مع جنون الأسعار.. العالم الإسلامي في رمضان: نهار الشهر وليله سواء

> في كل مساء من شهر رمضان الحالي، تقوم عائلات لبنانية بطبخ وجبة الإفطار بمواد من سلة المنتجات الغذائية التي ارتفعت 400 في المئة منذ رمضان الماضي. بالنسبة لعائلات كثيرة، لن يكون هذا حدثاً احتفالياً، بل حدثاً يتعلق بالبقاء. بدأ شهر رمضان في أرجاء العالم الإسلامي على خلفية تضخم يسود العالم جراء كورونا والحرب المستمرة في أوكرانيا، التي تتسبب باستمرار ارتفاع أسعار الطعام.

بعد مرور سنتين على القيود التي فرضت على الاجتماعات والصلوات بسبب كورونا، ففي هذه السنة بالتحديد، حيث رفعت القيود في أرجاء العالم الإسلامي وكانت العائلات تأمل العودة إلى روتين الحياة، ثمة تحديات أخرى، فمسلمون في أرجاء العالم سيقضون هذا الشهر في ظل ارتفاع أسعار الغذاء والوقود وسلع أخرى، حيث ترتفع فيه سلع أساسية مختلفة.

الاستهلاك الزائد في الشهر المقدس، الذي يميز هذه الفترة ويتم تعزيز هذه الزيادة عن طريق هدايا العيد من أماكن العمل في العالم الإسلامي، يتوقع أن يستمر في رفع الأسعار. الصدقات التي تعطى للفقراء وهي إحدى عادات هذا الشهر، لم تغلق الفجوة الكبيرة في ميزانية العائلات، التي تواجهه مثلها عائلات في الدول الأوروبية على خلفية ارتفاع أسعار السلع. عملياً، حملات منظمات الإغاثة الإسلامية التي تحارب الجوع في فترة شهر رمضان، تجري الآن في بريطانيا أيضاً، حيث نسبة الفقر في أوساط العائلات المسلمة أعلى مما هي في باقي السكان.

حسب منظمة الإغاثة الإسلامية، فإن 50 في المئة من العائلات المسلمة في بريطانيا ستجد صعوبة في شراء ما يكفي من الغذاء في شهر رمضان إزاء مشهد ارتفاع مستوى المعيشة في الدولة، مقابل 18 في المئة من باقي الجمهور. وفي إندونيسيا، وهي إحدى الدول الأكثر اكتظاظاً في العالم والتي فيها أغلبية مسلمة، ارتفع التضخم بشكل معتدل نسبياً ووصل إلى 2.5 في المئة في شباط بحساب سنوي. ولكن يتوقع أن يرتفع بدرجة كبيرة في شهر رمضان، إزاء ارتفاع أسعار الوقود وضريبة القيمة المضافة في الدولة في الوقت الحالي.

السلع الأساسية التي تغذي منحى ارتفاع الأسعار هي الفلفل الأحمر الحار وزيت الطبخ، إلى جانب الذهب والمجوهرات. في حين أن الأول يتأثر من موسم شتاء ماطر جداً أثر في المحاصيل، فإن زيت النخيل المحلي ارتفع بدرجة كبيرة منذ غزو روسيا لأوكرانيا، وهي حرب بين شركتين رائدتين في زراعة البذور من أجل زيت الطبخ.

مصر في حالة دوار

وسائل الإعلام العالمية وصفت هذا الشهر بالحزين في لبنان جراء الأزمة الاقتصادية الشديدة التي تسيطر على الدولة منذ فترة طويلة. “أتذكر الأيام التي كانوا يشترون فيها الزينة ويستضيفون الأخوة على وجبة الإفطار كل مساء”، قالت رندا موشين لقناة “دوتشا”، وهي ممرضة وأم لأربعة أولاد. “في هذه السنة، لا نستطيع دفع ثمن وجبة إفطار لأنفسنا”، أضافت. تعيش عائلتها بثمانين دولاراً في الشهر. لذلك، أي نوع من الطبخ الاحتفالي سيكون خارج المجال هذه السنة. ولا يمكن الحديث عن الاستجمام في ليالي رمضان.

مؤشر الأسعار للمستهلك في لبنان أكمل ارتفاعاً سنوياً وصل إلى 214 في المئة في شباط، الذي ارتفع، ضمن أمور أخرى، في أعقاب ارتفاع أسعار الغذاء 396 في المئة. رحلات التنزه أو السفر هي بشكل عام خارج المجال، بعد ارتفاع تكلفة المواصلات 50 في المئة في السنة الماضية.

وفي مصر، الدولة الأكثر استيراداً للقمح في العالم، سيكون الطبخ واستضافة العائلة غالياً جداً. الأيام العادية في دولة تشتري معظم الحبوب من روسيا وأوكرانيا وتعتمد عليهما لصالح برنامج لتمويل الخبز الذي يطعم عشرات ملايين الأشخاص، يبدو أن ارتفاع أسعار القمح في بداية الحرب أصاب مصر بالدوار.

حظرت مصر تصدير السلع الأساسية مثل القمح والعدس، لثلاثة أشهر. إضافة إلى ذلك، رفعت الفائدة بمئة نقطة على قاعدة أساس 10.2 في المئة، وخفضت سعر العملة. وفي العراق والمغرب والصومال يتحدثون عن مشاعر الجمهور القاسية عند بداية الشهر إزاء ارتفاع أسعار الغذاء والوقود. “سيكون رمضان في هذه السنة مختلفاً. أسعار الغذاء والوقود أصبحت هستيرية”، قالت عدلة نور، وهي من سكان مقديشو في الصومال، في موقع أخبار محلي. أما اليمن، فوضعه أكثر خطورة قبل الارتفاع الحالي في أسعار الغذاء، إزاء الحرب ضد المتمردين الحوثيين التي هي مستمرة منذ سبع سنوات.

أشخاص في صنعاء قالوا لوكالة “رويترز” بأن سعر السكر والطحين ارتفع 40 في المئة في الشهر الماضي مقابل انخفاض سعر العملة 20 في المئة مقابل الدولار منذ كانون الثاني.

الاقتصاد ينهار

في أفغانستان يبدو الوضع أسوأ من ذلك. الاقتصاد ينهار منذ تولت طالبان السلطة في آب، ورمضان يضيف جوعاً إلى الجوع المشين السائد في الدولة. نساء كثيرات اضطررن إلى ترك العمل من صعود المنظمة المتطرفة للحكم. حسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن 24.4 مليون شخص في أفغانستان، أكثر من نصف سكان الدولة، يحتاجون للمساعدات الإنسانية، وأن 95 في المئة من سكان الدولة لا يأكلون الكمية الكافية من الطعام.

في حين أن سلطة طالبان عادت وقالت إنها ستوفر مساعدة للفقراء في شهر رمضان، فإن إمكانية مناورة هذه الدولة التي تعاني من العقوبات تبقى مناورة محدودة إزاء غياب الاعتراف الدولي بها. “الناس أصبحوا يبيعون أولادهم وأعضاءهم لإطعام العائلة”، قال سكرتير عام الأمم المتحدة، انطونيو كوتيرش. “اقتصاد أفغانستان انهار بشكل كامل”.
كيم لغزيال.. هآرتس/ ذي ماركر

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى