المنطق المعوج

> مشروع الوحدة تعثر والفشل والتحايل السياسي لن يحييها ولن يمكنهم من إعادة احتلال الجنوب، بل هو طريق لزعزعة الأمن والاستقرار للمنطقة وزيادة لمعاناة أبناء الجنوب وأبناء اليمن ودول المنطقة، ويعطل الملاحة الدولية ويولد بيئة حاضنة للإرهاب.

مشروع الوحدة فشل وأعلن الجنوبيون فك الارتباط في خضم حرب بين طرفي الوحدة تقلب فيها نظام صنعاء على الجنوب ومارس الاحتلال بأبشع صوره، وقاوم الجنوبيون ذلك بكل الوسائل وكان أهمها النضال السلمي الذي هز أركان الاحتلال وكاد الجنوب يتحرر فكرر اليمنيون غزو الجنوب في عام 2015م وقاوم الجنوبيون ذلك الغزو مقدمين التضحيات الجسام، فتولد التحالف بين (الجنوبيين ودول التحالف العربي وشرعية هادي وحكومته اليمنية المعترف بها دوليًا التي انقلب عليها الحوثي وأخرجها من صنعاء)، هذا التحالف كان هدفه محاربة الحوثي والمشروع الإيراني وإنهاء الانقلاب وتحرير الجنوب من الاحتلال السابق والغزو الجديد ونصرة المشروع العربي وهوية المنطقة العربية وأمن واستقرار دول المنطقة وتأمين الملاحة الدولية، وحتى اليوم استطاع الجنوبيون بدعم من دول التحالف تحرير الجنوب، لكن تغلب المنطق المعوج وشنوا حرب الخدمات على الجنوب (من قبل الحليف شرعية هادي وحكومته) وإبقاء الجنوب رهينة حتى يستعيدوا صنعاء ومحاولة تكريس الاحتلال اليمني للجنوب مرة أخرى، ودخلوا في حرب مع أبناء الجنوب الذين حرروا الأرض وفقًا للمنطق المعوج بدلًا من محاربة الحوثي الذي سلموا له أراضي يمنية كانت محررة وسلموا له السلاح الذي أعطي لهم من دول التحالف العربي، وبواسطة من التحالف العربي والأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربي تم توقيع اتفاق الرياض وعقد مشاورات الرياض وأصدر الرئيس هادي إعلان نقل السلطة لمجلس القيادة واشترك الجنوبيون والحكومة اليمنية في مجلس القيادة مناصفة وفي الحكومة مناصفة بهدف توحيد الجهود العسكرية لمحاربة الحوثي وتحقيق الأهداف المشار إليها أعلاه، أما بعد أن ظهر جنوح دول التحالف العربي والحكومة اليمنية إلى السلام وانتهاج الحلول السياسية فإن توحيد الجهود العسكرية لمحاربة الحوثي وتحقيق الأهداف أعلاه لم يعد مطلوبًا، وبالتالي تسقط كل ما تمت من اتفاقات أكانت على صعيد القوات أو غيرها، والقائم من تلك التوافقات هو وقف الحرب والحلول السياسية، وبهذا لم يعد هناك مبرر لتوحيد القوات خصوصًا وأن الجميع يعلم جيدًا أن الجنوبيين ذاهبون إلى استعادة دولتهم، إلا إذا كان ذلك حذلقة سياسية من اليمنيين الهدف منها تقويض سيطرة الجنوبيين على أرضهم وابتلاع قواتهم وليس التحالف وتوحيد الجهود لمواجهة الحوثي التي كانت مفترضة، وأن الهدف من العودة إلى عدن والتحالف في حكومة واحدة بهدف مواجهة الحوثي في مفاوضات وقف الحرب وفي العملية السياسية وليس بهدف تقويض انتصارات شعب الجنوب وإعادة احتلال الجنوب.

إن المنطق يقول إذا اليمنيون في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا يريدون استعادة صنعاء وتقوية وجودهم في السلطة هناك حتى في ظل حكومة ائتلاف مع الحوثي، فعليهم دعم الجنوبيين للسيطرة على بلادهم وإدارتها كحلفاء لهم بحيث يكون الجنوب أيضًا خلفية وانطلاقة لهم لتعزيز مكانتهم في صنعاء ويفاوضون الحوثي على الشمال ويشاركونه في حكمها ولا يسمحون له بالوصول إلى الجنوب الذي هو خلفية وحليف لهم وليس العكس، لكن يبدو أننا أمام منطق معوج فهم يريدون الانقضاض على الجنوب وتمهيد الطريق للحوثي ليشاركهم في إعادة احتلال الجنوب، ثم أين مصلحة التحالف العربي والهوية العربية وأمن واستقرار المنطقة والملاحة الدولية في ظل هذه المعادلة؟

فلو أنهم جادون في إنهاء الانقلاب الحوثي أو على الأقل إضعافه واستعادة الجمهورية في صنعاء لأخرجوا القوات الشمالية من الجنوب إلى الشمال ليضغطوا على الحوثي وترك حماية الجنوب لأبنائه وهو من يسند ظهورهم، لكن المنطق المعوج الذي يتبعونه العكس من هذا تمامًا، ولهذا فمنطقهم معوج وسياستهم غبية وأمرهم غريب كغرابة هذه الحرب وهذه التحالفات، لكن عليهم أن يدركوا أن الجنوبيين هذه المرة لن يسمحوا لهم أن يمروا وأن محاولاتهم تلك ستجعلهم يفقدون تعاطف الجنوب معهم ويفقدون الشمال في آن واحد، سيفقدون الجنوب كحليف وخلفية لهم وسيفقدون الشمال كوطن لهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى