​دوحة القران

> سورة العلق

آياتُها الخمسُ الأولى أَوَّلُ ما نزلَ من القرآن على النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكان ذلك في غارِ حِراء.

1 - 5 - قولُه تعالى: ((اقْرَا بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ *خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ *اقْرَا وَرَبُّكَ الأَكَرَمُ *الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ *عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)): يأمرُ ربُّنا تباركَ وتعالى نبيَّهُ الأميَّ صلّى الله عليه وسلّم أن يتلُوَ ما أنزلَه عليه، وهي هذه الآيات، فيقولُ له: اقرَأ مستعيناً ومستفتِحاً باسمِ ربِّك الذي خلقَ كلَّ شيء.

ثمَّ بيَّنَ أصلَ خَلْقِ الإنسانِ فقال: خَلَقَ الإنسانَ من الدَّم المتجمِّدِ العالِقِ بالرَّحِم، ثمَّ كرَّرَ الأمرَ بالقراءة اهتماماً بها، فقال: اقرأ وربُّكَ المتصِف بكمال الكرم، ومن كرَمِهِ أنْ علَّم الإنسانَ الكتابةَ بالقلم، فحفِظَ به علومَه، ومن كرَمِه أنه علَّم الإنسانَ علوماً كان يجهلها.

6 - 8 - قولُه تعالى: ((كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى *أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى *إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى))؛ أي: ما هكذا ينبغي أن يكونَ الإنسان، أن يُنْعِمَ عليه ربه بتَسْوِيَةِ خلقِه وتعليمِه ما لا يعلم، ثم يَكْفُرُ ويطْغى.

إنَّ الإنسانَ الكافرَ لَيتجاوزُ الحدَّ، ويعصي ربَّه؛ لأجل أنه رأى في نفسه الغِنى بما أنعمَ الله عليه، فاستغنى عن ربِّه، ولمَّا كان منه ذلك، هدَّدَهُ اللَّهُ بأنَّ مَرَدَّه ومصيرَه إليه، فليس له عن ربِّه مَفَرٌّ ولا ملجأ.

9 - 10 - قولُه تعالى: ((أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى *عَبْدًا إِذَا صَلَّى)): نزلت هذه الآياتُ في أبي جهلٍ لما نَهى رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم عن الصلاةِ في المسجد الحرام وحَلَفَ لَيَطَأنَّ رقبتَهُ، وهو يصلي، فقال تعالى: أعلِمْتَ أيها المخاطَب عن خبرِ الذي يَنْهَى محمداً صلّى الله عليه وسلّم عن الصلاة في المسجد الحرام، ألم يعلمْ بأن الله يراهُ، فيخاف سطوتَهُ وعقابَه؟.

11 - 12 - قولُه تعالى: ((أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى *أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى))؛ أي: أرأيتَ أيها المخاطَب إن كان محمداً على الاستقامةِ والسَّدَاد في أمر صلاتِه؟، أو كان آمراً باتقاء الله، والخوفِ منه؟، أيَصِحُّ أن يُنْهَى عن ذلك؟!.

والواقعُ أنَّ هذا الكافرَ ينهاه، وهذا تعجيبٌ من حاله، إذ كيف يُنهَى من كان بهذه الصفةِ من الهُدى والأمرِ بالتقوى؟!.

13 - 14 - قولُه تعالى: ((أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى *أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى))؛ أي: أرأيتَ أيها المخاطَب إن كان هذا الناهي مكذِّباً بالله، ومُعْرِضاً عنه؟، أيعملُ هذه الأعمال، ولم يوقِن بأنَّ الله مطَّلِعٌ عليه، بصيرٌ به، يعلمُ جميعَ أحواله؟!.

15 - 16 - قولُه تعالى: ((كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ *نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ))؛ أي: ليس الأمرُ كما قالَ وفعلَ هذا الناهي، فإنه لا يقدِرُ على إنفاذِ ما أراد، ثُمَّ يقسِمُ ربُّنا على أن هذا العبدَ الناهيَ إن لم يترك أعمالَه هذه وينتهي عنها ليأخُذنَّه مجذوباً من مقدِّمة رأسِه، وهذه الناصية ـ والمراد بها صاحبها ـ يصدُرُ عنها الخطأ والذنب، والكذِب في القول.

17 - 18 - قولُه تعالى: ((فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ *سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ)): لمَّا نهى أبو جهلٍ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم، انتَهَرهُ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال أبو جهل: «علامَ يتهدَّدُني محمد، وأنا أكثرُ أهلِ الوادي نادياً»، فقال الله: فَلْيَدْعُ أبو جهلٍ أهلَ مجلسِه الذين ينتصرُ بهم، فإنه إن فعل، فإننا سندعو لهم ملائكةَ العذاب، الذين يدفعونَهم إلى العذاب دفعاً شديداً.

19 - قولُه تعالى: ((كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ))؛ أي: ليس الأمرُ كما يظنُّ أبو جهلٍ فيما قاله من اعتزازِه بكثرةِ ناصِريه، فلا تسمعْ له ولا تخفْ منه في نهيِه إياكَ عن الصلاة، بل اسجُدْ لله، وتقرَّبْ إليه بكثرةِ الصلاةِ له، والله أعلم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى