هل يتدخل الخليج لإنقاذ البحر الأحمر من كارثة "صافر"؟

> يوسف حمود

> ​لا يزال الزخم الدولي والإقليمي مستمراً؛ في محاولة لحل أزمة ناقلة "صافر" النفطية الراسية قبالة سواحل محافظة الحديدة غربي اليمن، والتي باتت تشكل تهديداً بيئياً كبيراً على البحر الأحمر.

وتجلى هذا الزخم في إعلان الأمم المتحدة، في 9 أبريل الماضي، عن خطة طارئة لحل أزمة الناقلة، وصَفتها بأنها "قابلة للتنفيذ وتحظى بدعم أطراف النزاع"، غير أنها فشلت في إيجاد التمويل اللازم حتى الآن لتنفيذ خطتها.

وتتصاعد التحذيرات الدولية يوماً تلو آخر حول هذه الأزمة، وسط تساؤلات عما إذا كانت دول الخليج وفي مقدمتها السعودية، ستبادر إلى استكمال التمويل المطلوب لوقف الكارثة، خصوصاً أنها في حال حدثت، قد تكون أحد المتضررين منها.

تحذيرات جديدة

لا تتوقف التحذيرات المستمرة من خطر كارثة خزان صافر النفطي، والتي كان آخرها تحذير أصدرته الولايات المتحدة وهولندا، في بيان مشترك، حيث أشار الجانبان إلى "التهديدات الاقتصادية والبيئية والإنسانية التي تشكلها صافر في منطقة البحر الأحمر"، داعيتين إلى دعم جهود الأمم المتحدة لمواجهة هذه التهديدات. 

جاء ذلك في بيان لوزارة الخارجية الأمريكية، 27 مايو 2022، عقب اجتماع استضافه السفير الهولندي لدى الولايات المتحدة أندريه هاسبلز، وشارك فيه المبعوث الخاص للولايات المتحدة ليندركينغ، والسفير اليمني في واشنطن محمد الحضرمي، وممثلون عن السلك الدبلوماسي في العاصمة الأمريكية.

ووفق البيان شدد المشاركون في الاجتماع على أهمية جمع 144 مليون دولار؛ من أجل تمويل خطة الأمم المتحدة التشغيلية، التي تتضمن 80 مليون دولار لعملية طارئة لتفريغ النفط من "صافر" إلى سفينة مؤقتة.

وذكر البيان: "تمّ جمع ما يقرب من نصف الأموال المطلوبة لعملية الطوارئ هذه في اجتماع التعهدات الذي استضافته الأمم المتحدة وهولندا، الشهر الماضي، غير أن ثمّة حاجة ماسة لمزيد من التبرعات للمضي قدماً في العملية".

ودعا المجتمعون "المانحين من القطاعين العام والخاص إلى التفكير في تقديم مساهمات سخية؛ للمساعدة في منع التسرب أو الانسكاب أو الانفجار"، وهو ما قد يترك آثاراً مدمّرة على سبل العيش والسياحة والتجارة في أحد ممرات الشحن الأكثر حيوية في العالم، بحسب البيان.

ويشير بيان الوزارة إلى أنه بحلول أكتوبر، "ستجعل الرياح العاتية والتيارات المتقلبة عملية الإنقاذ التي تقودها الأمم المتحدة أكثر خطورة وسترفع خطر تحطم السفينة".

تمويلات ضعيفة

في أبريل الماضي، أعلنت الأمم المتحدة عن تنظيم مؤتمر دولي للمانحين، يُعقد في مايو؛ لجمع تبرعات لخطتها الطارئة بقيمة 80 مليون دولار، لإنقاذ ناقلة النفط "صافر" المهددة بالغرق قبالة ميناء رأس عيسى بالحديدة.

وفي 11 مايو 2022، أعلنت الأمم المتحدة وحكومة هولندا الحصول على 33 مليون دولار؛ لدعم تنفيذ خطتها التشغيلية المنسقة الرامية إلى التصدي لتهديد "صافر".

وأشار بيان مشترك يومها، إلى أن المؤتمر يمثل بداية الجهود الرامية إلى جمع 144 مليون دولار التي تتطلبها الخطة، وضمن ذلك 80 مليون دولار، لتنفيذ العملية الطارئة وتركيب السفينة البديلة المؤقتة.

وفي18 مايو، أعلن الاتحاد الأوروبي تقديم 3 ملايين يورو في إطار جمع التبرعات التي أعلنت عنها الأمم المتحدة، لتصل قيمة التبرعات إلى نحو 36 مليون دولار.

وتقول الأمم المتحدة، إنه في حال حدوث تسرب، من المتوقع أن تكلّف عملية التنظيف وحدها 20 مليار دولار.

في أبريل الماضي، حث مجلس التعاون الخليجي، مجدداً، على حل أزمة "سفينة صافر"، كما أكد في بيان، دعمه الجهود الأممية المبذولة لوقف هذه المأساة.

وشدد الأمين العام للمجلس، نايف الحجرف ، خلال لقائه منسق الشؤون الإنسانية في اليمن ديفيد جريسلي، والمبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ، على "دعم الجهود الدولية في التعامل مع الخزان"، الذي تحول إلى ما يشبه القنبلة الموقوتة، من جرّاء منع الحوثيين على مدى سنوات، الفريق الأممي من صيانته.

تواطؤ أممي..

يتهم الباحث في الشأن الاقتصادي عبد الواحد العوبلي، الأمم المتحدة منذ بداية تدخلها في قضية الباخرة "صافر" عام 2018، بـ"التواطؤ بشكل ما مع مليشيا الحوثي، والإبقاء على صافر في مكانها والنفط داخلها وعدم حل المشكلة".

ويرى أن الأمم المتحدة تحرص "دائماً على المضي نحو تدخلات غير مجدية مثل الفحص أو الصيانة بغرض استهلاك الوقت والتمويلات، بدلاً من حل المشكلة بسحبها وتفريغها من النفط بميزانية لا تساوي حتى عُشر ما يريدون جمعه اليوم".

ويؤكد "العوبلي" لـ"الخليج أونلاين"، أن "الأمم المتحدة تعرف أن حل مشكلة الباخرة صافر ويعني حرمانهم من مورد مهم للتمويلات سيخسرونه لو تم حل المشكلة"، مشيراً إلى أن ما يحدث "يُعد جزءاً من الفساد المهول الذي تقوم به الأمم المتحدة في اليمن للانتفاع والتربح من الحرب".

وفي ما يتعلق بدول الخليج بشكل عام والسعودية بشكل خاص، يعتقد أن موقفهم من الباخرة "يخرج عن سياستهم التي يمارسونها في اليمن منذ بداية الحرب"، والتي يقول إنها أضعفت الدولة اليمنية.

ويضيف: "لا أمل من تدخّل السعودية والخليج في الموضوع مستقبلاً بحكم أنه كان بإمكانهم التدخل طوال السنوات الماضية ولكنهم لا يرغبون في ذلك".

وأشار إلى أن "السعودية بشكل خاص لا تدرك أن استمرار الحوثي ومشاكله من عينة الباخرة صافر سيعود عليهم بالضرر، وأن تعاملهم مع الحوثي بهذه السياسة سيجلب عليهم الويلات، فضلاً عن الوصول إلى مطامعه".

مخاطر كبيرة

تقول الأرقام المتوافرة، إنه يوجد في خزان صافر حالياً مليون و140 ألف برميل نفط خام، فيما تشير المعلومات إلى أن الخزان بدأ بالتهالك، وأن انفجاراً وشيكاً سيحصل في حال عدم تفريغه أو صيانته.

وفقاً للسيناريوهات المتوقعة، فإن الناقلة تواجه سيناريوهين خطيرين محتملين؛ الأول حدوث انفجار أو تسرُّب، قد يؤدي إلى واحدة من أسوأ الكوارث البيئية التي شهدها العالم. أما السيناريو الثاني فهو حدوث حريق كبير، سيتأثر معه نحو 3 ملايين شخص في الحديدة ومناطق الساحل الغربي كافة، بالغازات السامة وقد تصل إلى الدول الأخرى ومن بينها السعودية المجاورة لليمن.

كما ستتغطى 4% من الأراضي الزراعية المنتجة في اليمن بالغيوم الداكنة؛ مما يؤدي إلى تلف المحاصيل الزراعية، إضافة إلى تعليق المنظمات الإنسانية خدماتها الإغاثية، لتنقطع المساعدات عن 7 ملايين شخص من اليمنيين، وفقاً لمنظمات معنية بـ"البيئة".

ومن بين الآثار التي قد يخلفها في حال انفجر أو تسرب محتواه، التسبب في فقدان 115 جزيرة يمنية بالبحر الأحمر تنوعها البيولوجي، وفقدان 126 ألف صياد يمني مصدر دخلهم بمناطق الصيد اليدوي، فيما سيتعرض 850 ألف طن من المخزون السمكي في المياه اليمنية لتهديد النفوق داخل البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن.

كما ستقتل بقع النفط الخام المتسربة 969 نوعاً من الأسماك (الأسماك الساحلية وأسماك الأعماق)، و300 نوع من الشعاب المرجانية ستختفي، إضافة إلى اختناق 139 نوعاً من العوالق الحيوانية التي تعيش في المياه اليمنية.

ووفقاً للتقديرات سيحتاج اليمن- في حال وقوع كارثة تسرب النفط الخام (الوشيك) من الناقلة "صافر"- إلى معالجة أضرار التلوث البحري مدة طويلة، قد تزيد على 30 سنة قادمة، كي تتعافى بيئة البحر الأحمر.

الخليج أونلاين

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى