سبب اختلاف المراتب

> لماذا لا توجد مساواة بين البشر؟ منهم أصحّاء ومنهم مرضى، منهم من يعيش طويلاً وآخرون يموتون باكراً، أغنياء وفقراء، جميلون وبشعون، أذكياء وبسطاء وأسئلة لا تنتهي.

هناك من يقول لو كنت مكان الله لخلقت العالم بشكل مختلف وجعلته أكثر عدلاً، إذ يَنشَدّ الإنسان منذ طفولته نحو المساواة بغيرِه ويرفض ألّا يتساوى بالآخرين. فعندما نهدي جَميع الأولاد الصغار هدايا، أوّل ما نُراعيه هو المساواة بين الهدايا حجماً وقيمة خوفاً من أن يشعر أحدهم بالظلم. عندما نُوزّع الحلوى عليهم نسعى بكلّ جهد أن تكون الحصص متساوية إما حجماً أو عدداً لئلّا يعترض أحدهم ويزعل.

يتربّى الإنسان على مفهوم المساواة ويخلطه بمفهوم العدالة فيصبح في فكره أن العدالة مساواة. فبالنّسبة للأولاد يعتبرون العدالة مساواة أمّا بالنسبة للأهل فالوضع مختلف لأنّ لديهم مُعطيات مختلفة.

فهُم يعطون وقتاً أكثر للمريض بين الأولاد، ويُلبسون من يشعر بالبرد ملابس أثقل، ويُطعمون الضعيف أكثر من اخوه السمين، ويُعطون المحتاج مالاً اكثر. إن للأهل مُعطيات مختلفة تجعلهم يراعون الحاجة أكثر من المساواة وهذا ما يخلق أحياناً عدم فهم أو امتعاض واعتراض عند الأولاد الذين لا يعرفون مُعطيات الأهل.

فكذلك هو الحال مع الله. فنحن البشر لا نملك معطيات الله الذي يعرف كلّ شيء ويتعاطى مع كلّ إنسان انطلاقًا من معرفته المُطلقة وحاجة كلّ إنسان.

يقال إن سيدنا موسى دعا ربه بإلحاح وقال: لما لا تجعل جميع الناس أغنياء؟ يا رب اغنِ الجميع، فاستجاب الله دعاءه، فاستغنوا الجميع، وفي نفس الليلة هبت عاصفة شديدة ورياح قوية دمرت منزل موسى وهدمته بالكامل، فهرع في عتمة الليل ليطلب مساعدة جاره البناء ولكنه تفاجأ بأن البناء رفض الخروج من منزله لأنه أصبح غنيا، وبنفس المنوال رفض كل من النجار والحداد والعامل والحمال الخروج من منازلهم والقيام بعملهم وتنفيذ مهمتهم، وذلك نظرا لاستغنائهم، فحزن سيدنا موسى كثيرا وعجز عن تعمير منزله، فوصله خطاب ربه تعالى: يا موسى إن الحكمة الإلهية تقتضي بوجود المراتب والمقامات كالفقر والغنى، الحاكم والمحكوم، وإلا سيتلاشى نظم العالم وسيزول ترتيب الأمم.

إن الله عادل وعدله يقتضي وجود المراتب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى