"حبة الكشري" اللحجية ماذا نعرف عنها؟

> من الاشياء الجميلة والمتميزة وتكاد تكون نادرة في كثير من المجتمعات هي مبادرة الانسان اللحجي عبر تأريخه الثقافي في ابداع وابتكار فنونه ليس فقط منذ عصر النهوض الثقافي الذي بدأ مع رائد ذلك النهوض الامير احمد فضل بن علي العبدلي(القمندان) وحسب وانما قبل ذلك بفترة بعيدة جدا ترجع الى الازمنة اللحجية التي وجدت اثارها وحفائرها في عاصمة لحج انذاك وهي منطقة "الرعارع" الواقعة جهة الشرق من حاضرتها الحالية مدينة "الحوطة"،وايضا في عاصمتها الاقتصادية في ذات الفترة تقريبا وربما كانت فترة غير بعيدة عنها وهي المنطقة المعروفة والممتدة حاليا من جهة غرب وادي تبن الى مناطق "صبر "و"الوعرة" وقرية "العماد" جنوبا، وهي بلدات لحجية ذات حضارة عريقة ضاربة في الوجدان الجمعي للانسان اللحجي بانجازاتها ذات الخصوصية المتميزة والدالة على هوية ثرية وزاخرة في كثير مما نسميه اليوم موروثنا الثقافي الشعبي والذي ابدعه هذا الانسان عبر حضوره الايجابي الفاعل فيه إذ تجاوز في ابداعه هذا الامثال الشعبية والموسيقى والرقص الشعبي بفنونه المختلفة والشعر الشعبي الشفاهي والمكتوب على حد سواء وكذلك اغاني واهازيج الزراعة بمواسمها المختلفة الى ابداعاته المشهود له بها في كتابات المؤرخين والرحالة التي تؤكد حضوره في معمعة الحياة اليومية لهذا الانسان وبكل ماله علاقة باسباب كدحه ومعيشته، ولنا هنا ان ندرج احتفالات ابناء لحج بعديد المناسبات وباسلوبهم الابداعي المميز الذي ترك اثاره واضحة جلية على الموروث الشعبي لكثير من المجتمعات المجاورة بل وتجاوزها الى المجتمعات العربية في الجزيرة والخليج العربي.

حقا لقد برزت الاغاني كوسيلة معبرة ومترجمة للانجاز المادي للانسان اللحجي ولسان حاله الناطق بمصداقية احاسيسة ومشاعرة تجاه كل شأن من شئون حياته العامة والخاصة، وكان للجانب الروحي والديني نصيب في هذا الاحتفاء والذي يعد من مظاهر ابتهاج وفرح الانسان  اللحجي اذ كانت له عاداته الخاصة التي لاتستهين ابدا بجوانب عقيدته فتجده ملتزمافي اداء عباداته ومتبتلا فيها بصفاء روحي سواء داخل المساجد ولانغالي اذا قلنا خارجها من خلال احياءه وحبه في اوقات فراغه ولهوه لممارسة اداء الاغاني والاناشيد الدينية وهذا نراه جليا على سبيل المثال وليس الحصر في احتفالاته بالمولد النبوي الشريف واستقباله لشهر رمضان الفضيل وعيد الفطر من كل عام ، وله في هكذا عادات روحانيته الخاصة من خلال عدد من المحفوظات التي بقيت خالدة الى يومنا هذا والتي يسهم بها الجميع بمافيهم الاطفال الذين نجدهم قد توارثوها في احتفالاتهم والعابهم وغدت تقليد حميد كأحتفالية الترحيب بقدوم شهر رمضان المبارك ودخوله وايضا في وداعه وخاصة في يومي 29و30 منه.

ولعل اهزوجتهم المعروفة باسم (حبة الكشري) هي خير مثال على ماتقدم ذكره ، ولنا في كلماتها بلهحة اهل المحل- اللهجة اللحجية الجميلة- وايضا لايقاعها وقعا جميلا على النفس والسمع معا اضافة الى مايلازمها من حركات تعبيرية غاية في جمال براءتهم وبهاء ونقاء سريرتهم وفطرتهم وهم يرددون بصوت واحد:

ياحبة الكشري  الله الله
لاتنجحي قبلي  الله الله
اندونا اندونا  لانتوا تبونا
وهكذا دواليك تستمر الاهزوجةبذات الكلمات وذات الايقاع الجميل واثناء تجوال الاطفال ومن الجنسين ومرورهم على جميع البيوت في الحارة والحي او القرية والساكن وربما مضوا الى الاحياء المجاورة في ذات المدينة او الى قرى وسواكن قريبة لقراهم وسواكنهم فتجد الاهالي يلاقوهم بذات الفرح والابتهاج وبتلبية طلبهم واعطاءهم مالذ وطاب من حبات التمر او الحلويات كالشيكولاته بلنواعها المختلفة المعروفة في لحج باسمها ذائع الصيت الا وهو "النعنع" .

السؤال هنا والذي يواجهني كثيرا داخل لحج وخارجها،ماذا عن حبة الكشري التي يرد ذكرها في مطلع الاهزوجة؟ للاجابة على هذا التساؤل اقول: بان حبة الكشري هي واحدة من انواع الحبوب الصغيرة جدا وتشبه حبة العدس المعروفة لنا جميعا، ويعتقد ان هذه المفردة قد دخلت قاموس اللهجة اللحجية في زمن تواجد الايوبيين والفاطميين في لحج وهو الاعتقاد الصحيح نسبة الى شيوع مفردة الكشري في اللهجتين المصرية والشامية والى يومنا هذا

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى