البنك المركزي والقفز في الهواء

> أثارت تصريحات الوزير اللبناني الشامي حول إفلاس الدولة اللبنانية وبنكها المركزي زوبعة كبيرة على مستوى الشارع العربي عامة والشارع اليمني تحديدًا، وذلك بسبب ما يمثله واقع لبنان الاقتصادي والمالي من أوجه التشابه الكبير مع واقعنا الاقتصادي والمالي والمعيشي السلبي والمؤلم.

لعل "التشوهات العميقة" لهذه القواسم المشتركة، بيننا ولبنان، "تبرز جليا" في الآتي: ركود اقتصادي، بطالة عالية، تضخم اسعار تراكمي ومستدام، تدهور في سعر صرف العملة الوطنية، قطاع مصرفي مشلول فقد مصداقيته وامتنع عن الوفاء بحقوق ومصالح عملائه ادت الى اكبر الخسائر للمودعين والمدخرين والمستثمرين.. إلخ.. "واقتصاد ظل" يتحكم في مقاليد التجارة والصرافة.

- ولكن، وللحق فإن هناك " تباعد يتيم في الشبه " بين قيادات البنكين المركزي في لبنان واليمن ، "يظهر" بوضوح فريد في مجال "إدارة الأمور والسياسات المالية والنقدية" في كلا البلدين الشقيقين.

- فبرغم ما يشوب قيادة بنك لبنان (المركزي) من شائب من إشاعات وادعات تقال وتكتب عنها (ليس لنا علاقة بها)، إلا أنه من الواضح أن هذه "القيادة" مازالت ممسكة "بزمام الأمور المالية والنقدية عامة و "المصرفية " تحديدًا برغم ما تعانيه الدولة اللبنانية من عجوزات وقصور في كافة الأصعدة الاقتصادية والمالية وفي ظل ظروف سياسية عاصفة. ميزة هذه القيادة هي أنها " لا تألو جهدا وتسعى حثيثا في صناعة وخلق ووضع "مبادرات ومقترحات وتوصيات" تحرك ساكن الوضع على الساحة المالية والنقدية وبقوة في القطاع المصرفي في محاولة لحلحلة حال المصارف وتخفيف حجم حدة ودرجة الضرر الذي أصاب عملاء البنوك عامة والمودعين والمدخرين على وجه الخصوص من اندلاع الأزمة في خريف 2019م.

- وعلى الجانب اليمني فإننا لا نلمس ولا نستشعر أي تحركات أو محاولات.

من قيادة المركزي اليمني (الجديدة) تأخذ بعين الاعتبار والجدية ما تعانيه المصارف من إعاقة وشلل في جوهر أعمالها البنكية ومقدار وعمق ما خسره عملاء وزبائن هذه البنوك بشرائحهم المختلفة، خاصة تدهور القوة الشرائية لأموالهم المودعة بالقطاع البنكي.

- وبدلا من ذلك تقوم هذه القيادة وكسابقاتها، وبدرجة رئيسية ومجددا بالانشغال بمزاولة وركوب مرجوحة سعر الصرف وهو مجال خارج عن نطاق خبرتها العملية والتطبيقية وفهمها الذهني واستيعابها الفني.

- وقامت هذه القيادة في مارس الماضي بإصدار قرارات "عقيمة" لا تمس الواقع الراهن للقطاع المصرفي، خاصة وأن سلطة البنك المركزي اليمني - عدن لا تنطبق إلا على "بنك واحد" لا غير. أما بقية الـ 15 بنكا (تجارية واسلاميا) ومقراهم الرئيسية فيتبعون السلطات المالية والنقدية في صنعاء.

- كان من الاجدى بدلا عن ذلك أن تأتي من المركزي وعبر مساهمته، حلول ومخارج آمنه ومقبولة ،حتى متواضعة في حجمها، تضع حدا لمعانات ومآسي هذا القطاع المهم وكذا عملاء البنوك.

- هذه القيادة "تقفز في الهواء" في محاولة يائسة للفت النظر اليها ولتواجدها والعبرة في النهاية.

أخر الكلام: كقاعدة معترف بها فإن الدول والبنوك المركزية لا " تفلس" بل "تتعثر" ، طوعا أو كرها، في دفع/ الوفاء بالتزاماتها عند آجالها/ الاستحقاق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى