المحسوبية تدمر البلد

> غالبية دول العالم تعتبر المحسوبية ممارسة مدمرة وضارة بالبلاد، وفي بعض الحالات حتى جريمة جنائية، أما في اليمن فهي جزء لا يتجزأ من الثقافة الوطنية ولا توجد منافسة مفتوحة عمليًا على الوظائف في اليمن، حيث تقوم الأكثرية في هرم الإدارات الحكومية بتدفئة الكراسي للأقارب، الذين سيتولون المناصب الجيدة بوجودهم ليساعدوهم في التجسس على بقية الموظفين وتغطية فسادهم، كما أن روابط الأقارب تعزز ولاء الموظف بحيث لا يضطر المسؤول إلى القلق بشأن منافس كفوء أن يصطاد منه كرسي المسؤولية.

أصبح الكثير في اليمن يعلم بعدم وجود نظام عادل لاختيار الموظفين وأن الترقية والتعين في الوظائف في مؤسسات الدولة غالباً لا تخضع للقوانين، وأن الفساد والمظاهر اليومية لمحاباة الأقارب قد اضرت باقتصاد البلد بشكل عام ومع ذلك هناك اصرار غبي على مواصلة هذا النهج المدمر ، الذي وفقًا لإحدى الدراسات ، يمكن أن يؤدي الفساد المقترن بالمحاباة إلى إزهاق الأرواح.

التقاليد والحداثة علنًا تتحدث عن وجود محسوبية الأقارب في المجتمع اليمني وعواقبه الخطيرة، التي تهدد الوضع الداخلي والخارجي للبلاد، حيث تمنع روابط المحسوبية تدفق القوى الجديدة إلى هياكل الدولة وتمثل عقبات كبيرة أمام تحول النظام السياسي والاقتصادي نحو التعافي، والمستمرة إلى يومنا هذا بسبب عدم مكافحة هذه الظاهرة وغياب التدابير التشريعية للقضاء على المحسوبية.

مفهوم التعين والترقية في وظائف اليمن يعيش حالة من التشوهات في الوعي العام بسب المحسوبية التي تنمو في حالة تصاعدية مرعبة، حيث يفقد أقارب المستفيد رغبتهم في تحسين احترافهم، بسبب وجود "سقف" يضمن الحصانة في حالة الفشل المهني، والمستويات الدنيا في الجهاز الإداري تفقد الحوافز لتحسين مستوى المؤهلات، لأن صفاتها المهنية لا تؤخذ في الاعتبار في النمو الوظيفي في ظروف المحسوبية.

الافتقار إلى المنافسة والاختيار الموضوعي للكفاءات والتعينات والترقيات في مؤسسات الدولة اليمنية في الوقت الحالي للأسف يقع خارج سياق القانون، كقاعدة عامة هي السبب في الفساد الشامل والرشوة والاختلاس وانحلال النظام الاجتماعي والاقتصادي بأكمله، ولاتزال معايير اختيار الموظفين لهياكل الإدارة العامة في أغلب الأحيان في اليمن ليس للأولوية المهنية والعلوم والشهادات المصحوبة بالخبرة والصفات الأخلاقية، وإنما بالعلاقات الشخصية ومحاباة الأقارب.

إن التباطؤ في تنفيذ الإصلاحات الوظيفية في مؤسسات الدولة ومحاربة المحسوبية في ظل أوضاع الاقتصاد المتأزم سيؤدي إلى عدد من المخاطر السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأولها زيادة في عدم الكفاءة المهنية وفائض البيروقراطية، وزيادة المشاكل والعزلة بين الموظفين والمسؤولين وبين الشعب والدولة التي يجب أن تكون الضامن الذي لا يتزعزع لتكافؤ فرص العمل لجميع المواطنين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى