​في أبين كباقي المحافظات.. استقبال العيد بلا كسوة

> زنجبار «الأيام» سالم المسعودي:

>
توشك أيام عيد الفطر المبارك أن تهل على المسلمين في كافة بقاع المعمورة بعد صيام الشهر الفضيل، فيحتفل المسلمون بهذه المناسبة التي يعبرون خلالها عن فرحتهم بلبس الجديد من الملابس وإعداد الولائم وتوزيع الحلويات والإكثار من الزيارات للأقارب والأصدقاء، إلا أن العيد في هذا العام الذي اقتراب دون أن تتمكن حتى اللحظة الكثير من الأسر الفقيرة في جنوب البلاد والشمال من شراء كسوة العيد لأطفالهم أسوة بالأسر الميسورة في البلاد وباقي بلاد المسلمين نظرًا للارتفاع الجنوني في أسعار الملابس الذي تشهده أسواقنا منذ ما يقارب ثمانية أعوام نتيجة الحرب العبثية التي تفاقمت بسببها الأوضاع المعيشية للسكان واتسعت في البلاد دائرة الفقر لتشمل أكثر من نصف سكان الجنوب والشمال على حدا سواء.

أكثر من نصف سكان الجنوب والشمال يعيشون تحت خط الفقر ولا يحصلون حتى على نصيبهم الكافي من الغذاء، الأمر الذي أدى إلى ضعف مناعة الفقراء وأصبحوا عرضة لمختلف الأمراض والأوبئة، وتجتاح الأطفال بالذات حالات سوء التغذية في بلد يشكو سكانه من عدم اهتمام دول التحالف العربي وحكومة المناصفة بالجوانب الاقتصادية للبلاد وبالغلاء الذي تتصاعد وتيرته يوما بعد يوم دون وضع حلول ومعالجات ناجعة لهذا الوضع  المتردي والذي أسهم في انهيار سعر صرف العملة المحلية للبلد الريال، مقابل العملات الأجنبية.


هذا الانهيار الاقتصادي المروع رمى بظلاله وتأثيره البالغ على الحالة المعيشية للفقراء وميسوري الحال في البلاد والذين أصبحوا لا يملكون تكلفة شراء الخبز والدواء علاوة على شراء الملابس التي يحلم بها أطفالهم حتى أنه لم يعد يتذكر الكثير منهم متى كان آخر عام احتفلوا فيه بالعيد وهم يلبسون ملابس جديدة.

سالم البدوي، من سكان مدينة جعار بمحافظة أبين قال في رده على سؤالنا حول إمكانياته لشراء ملابس العيد لأطفاله قال: "يا سيدي لم تعد لدينا إمكانية لشراء قوت يومنا لنا وأطفالنا، توفير الغذاء أصبح اليوم حلمنا اما حلم شراء ملابس العيد لأطفالنا فقد مات هذا الحلم فينا منذ سنوات مضت، فلم يراعي الاشقاء في التحالف العربي ولا حكومة الفساد والمفسدين حالة الفقراء في البلاد وكل اهتماماتهم وإمكانياتهم تسخر للجوانب العسكرية وكل ما يتعلق بالحرب وكل الأسر التي لديها شباب عساكر في الأحزمة والنخب والجيش والأمن ويستلمون بالريال السعودي ويعيلون أسرهم بهذه المرتبات لا يشكلون سوى نسبة عشرة في المائة من سكان البلاد وكذلك المستفيدين من راشن الغذاء العالمي لا يشكلون سوى نسبة عشرة في المئة أيضًا والنسب المتبقية من سكان البلاد تأكل من القمامة وعلى أيدي المحسنين".

واستطرد: "أما أنا ومن مثلي كثيرون من فقراء البلاد والذين يتم تصنيفنا كبار السن وأولادنا صغار في السن ولم يتم قبولهم في العسكرة لأنهم صغار سن ولم يقبلونا نحن لأننا كبار في السن ! نعاني من حالة فقر لا يعلم بها إلا الله، وندعوه صباح ومساء أن ينتقم لنا من كل الطغاة الذين يفرضون على بلادنا حالة الحصار الاقتصادي وسياسة افقار جميع سكان البلاد".

من جانبه، قال المواطن عبدالله الصبيحي، وهو عامل بالأجر اليومي مع أصحاب المزارع، "ارتفعت الأسعار أضعافا مضاعفة وأجرة العامل لم ترتفع فأنا اتقاضى أربعة ألف ريال من الصباح الى الظهر والفين وخمسمائة ريال من العصر إلى المغرب، المجموع 6500 ريال لا تكفيني لتوفير قوت يومي لي ولأطفالي أما موضوع كسوة العيد فهو أصبح حلما بعيد المنال بالنسبة لنا نحن الفقراء".

والتقينا بأحد رعاة الماشية ويدعى أحمد الراعي، والذي أجاب على سؤالنا بقوله "لدي سبعة كباش (خرفان) أربيهم لكي أبيعهم في عيد الأضحى وأسدد بهم بعض من ديوني إلا أن أبنائي وبناتي السبعة أصروا على ضرورة شراء لهم كسوة العيد هذا العام، لطالما وقد حرموا من الكسوة ثلاثة أعوام مضت فذهبت بالسبعة كباش إلى سوق الأغنام في جعار وأقول في نفسي سأشتري بنصف قيمتهم ملابس لأطفالي والنصف الآخر سأشتري به مواد غذائية، لكنني فوجئت بأن سوق الأغنام في مدينة جعار يعاني من حالة ركود غير مسبوقة وكل رعاة الماشية يبيعون اغنامهم لشراء ملابس لأطفالهم، مما أدى ذلك إلى إغراق السوق بالمواشي".

واضطر الراعي لبيع خرفانه بقيمة 40 ألف ريال لكل رأس، ما يعني أن قيمة كل رأس بالكاد تكفي لكسوة واحد من ابناءه، وتمتم يقول: "لم تبق فلوس شراء المواد الغذائية.. امري إلى الله وحسبي الله هو نعم الوكيل".

لم تعد كسوة العيد حلم الفقراء بل الغذاء
لم تعد كسوة العيد حلم الفقراء بل الغذاء

ايمن سالم الكازمي، هو نحال صادفناه في سوق المدينة، وحينما سألناه رد سريعًا: "لا تسألني عن إمكانياتي لشراء كسوة العيد لي ولأطفالي بل اسألني من اين استطيع توفير قيمة السكر لإنقاذ ما تبقى من نحلي بعد أن ارتفعت أسعار السكر حتى أصبحت خيالية ومعظم نحلي نبر لأنني لم استطع توفير له تغذية بالمحلول السكري".

وأضاف: "رغم ارتفاع أسعار السكر إلا أن أسعار النحل هبطت إلى أدنى مستوى لها حيث بلغ سعر صندوق النحل في سوق النحل في زنجبار 10 آلاف ريال، بالله كيف أستطيع شراء كسوة لي ولأطفالي وأقل كسوة تحتاج أربعين ألف ريال للفرد الواحد".

أما صالح العسكري، فهو موظف في إدارة الأمن قال: "راتبي 60 ألف ريال فقط ولدي خمسة أطفال وأنا وأمهم والراتب مع غلاء أسعار الملابس لن يوفر إلا كسوتين لطفلين فقط.. ما زلت أكلم نفسي وأتناقش مع زوجتي نشتري كسوة العيد لمن من أولادنا الخمسة ونترك من؟ أو نفكر بما هو أهم وهو الغذاء الذي يشكل أكبر تحدٍ أمامنا مع ارتفاع الأسعار في كل حاجة وليس أمامنا سوى رب ندعوه على الظالمين ونسأله أن يوقف هذه الحرب التي يدفع ثمنها نحن الفقراء، ونقول حسبنا الله ونعم الوكيل، وإنا لله وإنا إليه راجعون".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى