الانتقام السياسي وتأثيره على الاستقرار المالي

> يرتبط استقرار العملة لأي بلد بالجانب الاقتصادي من حيث التصدير والاستيراد وغيرها من المؤثرات الاقتصادية، فبقدر موارد البلد وما تضخه من عائدات إلى البنك المركزي يتحسن الوضع الاقتصادي وتستقر أسعار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية الأخرى، هذا ما التمسته في بلدي الثاني جمهورية الهند أثناء فترة دراستي، حيث دخلت الهند في بداية العام 2013 وكان الدولار يقابل 63 روبية وعدت في العام 2021 وسعر الدولار يتراوح بين 67 _72 روبية، خلال هذه الفترة الطويلة زيادة طفيفة في سعر الدولار مقابل الروبية الهندية ،وبالمقابل زيادة بسيطة في أسعار المشتقات النفطية، وما حصل يوماً ما أن واجهنا هناك أزمة في المشتقات النفطية أو طوابير في المحطات وبيع بالسوق السوداء بالشوارع، على الرغم من أغلب المشتقات النفطية مستوردة من الخارج.

مدى استقرار العملة مؤشر على الاستقرار الاقتصادي، ولكن للأسف في بلدنا أصبح الانتقام السياسي سيد الموقف..

بين لحظة وأخرى يصعد ويهبط الصرف، وهذا ما يؤكد سياسة التجويع ضد الشعب من قبل عصابة استحوذت على مدخرات الوطن، حيث اتضح الأمر جلياً بالتحسن الملحوظ في سعر العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية بعد مشاورات الرياض مباشرة والذي نتج عنها تشكيل المجلس الرئاسي.

فبمجرد تسريبات من هنا أو هناك بأن وديعة ستُسلم للبنك المركزي في عدن يتعافى الريال اليمني بشكل كبير أمام العملات الأجنبية، وهذا ما عمل به محافظ البنك المعين مؤخراً من تسريبات عن هذه الوديعة، حيث كان له الدور الأكبر بتراجع الريال السعودي في الأشهر الأخيرة من 450 إلى 300 أمام العملة المحلية.

اتضح جلياً لعامة الشعب أن هناك ثمة عصابة تتلاعب بأسعار العملات وما هذا الصعود والهبوط في أسعار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية بعيداً عن أي إصلاحات اقتصادية إلا خير شاهد بأن هناك سياسة ممنهجة لتجويع الشعب خصوصاً في الجنوب حتى يتنازل عن أهدافه وتطلعاته المنشودة، وخير شاهد على ذلك، الإجراء الذي اتخذه المجلس الانتقالي في الأشهر السابقة على محلات الصرفة في تثبيت سعر الصرف حيث أثارت حفيظة ما تسمى بالحكومة الشرعية وعصابتها الإجرامية على حد سواء، حيث سعت كل هذه القوى في إفشال الإجراء بزيادة تدهور العملة المحلية أمام العملات الأجنبية حيث وصل سعر الريال السعودي إلى 450 ريالا يمنيا، لا يهم هذه العصابة معاناة الشعب وظروفه المادية بقدر ما يريدون إظهار المجلس الانتقالي بموقف أضعف أمام الشعب الذي فوضه.

أما فيما يخص الوديعة المالية التي تعزم دول التحالف دعم الاقتصاد اليمني بها سوف يكون مصيرها كمصير الودائع السابقة التي لم تُستثمر في دعم مشاريع تنموية واستثمارية تعود بالنفع الدائم للاقتصاد اليمني بل استغلت الجزء الأكبر منه الأطراف المتنفذة في الحكومة لمصالحها الشخصية والجزء المتبقي منها سُخر في دفع مرتبات القطاع المدني والعسكري، هذا الأمر ذكرني بقصة الرجل الذي حرّر عبداً من أحدى مشايخ الشمال ودفع للعبد مبالغ مالية حتى يضمن عدم عودة هذا العبد للشيخ، ولكن العبد لم يستغل المبلغ المالي الاستقلال الأمثل بفتح مشروع يعود عليه بالنفع بل استمر في صرف النقود حتى استهلكها، وبعد سنة رجع الرجل الذي حرّر العبد يبحث عن جديد هذا العبد ولكن للأسف وجده قد عاد مرة أخرى إلى الشيخ، مشكلة هذا العبد بأنه غير مقتنع بأن يتحرر من العبودية، وهكذا حال حكومتنا الموقرة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى