الهدنة تشهد خروقات مستمرة وتحضيرات لفك الحصار عن الحوثيين

> الرياض«الأيام» متابعات

>
  • الحوثيين أكبر الرابحين من الهدنة والشرعية أكبر الخاسرين
  • الهدنة ستسمح للحوثيين التقاط أنفاسهم والحشد لمعارك قادمة
  • الهدنة ستستمر شهرين وسيؤول مصيرها إلى نفس مصير الهدن السابقة
  • وزير الخارجية يلوح بانهيار الهدنة
> تبادلت الحكومة اليمنية والمتمردون الحوثيون اتهامات بخرق الهدنة في اليمن، وذلك للمرة الأولى منذ بدء سريان وقف إطلاق النار الذي من المفترض أن يستمر لشهرين.

وبدت جبهات القتال الرئيسة هادئة منذ بدء سريان الهدنة، لكنّ وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك تحدّث أمس الثلاثاء عن "خروقات" ملوحًا بانهيار الهدنة.

وكتب في تغريدة باللغة الإنكليزية على تويتر "لقيت الهدنة ترحيبًا كبيرًا لكنّها مهددة بخروقات الحوثيين، ومن بينها الانتشار العسكري وحشد القوات والمركبات وهجمات بالمدفعية والطائرات المسيرة"، من دون تفاصيل إضافية حول أماكن هذه الهجمات.

وأضاف وزير الخارجية اليمني: "هذا يتطلب من المجتمع الدولي الحفاظ على ما تم تحقيقه".

وشهد الإعلان الأممي عن مبادرة وقف إطلاق النار ترحيبًا إقليميًا ودوليًا واسعًا بعد أن رحبت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والحوثيون والحكومة السعودية والإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي بالخطوة واعتبروها انفراجة في المسار السياسي للأزمة اليمنية.. بالمقابل أعلن الجيش اليمني أمس حدوث أكثر من 80 خرقا للهدنة على الجبهات من قبل قوات الحوثيين.

وتترافق الخروقات الحوثية مع تحضيرات متسارعة لتنفيذ بقية بنود المبادرة التي رعتها الأمم المتحدة والتي تنص على السماح بدخول سفن المشتقات النفطية وتشغيل رحلات مباشرة من مطار صنعاء الدولي إلى الأردن ومصر، إضافة إلى استكمال عملية تبادل الأسرى والمعتقلين بين الحكومة اليمنية والحوثيين.

ويشكك مراقبون يمنيون في جدية الحوثيين في الانخراط في حوار سياسي جاد يفضي إلى وضع حد للحرب اليمنية، مستشهدين بتاريخ الجماعة الطويل في عدم الالتزام بالاتفاقيات والاستفادة منها في تحقيق أهداف عسكرية وسياسية من بينها تخفيف الضغوط الشعبية والدولية عن الجماعة نتيجة تفاقم الوضع المعيشي والاقتصادي في مناطق الانقلاب.

ويقول المحلل السياسي اليمني، أكرم الحاج، إن الهدنة الأممية الحالية والتي تسري منذ أيام قليلة وإن شابتها بعض الخروقات في أماكن متفرقة ببعض الجبهات، إلا أنها لا تختلف كثيرا عن التهدئات السابقة والتي انتهى بها الحال إلى الفشل.

تجارب سابقة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "تم اختراق كل التهدئات السابقة الواحدة تلو الأخرى، وكل من يراهن على تلك الهدنة يرى أنها مضمونة من السعودية وأنها تتزامن مع احتضان الرياض للقاء التشاوري (اليمني - اليمني)، وهي التي أتت بهم من الخارج ولم تشارك فيها "أنصار الله".

وقال الحاج: "المبعوث الأممي استغل الوضع الراهن بعد دعوة صنعاء لهدنة من جانب واحد ودعوة الرياض لهدنة خلال شهر رمضان، فتبنى المبعوث الأممي تلك الأفكار ليعلن عن هدنة لمدة شهرين في اليمن".

وتابع: "لكن في اعتقادي أن تلك الهدنة لم تبنَ على أساس متين، فليست هناك أي ضمانات أو ملامح واضحة وآلية تنفيذ ما جاء في بنودها، لذا أرى أن تلك الهدنة ما هي إلا تحصيل حاصل جاءت في وقت كانت كل الأطراف في حاجة إليها، لكنها لم تبنَ على أسس وقواعد متينة تمكنها من الاستمرار، وتكون مخرجاتها موجودة مستقبلا على أرض الواقع".

وأشار المحلل السياسي إلى أن المبعوث الأممي الجديد لليمن هانس جروندبرغ، في كل ما يقوم به كأنه يسير على نفس الخطى التي سار عليها من سبقوه، فقد عمل على جمع مبادرتي التهدئة اللتين أطلقتا من صنعاء والرياض وأطلق مبادرته من أجل حفظ ماء الوجه، وفي الوقت الذي تزامن فيه إطلاق الهدنة يبدو أن كل الأطراف كانت في احتياج لها في هذا الوقت، لذا لم نسمع عن تحفظ أو رفض للهدنة من أي من الأطراف.

وتابع: "إن كانت نقاط المبادرة منطقية من حيث فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة وغيرها، قد تكون تلك النقاط مؤشر للوصول إلى تسوية فيما بعد، لكن من الصعب أن يتم تنفيذ ذلك خلال شهرين وهما مدة الهدنة فهذا الحديث فيه مبالغة".

مكاسب "أنصار الله"
من جانبه يرى رئيس مركز جهود للدراسات باليمن عبد الستار الشميري، أن الهدنة الأممية في اليمن قد تمتد لشهر أو شهرين، حيث أن الحوثيين "أنصار الله"، اكتسبت ورقة كبيرة جدًا جراء هذه الهدنة، وسوف يكونون حريصين جدًا على استمرار الهدنة من أجل استكمال إدخال ناقلات النفط وانتظام بعض الرحلات اليمنية من مطار صنعاء، حيث هبط الطيران بالفعل في مطار صنعاء، كما بدأت السفن النفطية بالدخول إلى ميناء الحديدة.

وأضاف: "هذه الهدنة تكاد تكون مكاسبها لصالح طرف واحد هو "أنصار الله"، أما طرف الشرعية فليس مستفيدًا بشيء من تلك الهدنة، لذا يحاول "الحوثيون" تهدئة أو منع عملية إطلاق أي صواريخ أو طائرات مسيرة باتجاه السعودية والإمارات أو حتى على الشرعية، فهم يستغلون الهدنة لترتيب أوضاعهم وهم بحاجة إلى شيء من التعافي المالي، لذلك سيكتب لها النجاح.

وتابع الشميري، سوف يكتب النجاح لتلك الهدنة في الفترة الزمنية المحددة، لكن لا يعني ذلك أنها سوف تستمر طويلًا، لأن "الحوثيين" عندما يشعرون بالتعافي سيبدؤون بالتصعيد لانتزاع ورقة جديدة، على ما يبدو أننا في جولات الشرعية فيها أضعف، تعطي كثيرًا ولا تأخذ شيئا بالمقابل، وربما هذا هو إفراز لواقع المعركة.

وفي تصريح لصحيفة "العرب" يتعلق برؤيته لمصير الهدنة، قال الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر إن "الهدنة مازالت حتى الآن من جانب واحد، وعلى المستوى الإعلامي، بالرغم من أن الحوثيين هم من طالبوا بها".

وأشار الطاهر إلى أن الميليشيات الحوثية وظفت أحدث الأسلحة والعربات المصفحة التي نهبتها من الحرس الجمهوري، وزجّت بها في جبهات مأرب التي تتعرض لهجوم عنيف من قبل جماعة الحوثي على كافة الجبهات الشمالية والجنوبية والغربية دون توقف.

وتابع "الحوثيون حتى الآن ارتكبوا أكثر من 80 خرقًا للهدنة الأممية، فقط في محافظة تعز، وتلك الهجمات أكثر من الهجمات المعتادة اليومية قبل إعلان الهدنة، وهو ما يشير إلى أن الحوثيين يعدون لجولة كبيرة من الحرب ضد الشعب اليمني، أو ربما فهموا الهدنة بطريقة خاطئة، على اعتبار أنها بين السعودية والحوثيين، كما تتحدث وسائل الإعلام الحوثية لأنصارها".

وحول إمكانية صمود الهدنة أضاف الطاهر "أعتقد أن الحكومة اليمنية ستلتزم بها، وستكتفي بالدفاع عنها، لكن الحوثيين سيستغلونها في عملية التحشيد، لاسيما وأن الهدنة تأتي بالتزامن مع حملة حوثية أطلقوا عليها اسم: إعصار اليمن للتحشيد".

وتابع الطاهر "لم يكن الحوثي ليقبل بتلك الهدنة لولا الاستنزاف الكبير الذي تعرض له من قبل ألوية العمالقة الجنوبية في شبوة وحريب مأرب والقوات المشتركة في تعز والجبهة الجنوبية في الحديدة، ولولا الرفض المجتمعي الواسع للحوثي. لكنه طالب بهذه الهدنة لإعادة استراتيجية التحشيد والتعبئة العامة بهدف إسقاط مأرب".

وعن التحديات التي تواجه وقف إطلاق النار قال الطاهر "هناك تحديات كبيرة لصمود هذه الهدنة، منها التزام الحوثي بمخرجاتها، وتسليم رواتب الموظفين من خلال عائدات مطار صنعاء الدولي وكذلك ميناء الحديدة وفقًا لاتفاق ستوكهولم والهدنة الأممية الأخيرة، وحتى الآن لم ينخرط الحوثيون في البدء العملي للهدنة من أجل تخفيف المعاناة عن المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، ولم يرفعوا الحصار عن تعز، ولم يبدأوا بإجراءات على الأقل تؤكد أنهم ملتزمون بالهدنة".

وفي موسكو يرى خبير المجلس الروسي للشؤون الدولية، كيريل سيميونوف، أن الهدنة الحالية بين الحوثيين باليمن والتحالف العربي بقيادة السعودية، لا يمكن وصفها بالقوية.

وقال كيريل سيميونوف، لـ صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية: "في الجبهة، الوضع ليس في مصلحة التحالف. فعلى الرغم من الإنفاق العسكري الهائل، لم تتمكن السعودية من منع الحوثيين من مهاجمة بنيتها التحتية، بما في ذلك النفطية. حاول التحالف قلب مجرى الحرب، لكن تقدمهم كان ضئيلًا. سيكون إدخال المملكة العربية السعودية قواتها على نطاق واسع إلى اليمن محفوفًا بمشاكل كبيرة. حاولت الرياض عمومًا القتال بأيد غريبة. لكن القوات السودانية والإماراتية غادرت اليمن مؤخرًا".

ويرى سيمونوف أن الهدنة الحالية لا يمكن وصفها بالقوية. فهناك كثير من التفاصيل التي ينبغي الاتفاق عليها والتي ينظر إليها طرفا النزاع بشكل مختلف. ومع ذلك فالصراع اليمني سوف يُجمّد، إذا لم يتم حله. ويحدث هذا على خلفية التغييرات في السياسة الأمريكية في المنطقة.

وأضاف سيمونوف أن "واشنطن تنسحب بشكل متعمد وتدريجي من الشرق الأوسط، الأمر الذي، بالمناسبة، لا يعجب حلفاءها العرب".

أما مدير صندوق فرانكلين روزفلت لدراسة الولايات المتحدة في جامعة موسكو الحكومية، يوري روغوليف، فيرى أن "عدد النزاعات في العالم آخذ في الازدياد، والوضع يتغير في الشرق الأوسط، ويشعر به المشاركون في الصراع يقع العالم على مفترق طرق، وفيما يتعلق باليمن، غيّرت الولايات المتحدة مواقفها باستمرار، الأمر الذي أثار استياء المشاركين في الصراع، ومن المستبعد أن تكون واشنطن قد لعبت دورًا حاسمًا في تحقيق الهدنة".

وكتب دانيلا مويسييف، في صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، حول الهدنة في اليمن ومصيرها، وجاء في المقال: اتفق التحالف العربي والحوثيون، الذين يقاتلون منذ العام 2014، على هدنة لمدة شهرين. وقد رحبت الأمم المتحدة والبيت الأبيض بالقرار، وبالنسبة للبيت الأبيض، فإن هدنة، أو حتى إنهاء الصراع، الذي يفسد العلاقات بين الغرب والمملكة العربية السعودية، يمكن أن يكون مفيدًا لضمان أمن الطاقة، على أمل أن يحل نفط شبه الجزيرة العربية محل الهيدروكربونات الروسية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى