غرس قيمة الاحترام عند الأطفال

> إن الواقع الاجتماعي الذي نعيشه اليوم في ظل الحرب والانقسام يؤكد لنا على أهمية تربية أبنائنا على الحب والاحترام وتقبل الآخرين، وغرس مبدأ (الوحدة في ظل التنوع والاختلاف) في قلوبهم النقية، فلا يوجد شخصان متشابهان في كل شيء، حتى أبناء الأسرة الواحدة تختلف أشكالهم وكذلك أصواتهم كما تتنوع شخصياتهم وأذواقهم، كما سيجدون بين أقرانهم من يختلف عنهم في اللغة والجنس والجنسية والتقاليد وتتباين خلفياتهم الثقافية ومعتقداتهم أو ممارساتهم الدينية وأيضاً تتعدد قدراتهم ومواهبهم وهم ينتمون لمناطق، بيوت، عائلات مختلفة.

يجب أن يتعلم الأطفال قيمة هذا الاختلاف وأن الفروقات هي أمر طبيعي وعادي، بل إنها نعمة قد حبانا بها الخالق عز وجل كي نتعارف ونكمل بعضنا البعض، وغالباً ما تبدأ عملية التعلم هذه بأسئلة يطرحها الأطفال حول الفروقات التي يلاحظون وجودها بينهم وبين الآخرين،: لماذا يختلف لون بشرة صديقي عن لون بشرتي؟ أو لماذا يجلس ذلك الشخص على كرسي بعجلات؟ وهذه الأسئلة إنما هي وسيلة للتعرف والتقرب من الآخرين وبناء الصداقات مع من يتمتعون بقدرات مختلفة أو ظروف متباينة، ويفهمون مع تقدمهم في السن أهمية تقدير وتثمين الاختلاف، وعليه فإن تعاملنا جميعاً مع الاختلافات بكل أنواعها بمرونة وتقبل وتسامح إنما هو مرآة تعكس نمط مستقبل أطفالنا.

فلنفكر ملياً في مدى تسامحنا مع وجهات نظر الآخرين، مدى احترامنا لحرية الضمير والمعتقد لدى الغير.

كيف نتحدث عمن يختلف عنا وكيف نصفهم؟

كيف نساعد الأطفال على الاهتمام بمشاعر الآخرين وأن يضعوا أنفسهم موضع صديقهم المختلف عنهم ورؤية التباين كميزة جديرة بالتقدير والاحتفاء.

ولتوضيح الصورة دعونا نرجع للمثل القائل: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" وهذا المبدأ كان منشأ للعديد من المشاكل في مجتمعنا وأهمها نظرة (أنا والغريب) والمثل القائل "أنا وأخويا على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب"، فأي تخلف يحمله هذا المعنى؟ وأي ولاء ينشر؟ ومن أي حادثة هو مستمد؟

فهل ابن العم عدو ثم يصبح صديقاً؟ وكيف أنا وأخوي على ابن عمي؟ هل إذا كان ابن عمي على حق أقف ضده؟

وكيف أقف معه ضد الغريب إن كان ابن عمي ظالمًا؟

تساؤلات محيرة تدفعنا للتفكير والتفحص ثم الاستفسار إن كان يقصد بالغريب الشخص المختلف عنا في الجنس، الجنسية، العِرق، الدين، الرأي والفكر، هنا يجب أن نعلم ونعلم أبناءنا أن هذا الغريب هو أخ وقريب ولكننا لم نتعرف عليه بعد.

باختصار نحن نعيش اليوم في القرن الأنوار، فلقد دخلت البشرية حقبة جديدة من تاريخها، ولن تستطيع مواكبة تطورات هذه المرحلة العظيمة من النضج الجماعي إلا بالاعتراف بأن الجنس البشري شعب واحد ذو مصير مشترك، لذا من يرى غيره بنظرة الغريب يجب عليه أن يراجع قِيَمه الأخلاقية ويُفرمتها ثم يُفَعِّلها من جديد، لأنها قيم قد عاف عليها الزمان، وقد كانت وما زالت لليوم السبب الرئيسي للصراع على مر التاريخ.

هذه النصيحة هي مسك الختام: "لا ينظر بعضكم إلى بعض كنظرة غريب إلى غريب، كلكم أثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد"، ودمتم سالمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى