لا غنى عن السعودية: من يعيد تأهيل من الرياض أم واشنطن

> دبي "الأيام" العرب

>
​سياسة التصعيد الأميركية مع بن سلمان أثبتت عدم جدواها
يتطلع العالم إلى المملكة العربية السعودية لزيادة إنتاج النفط مع ارتفاع أسعار الطاقة العالمية بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية وهو ما يعني أن على الولايات المتحدة أن تعيد التفكير في طريقة التعامل مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أو بمعنى أدق جدوى مقاطعتها الشخصية له.

وتعثرت علاقة الأمير محمد بن سلمان بالولايات المتحدة وخصوصا في زمن إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن بسبب سلسلة من القضايا أبرزها مقتل الكاتب السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول سنة 2018 وتدخل السعودية في حرب اليمن.

وأبقى بايدن على مسافة مع الأمير محمد بن سلمان، لكن قد يضع الآخرون الجدل وراءهم مع تزايد المخاوف الاقتصادية.

وخفّت حماسة أركان مهمين في الإدارة الأميركية لمواصلة العداء نحو ولي العهد السعودي وأثبتت سياسة التصعيد معه عدم جدواها خصوصا على وقع التغيرات الجارفة عالميا بعد اجتياح القوات الروسية لأوكرانيا.

ومع انتعاش خزائن المملكة بفضل ارتفاع أسعار النفط، يواجه ولي العهد ووالده العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز تحديا: هل تستطيع السعودية إعادة علاقتها مع الولايات المتحدة، التي طالما كانت الضامن الأمني  ​​للخليج العربي الأوسع؟

لكن التساؤل الأهم اليوم الذي يطرح في واشنطن: هل تميل المملكة أكثر نحو الصين، أكبر مشتر للنفط الخام الآن، أو نحو موسكو؟

ورغم ما بدا وكأنه خطوة في مصالحة إقليمية بعد تسوية بعض الملفات مع قطر، التقطت تركيا الخميس الماضي الإشارة الاستراتيجية الهامة عن وضع السعودية عالميا اليوم وبادرت لإنهاء دعوى قضائية جارية تتعلق بموت خاشقجي، وهي خطوة قد تخفف التوترات مع السعودية.

وكانت أشد الإشارات وضوحا لمن لديه الاهتمام أكثر في إعادة تأهيل الطرف المقابل أتت في مقابلة أجريت مع الأمير محمد بن سلمان الذي قال بصراحة ردا حول ما يريد أن يعرفه بايدن، “أنا لا أهتم”. وأضاف “الأمر متروك له للتفكير في مصالح أميركا”.

وربما لا توجد دولة أخرى في العالم تستفيد بسرعة من حرب أوكرانيا مثل المملكة العربية السعودية. وستجني السعودية مقابل كل زيادة قدرها 10 دولارات في سعر برميل النفط 40 مليار دولار إضافية سنويا، وفقا لمعهد التمويل الدولي.

ويعدّ هذا تحولا كبيرا في الأحداث بالنظر إلى أن أسعار النفط في أبريل 2020 انهارت في ذروة عمليات الإغلاق في جائحة فايروس كورونا. ويبلغ الآن سعر خام برنت القياسي 105 دولارات للبرميل، وهو مستوى لم نشهده منذ 2014.

وتساعد الأموال الإضافية في تنفيذ خطط الأمير محمد بن سلمان الذي يتعيّن عليه أيضا التعامل مع المشاكل في المملكة، لاسيما كيفية العثور على وظائف لعدد متزايد من الشباب العاطلين عن العمل.

وعُرف ولي العهد السعودي بسياساته الجريئة. وتتضمّن رؤيته للمملكة العربية السعودية تطوير مدينة مستقبلية أطلقت عليها تسمية نيوم في الصحراء على ضفة البحر الأحمر.

وبلغت نسبة البطالة في صفوف الشباب 32.7 في المئة بين الرجال و25.2 في المئة بين النساء أواخر العام الماضي، حسب الهيئة العامة للإحصاء في السعودية. وتأتي إعادة فتح دور السينما والسماح بالحفلات الموسيقية في المملكة، بينما ينظر المحافظون المتطرّفون إلى الموسيقى على أنها خطيئة.

وذكر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لمجلة ذا أتلانتيك في مقابلة أجريت معه مؤخرا “إذا كان هدفي هو خفض معدل البطالة، وأن بإمكان السياحة خلق مليون فرصة عمل في المملكة العربية السعودية.. هذا يعني أن عليّ أن أفعل ذلك. اختر خطيئة أقل من خطيئة أكبر”.

وعلى الصعيد الدولي، لا يحظى شيء باهتمام أكثر من مقتل خاشقجي، ونجح اللوبي الإيراني في الغرب في الضغط نحو الاهتمام بملف حرب اليمن.

ويبدو أن السعودية والإمارات نجحتا في لفت النظر إلى الخطر الذي يمثله الحوثيون في اليمن على المنشآت النفطية من الارتفاع القياسي لأسعار الوقود، بالإضافة إلى الاستهداف المستمر لخطوط النقل البحرية التي تمر عبر البحر الأحمر في طريقها إلى أوروبا. وقالت المملكة مرارا وتكرارا إنه لا يمكن تحميلها المسؤولية عن قفزات أسعار الطاقة الناجمة عن هجمات الحوثيين على منشآتها النفطية. وهذا ما يزيد الضغط على بايدن، الذي سحبت إدارته الدفاعات الجوية الأميركية من السعودية العام الماضي.

وفي غضون ذلك، تحافظ المملكة العربية السعودية على علاقاتها الخاصة مع روسيا. كما ورد أن المملكة تفكّر مرة أخرى في بيع بعض النفط الخام باليوان الصيني إلى بكين، بدلا من الدولار الأميركي.

وكتب فيصل عباس، رئيس تحرير صحيفة عرب نيوز اليومية السعودية الصادرة باللغة الإنجليزية، أن المملكة في حاجة إلى “كل الدعم الذي يمكنها الحصول عليه” ضد الحوثيين. وأضاف “لا يمكن، ولا يجب، ترك المملكة بمفردها لحماية إمدادات الطاقة العالمية في وقت يتضرر فيه العالم بأسره بالإجماع من ارتفاع الأسعار”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى