمضان المبارك هذا العام مع ارتفاع الأسعار المحلية والعالمية وهبوط العملة المحلية وانقطاع الرواتب على العسكريين الجنوبيين وغيرهم من القوى والفئات، هذا كابوس يؤرق المواطن، وعدم القدرة على تلبية احتياجات الشهر الكريم وانقطاع الكهرباء والوقود حمل ثقيل على الشعب الجنوبي في ظل حكومة الشرعية الفاسدة التي فتحت الأبواب لنهب مقدرات الشعب ومعاقبة الناس في حرب الخدمات، ومع ذلك سنقاوم هذه الأوضاع بصبر وحكمة وندعو الله عز وجل أن يرفع عنا هذا البلاء وندعو الجميع إلى التراحم فيما بينهم وتفقد الجيران المحتاجين خلال شهر رمضان المبارك".

من جهته، الناشط وضاح الخوبري، تساءل كيف يستقبل الموظف رمضان براتب يساوي كيس دقيق. وقال: "مع اقتراب شهر رمضان المبارك تسعى أغلب الأسر جاهدة لتلبية احتياجاتها ومتطلباتها المعيشية من الأسواق المحلية، وتواجه خلال ذلك الكثير من الصعوبات والضغوطات خاصة ذوي الدخل المحدود".
الناشط وضاح الخوبري
الناشط وضاح الخوبري


محمد أحمد أحد موظفي عام 2011م، يرى الأمر مختلف بالنسبة له: "عندما يقترب شهر رمضان تنهال الهموم التي تعكر صفوة حياتي كيف لا وراتبي الآن يساوي كيس دقيق" يقول محمد.

وأوضح: "عندما توظفت في عام 2011م كان رابتي يعادل 200 دولار بمقدار 43 ألف ريال، حينذاك كان قيمة الريال مقابل الدولار الواحد 215 ريالًا ومع اندلاع الحرب في 2015م تغير الحال، الآن وبعد ثمان سنوات تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد وانهارت العملية المحلية مقابل الدولار سته أضعاف ووصل سعر الدولار 1265 ريال وأصبح راتبي الآن 35 دولار، يعني قيمة كيس دقيق".

واختتم الموظف حديث لـ "الأيام" بمناشدة الحكومة إعادة النظر في مرتبات الموظفين ومنحهم المستحقات والعلاوات المتوقفة من 2014م وإلى الآن لم تصرف أو تضع لها معالجات بما يحقق العيش الكريم للموطن الذي لا يمتلك غير راتبه مصدر دخل رئيس.

الأمر يختلف من أسرة الى أخرى من حيث الهموم والمشاق التي يتكبدها أرباب الأسر بحثًا عن عمل يستطيع من خلاله توفير القوت الضروري لأسرته، والحال مختلف طبعا لمن ذاق مرارة النزوح والتهجير القسري من الديار.

أحمد عبدالله، فلاح يملك مزرعة قات يقتات من مردودها هو وأسرته، كان وضعه مستقرا إلى 2015م. يقول: "تم تهجيري من منزلي في منطقة بلاد الأحمدي قسرا تاركا خلفي منزلي ومزرعتي مصدر دخلي ورزق أولادي وأصبحت نازحًا في منطقة سناح شمال غرب مدينة الضالع أعمل بالأجر اليومي بشكل متقطع يوما وأياما بلا عمل وأبذل قصارى جهودي من أجل توفير القوت الضروري لأولادي إلا أن غلاء الأسعار قسم ظهري وأنهك قوتي".

ويضيف: "شهر رمضان على الأبواب والغلاء يأكل الأخضر واليابس ومتطلبات رمضان ضعف الشهور العادية وعلاوة على ذلك يأتي بعده عيد و يحتاج الأولاد كساء ملابس.. العيد الآن لمن أستطاع إليه سبيلا".

ويفرح بهلال رمضان السعداء أما من تجرع العلقم فتلهب شجونهه نار الحاجة وغلاء الأسعار، ولسان الحال يقول لو كان الفقر رجلا لقتلته.

وتحدث المواطن فؤاد المقرعي عن أهمية أن يتفقد الناس بعضهم، سيما وأن الكثير من الأسر لا تملك ما تأكله لكنها تفضل الجوع على مد اليد وسؤال الناس.
فؤاد المقرعي
فؤاد المقرعي


وبات يحز بالنفس أن أصبح رمضان عبئًا يستثقله القلب، وذلك بسبب الماديات التي تعكر صفو الشهر الفضيل وتقتل الروحانيات الخاصة به. فالنسبة لمن لا يتمكن من توفير كافة المتطلبات في الأيام العادية يأتي رمضان ليطيل قائمة الطلبات وتبقى المائدة الخالية ألم يسعى أرباب الأسر للتخفيف منه متحملين في ذلك شقاء وعناء وأشياء أخرى لا تحكى.

ذياب الحسني، ناشط مجتمعي في محافظ الضالع، يرى أن الواقع لا يحسد عليه أحد ولا أحد يطيق تحمل كل هذه الأعباء.
ذياب الحسني
ذياب الحسني


وقال: "نحن في مرحلة يتسيدها مروجو سياسية التجويع، يتفننون في تركيع الشعب من خلال حرب الخدمات وغيرها من المواد الأساسية التي صارت شبه معدومة لدى المواطن وخصوصا في المحافظات الجنوبية والمحررة ككل، يتجرعون كؤوس المعاناة بشتى انواعها، ويرقص الفسدة على أوتار معاناة المواطن الجنوبي الكادح وراء لقمة العيش، وأصبح المواطن المسكين يواجه تحديات صناع الفساد وناهبي ثروات البلاد".

وتابع: "أجزم بأن الوضع مزرٍ للغاية ليس لي أنا فقط وإنما العامة، فيجب علينا جميعاً كإعلاميين تكريس قصارى جهدنا في إظهار معاناة كاهل المواطن مع ارتفاع الأسعار في كل المواد الأساسية والسلع الغذائية، وانعدام الخدمات وغيرها، ونقل المعاناة المأساوية، للرأي العالمي".

ويطالب الحسني، القيادات السياسية والعسكرية أن تعي أن "الوضع لا يحتمل وبات من الضروري اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنقاذ الشعب المكافح شعب الجنوب الجبار".

وتحدث آخرون عن ضرائب تفرض على المواد الغذائية والأساسية وغيرها من البضائع الموردة إلى الضالع من خلال النقاط المنتشرة من عدن إلى الضالع، وهذا عامل لارتفاع الأسعار من خلال رفع السعر لأجل تعويض الخسارة، ويرى الكثير من المثقفين والمهتمين أن البنوك التجارية وغيرهم من تجار العملات كالمصارف المنتشرة لها دور في اختفاء العملة وارتفاع سعر العملات الأجنبية، التي تؤثر بدورها على السوق العام.

ويعلل الكثيرون ما يحدث بالتآمر على المناطق المحررة، معتبرين أن الغلاء وتدهور العملة مسيس لا علاقة له بضعف الموارد وإيقاف التصدير، وأنها حرب اقتصادية لا تقل ضراوة عن الجبهات القتالية التي أشعلت لإسقاط المناطق المحررة في الجنوب وإحلال الفوضى وتشويه صورة القوى المسيطرة في تلك المناطق.

هذا ويرد البعض ذلك إلى جشع التجار وداء الطمع الذي أصاب أنفسهم جعلهم يستغلون حاجة الناس، متخلين عن أسس الدين في البيع والشراء، لاهثين خلف الربح السريع، فشهر رمضان هو فرصة للتكسب ومغنم يرجى منه زيادة الدخل بدلا من اتخاذه فرصة للتوبة والإنفاق بغية أن تنكشف الغمة ويحل رضى الخالق على الخلق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى