​الأخطاء الخمسة ..لقيادة الإنتقالي

> بالرغم ان النظام الأساسي للإنتقالي المكتوب والمتفق عليه بين شعب الجنوب وقيادة الإنتقالي يخلوا من الإختلالات لغوية او مفاهيمية، يبدو ان خللا في المفاهيم قد استشرى بفعل فاعل في عقول قادة الإنتقالي و اتضح لنا بالدليل القاطع ان لدينا من يفهم حرية الوطن من باب تواجده في الحكم او حصوله على امتيازات سلطوية.

ان تحكم لا يعني انك في وطن حر وشتان بين من يحكم وطناً حرا وبين من (يحكم) وطنا مُسيطراً عليه . هذا هو اول  الأخطاء الإستراتيجية التي قام بها من فوضناهم بتمثيلنا..قيادة المجلس الإنتقالي تحديداً.


الخطأ الإستراتيجي الثاني الذي وقعت فيه القيادة الإنتقالية، هو تحويل الجمعية الوطنية التي كان يجب جعلها القاطرة السياسية لقيادة القيادة، الى مجموعة شقاة لا يملكون اي قدرة سياسية للفعل السياسي واملائها على المجلس القيادي .

اي ان القيادة قلبت الأدوار رأسا على عقب.. ناهيك ان اغلبيتها غير مؤهلة او ضعيفة التأهيل سياسيا، للعب دور ممثل الشعب القوي، و غير مؤهلة لرسم خطى مسيرته نحو الاستقلال،وهو  الأمر الذي جعل القيادة تفقد قدرتها التمثيلية للشعب وجعلها في واد، ووثيقة وبرنامج عمل المجلس في واد آخر.

الخطأ الإستراتيجي الثالث الذي فعلته قيادة المجلس، و لا نقول وقعت فيه( وعلى مدى خمس سنوات)، يتمثل في عدم لملمتها الكيانات السياسية والتكوينات الشعبية والشخصيات السياسية والإجتماعية الجنوبية الكفؤة، والمتفقة على الهدف الرئيس، (حتى وان وُجدت بعض الإختلافات) فيما بينها وبينه، و عدم تحشيد الشارع الجنوبي وشحنه المستمر الذي كان ينبغي ان يتصاعد في زخمه بما يخدم التعبير الواضح عن رغبة الجنوب في استعادته لدولته من ناحية وبما يرفع اهداف الجنوبيين للداخل اليمني وللخارج و بما يمنح قيادة المجلس المزيد من الحرية في الفعل ورفع سقف مطالبه، ويحرره من المداهنة السياسية مع ما يُسمى بالتحالف.

اكتفاء المجلس بالتعابير السياسية الركيكة مثل مد اليد للقوى الجنوبية لمرافقته في خطه السياسي، لم تكن كافية أبدا لإيقاف منحنى فقدانه لشعبيته وجماهيريته التي اتخذت منحنى الهبوط حتى وصلت الى ما هي عليه الآن من ضعف. و هذا يبدو واضحا في سلوك الشارع الجنوبي.

الخطأ الإستراتيجي الرابع كنا قد جهرنا به في كتاباتنا و ندوات مكرسة(مثل الندوة التي نظمها مركز مدار للدراسات) لدراسة العلاقة بين الشعب الجنوبي و التحالف العربي. فالتاريخ وعلم السياسة يعترفان بالتحالفات بين الدول والجماعات والمكونات السياسية، سواء منها العسكرية او السياسية او الإقتصادية.

وهناك قواعد واتفاقات ومحدّدات تنظم العلاقة بين المتحالفين. في الحالة الجنوبية جاءت عملية التحالف مع التحالف كأمر مفروض، فرضته ظروف المرحلة لا سيما بعد الغزو الشمالي (الحوثي/ العفاشي) للجنوب.

والحقيقة تقول ان التحالف اساسا جاء استجابة من التحالف لطلب الشرعية(البديلة لسلطة عفاش) لإعادته للحكم في صنعاء وليس استجابة من التحالف لدعم الجنوبيين في نضالهم من اجل استعادة دولتهم.

 تقاطعت مصالح المقاومة الجنوبية مع اهداف التحالف لتكون النتيجة تحرير المحافظات الجنوبية وحسب.

ومن هنا بدأ التحالف بين الدولتين العربيتين مع المقاومة الجنوبية، التي لم تطلع شعبها على تفاصيل التحالف وقوته القانونية والعملية، وهو الأمر الذي لم يسفر سوى عن هيمنة وسيطرة كاملة على كل المحافظات المحررة و ايقاف الدور النظالي للمجلس الإنتقالي.

ولنتحرر من الاحتلال العفاشي/ الحوثي من جهة، ونستبدله بالاحتلال العربي وبتكليف اممي كون البلد قد أُوقِعت بسرعة البرق في براثن البند السابع الأممي والذي ليس للإنتقالي فيه يداً او رأي ولتتم بذلك ربط الهيمنة العربية على البلاد برباط قانوني اممي كبّل الانتقالي من الفعل وجرجره بعيدا عن الهدف الذي وجد لأجله.. بل وتم تحويله تدريجيا الى مجرد عسكري منّفذ لأوامر التحالف.

لا زلنا لا نعرف شيئا عن ماهية الإتفاق التحالفي بين الجنوب ودول التحالف، غير أن اضعاف دور الإنتقالي يتجلى بوضوح في ادائه السياسي كتابع دون كيشوت.. وفي فقدانه دوره القيادي عل مستوى الشارع الجنوبي. هذا الخطأ الجسيم مكن التحالف من ممارسة سياسة التجويع و قطع الرواتب وفقدان السيطرة على اجهزة الخدمات وأزمات الوقود والطاقة واضعاف دور ميناء عدن، كما ولا يزال الاحتقان في صفوف الشعب الجنوبي و ربما ايضا الشمالي، في حالة تزايد ونمو وربما تصل الى نقطة لا نتمناها للتحالف. فالمبلول لا يهمه سكب الماء عليه. ولربما هذا هو اهم الأخطاء الإستراتيجية للقيادة الإنتقالية.

الخطأ الإستراتيجي الخامس في تقديرنا، يكمن في صمت الإنتقالي على عملية التمزيق الممنهج للمقاومة الجنوبية التي انتصرت في حربها لتحرير المحافظات الجنوبية، هذا الأمر ادّى الى ظهور قوى عسكرية متنوعة الولاءات وأدى هذا الى استخدامها كميليشيات في الوقت الذي كان بإمكان الإنتقالي ان يحولها الى قوات للامن لحفظ الأمن الداخلي، و قوات مسلحة عسكرية مهمتها الحفاظ على حدود البلد ومواجهة اي قوى غازية. لا أظن انني بحاجة هنا لذكر السلبيات التي نشأت من جراء ذلك الخطأ، إذ ان الجميع يعيش ويرى ويشاهد مترتبات هذا الخطأ الاستراتيجي بشكل يومي.

وبعد هذه الملاحظات نسوقها للقارئ فقط للتذكير، وكذا براءة للذمة، وحرصا منا على الإنتقالي ،الذي كثيرا ما وجهنا له انتقادات، هي في الواقع نصائح ينبغي عليه الإنصات لها وتصحيحها، هذا طبعا اذا ما توفرت لديه النية بغية تصحيح الأخطاء التي تراكمت حتى اوصلته الى درجة قريبة من الإنهيار  وهو الأمر الذي لا نتمنى حدوثه له.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى