كلهم علي سعيد

> سوف يصل بايدن إلى الرياض، لكنه لن ينزل إلى الحوبان لفتح الطريق، هو سيأتي من أجل النفط، ومصافحة الأمير وسيذهب.

لا أحد سينظر إلى البلد بعين الشفقة غير أبنائه، حتى دبلوماسية هيئة الأمم عجزت أن تضع حلًا للمشكلة.

نحن الشعب نرى كل يوم إشراقة أمل على الرغم من قتامة المشهد.

كل الناس تنشد السلام، وفي أعماقهم تغنّي بلابل الحُب، تراهم يحلمون مع كل صباح للذهاب في ظلال الأمان إلى الحقول وهم يرددون أغاني الرعاة.

كمثل هؤلاء الباعة المتجولون في الصباح والمساء يمنحون الناس مساحة من الأمل عريضة، حتى صار السوق متنفسًا يدلف إليه الناس، فيجدون فيه متعة رواج الباعة، ولمسة عروض السلع، حتى كأن هذه الأماكن لم يمسّها شؤم الحرب، على الرغم من أن الأسعار تشتعل مثل النار.

سيكون من المناسب التقاط فرصة " الهدنة" من أجل تسوية النزاع والوصول إلى سلام دائم.

عندما نتأمل في طبيعة الوضع ومسرح الحياة، سنجد أن المواطن هو من يصنع الأمل، وليست الحكومة من يجعل الحياة تدبُّ في الأسواق، إنما هذا الشعب الكادح المكافح.

فقد خرج أشخاص لممارسة مهنة التجارة بعد أن توقفت رواتبهم وضاق بهم الحال، هذا يفترش الأرض وأمامه سلة بطاطس، والآخر يعرض بضاعته في صندوق طماطم، وهذا يقف وأمامه سمك يقطّعه للزبائن كيلوهات، وهذا سلعته شراب الليمون أو الأناناس البارد، وكلهم يكسبون المال وينفقون على العيال، كأنهم في نزهة، وقد ذهب عنهم بؤس الحال ((إن الله هو الرزّاق ..)).

حتى لو مضى المواطن هائمًا على وجهه يبحث عن قوت يومه، لكنه لا يغفل عن الظلم الواقع عليه.

فقد بدأت الناس تتحدث عن "المال المنهوب"، وكيف أن الحكومة كانت تستطيع أن تحافظ عليه وتصرفه لمصلحة الشعب، وتعزيز خدمتي الماء والكهرباء.

إن المواطن يستعد الآن لإشعال شرارة الثورة في الشارع ضد الفساد أكان في الرئاسة أم الوزارة.

فقد مضى شهر الأحلام " إبريل" الذي جاء بمجلس الرئاسة، وتبعه مايو وجاء من بعده يونيو، ولا جديد عدا خروج المواطن في عدن للمطالبة بعودة الإدارة الذاتية.

هذا الشعب كان يستحق قُبلة على رأسه لكنه خذلته الحكومات المتعاقبة وتمادت في إفقاره، وهو يلح الآن لنصب الميزان وإقامة الحساب فقد طفح الكيل.

بعض المراقبين يهمس أن رئيس مجلس القيادة في طريقه للاعتكاف مجددًا في الرياض، إذا لم يفِ التحالف بالتزاماته تجاه الحكومة.

بينما الرياض تعد وتستنفر لزيارة بايدن المرتقبة.

ليست مأرب وحدها من احتضن القادمين من محافظات الشمال، بل حتى عدن فعلت، لكن كوفئت عدن بجزاء سنمار.

لقد فتحت عدن قلبها للوافدين إليها منذ أكثر من ثلاثة عقود، بينما كانت مأرب رمالها على السّد وسكّانها قليلون في صحراء مفتوحة لهبوب الرياح وسباع البراري.

وكما فتحت عدن أسواقًا لأبناء الشمال صارت تكتظ من الزحام، كذلك فعلت لحج، فقد لَفَتَ سوق الحلوى في منطقة العند انتباه الغاديين والرائحين في أسفارهم بين المحافظات، وتنافس الباعة هناك في صناعة الحلوى وعرضها بأصنافها وألوانها وأذواقها في صحون وقصاع وكراتين صغيرة خلف زجاجات بديكورات جذّابة.

والملفت في السوق أن كل صاحب محل يسمّي نفسه "علي سعيد" صانع الحلوى الشهير في مدينة الراهدة رحمة الله عليه.

هذا الرجل من ولع الناس بصناعته جدير أن يسمّونه الملك صانع الحلوى والفَرَح.

لا أحد في السلطة لديه رصيد من المحبة في قلوب الناس، كالتي حازها أشخاص بسطاء عملوا بإخلاص وأمانة وبرزوا في وظيفتهم حتى قلّدهم الناس وتقمّصوا شخوصهم.

وحديثًا تمنّى رجل طاعن في السن يعشق الحلوى، لو أن مسؤولًا في الحكومة نجح في وظيفته فقلده أقرانه من المسؤولين وتقمّصوا شخصيته كما فعل باعة الحلوى في مدينة العند.. لصارت اليمن " حلوة" بزعمه.

وقد قيل الذِّكر الجميل عمرٌ ثانٍ:

إنّ الكرامَ إذا ما أُرسِلوا ذَكَروا

مَنْ كانَ يألَفُهم في المنزلِ الخَشِنِ.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى